( مَكِّيَّة )
بِسْمِ اللّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (١)
جواب القسم : (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ (٤).
والطارق النجم ، والنجم يعنى به النجوم.
وإنما قيل للنجم طارق لأنه طلوعه بالليل ، وكلُّ ما أتى ليلا
فهو طارق ، لأن الليل يسكن فيه ، ومن هذا قيل : أَطرَقَ فُلَان إذا أَمْسَكَ عَنِ الكلامِ وَسَكَنَ.
* * *
(النَّجْمُ الثَّاقِبُ (٣)
و (الثَّاقِبُ)
المُضِيء لقال ثقب يثقُبُ تقوباً إذا أضاء ، ويقال للموقِدِ :
أثقب نارك أي أَضِئها.
* * *
و (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ (٤)
(لَمَا عَلَيْهَا)
معناه لَعَلَيْها حافظ ، و " ما " لغوٌ.
وقرئت " لَمَّا " عَلَيْها حَافِط - بالتشديد.
والمعنى معنى (إلا) استعْمِلَتْ " لَمَّا " في موضع " إلا " في موضعين :
أحدهما هذا.
والآخر في بَابِ القَسَمِ.
يقال : سَأَلْتكَ لَمَّا فَعلت بمعنى إلا فعلت (١).
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ : (خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (٦)
معناه من فوق ، ومذهب سيبويه وأصحابه أن معناه النسب إلى الاندفاق.
من ماء ذي اندفاق.
* * *
و (يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (٧)
__________
(١) قال السَّمين :
إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا : قد تقدَّم في سورةِ هود التخفيفُ والتشديدُ في « لَمَّاً » . فمَنْ خَفَّفها هنا كانت « إنْ » هنا مخففةً من الثقيلة ، و « كلُّ » مبتدأٌ ، واللامُ فارقةٌ ، و « عليها » خبرٌ مقدَّمٌ و « حافظٌ » مبتدأٌ مؤخرٌ ، والجملةُ خبرُ « كل » و « ما » مزيدةٌ بعد اللامِ الفارقةِ . ويجوزُ أَنْ يكونَ « عليها » هو الخبرَ وحدَه ، و « حافِظٌ » فاعلٌ به ، وهو أحسنُ . ويجوزُ أَنْ يكونَ « كلُّ » متبدأً ، و « حافظٌ » خبرَه ، و « عليها » متعلقٌ به و « ما » مزيدة أيضاً ، هذا كلُّه تفريعٌ على قولِ البصريِين . وقال الكوفيون : « إنْ هنا نافيةٌ ، واللامُ بمعنى » إلاَّ « إيجاباً بعد النفي ، و » ما « مزيدةٌ . وتقدَّم الكلامُ في هذا مُسْتوفى.
وأمَّا قراءةُ التشديدِ فإنْ نافيةٌ ، و » لَمَّا « بمعنى » إلاَّ « ، وتقدَّمَتْ شواهدُ ذلك مستوفاةً في هود . وحكى هارونُ أنه قُرِىءَ هنا » إنَّ « بالتشديدِ ، » كلَّ « بالنصب على أنَّه اسمُها ، واللامُ هي الداخلةُ في الخبرِ ، و » ما « مزيدةٌ و » حافظٌ « خبرُها ، وعلى كلِّ تقديرِ فإنْ وما في حَيِّزِها جوابُ القسمِ سواءً جَعَلها مخففةً نافيةً . وقيل : الجواب إِنَّهُ على رَجْعِهِ ، وما بينهما اعتراضٌ . وفيه بُعْدٌ.
اهـ (الدُّرُّ المصُون).
الترائب : جاء في التفسير أنها أربعة أضلاع من يمنة الصدر وأربَعُ
أضلاع من يَسْرةِ الصدر.
وجاء في التفسير أن الترائب اليدان والرجلان والعينان.
وقال أهل اللغة أجمعون : الترائب موضع القلادة من الصدر.
وأنشدوا لامرئ القيس :
مُهَفْهَفَةٌ بَيْضَاءُ غَيْرُ مُفَاضَةٍ . . . تَرائِبُها مَصْقُولَةٌ كالسَّجَنْجَلِ
* * *
و (إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (٨)
جاء في التفسير : على رجع الماء إلى الإحليل لَقَادِرٌ.
وجاء أيضاً على رجعه إلى الصلب ، وجاء أيضاً على رجعه على بعث الإنسانِ ، وهذا يشهد له
* * *
(يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (٩)
أي إنه قادر على بعثه يوم القيامة.
* * *
و (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ (١١) وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ (١٢)
(ذات الرجع)
ذات المطر لأنه يجيء ويرجع ويتكرر.
قال أبو عبيدة :
الرجعُ : الماء ، وأنشد بيت المنخل الهذلي ؛
أَبيض كالرَّجْع رَسوبٌ إِذا . . . ما ثاخَ في مُحْتَفَلٍ يَخْتَلي
قال يصف السيف ، يقول : هو أبيض كالماء .
(وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ (١٢)
أي تصدع بالنبات.
* * *
(إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (١٣)
جواب القسم يعنى به القرآن ، يفصل بين الحق والباطل.
* * *
(وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ (١٤)
مَا هُوَ بالَّلعِبِ.
* * *
(إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (١٥)
يعني به الكفار ، أنهم يحاتلون النبي عليه السلام ، ويظهرون ما هم
خلافه . .
* * *
(وَأَكِيدُ كَيْدًا (١٦)
كيد اللّه لهم استدراجهم من حيث لا يعلمونَ.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ : (أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا (١٧)
أي أمهلهم قليلاً .