( مَكِّيَّة )
بِسْمِ اللّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
جاء في التفسير : من قرأ سورة الدخان في ليلة الجمعة تصديقاً وإيماناً
غفر اللّه له.
وقد فسرنا معنى (حم) فيما سَلَفَ.
* * *
و (وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (٢)
قَسَمٌ.
* * *
و (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (٣)
جاء في التفسير أنها ليلة القدر ، قال اللّه - عزَّ وجلَّ - :
(إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ).
وقال المفسرُون : (فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ) هي ليلة القدر.
نزل جملة إلى السماءِ الدنْيَا في ليلة القَدْرِ ، ثم نزل عَلَى رَسُول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - شيئاً بعد شيء.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ : (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (٤)
يَفْرُق اللّه عزَّ وجلَّ في ليلة القدر كل أمر فيه حكمة من أرزاقِ العِبادِ
وآجالِهِمْ وجميع أَمْرِهم الذي يكون مُؤَجَّلاً إلى ليلة القدر التي تكون في السنة
المقبلة.
* * *
وقوله - عزَّ وجلَّ - : (أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (٥) رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦)
(أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا) (١) ، و (رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ).
__________
(١) قال السَّمين :
أَمْراً : فيه اثنا عشر وجهاً ، أحدُها : أَنْ ينتصِبَ حالاً مِنْ فاعل « أَنْزَلْناه » .
الثاني : أنه حالٌ مِنْ مفعولِه أي : أنزلناه آمِرِيْن ، مَأْموراً به . الثالث : أَنْ يكونَ مفعولاً له ، وناصبُه : إمَّا « أَنْزَلْناه » وإمَّا « مُنْذرِين » وإمَّا « يُفْرَقُ » . الرابع : أنه مصدرٌ مِنْ معنى يُفْرَق أي : فَرْقاً . الخامس : أنه مصدرٌ ل « أَمَرْنا » محذوفاً . السادس : أَنْ يكونَ « يُفْرَقُ » بمعنى يَأْمُر . والفرقُ بين هذا وما تقدَّم : أنَّك رَدَدْتَ في هذا بالعاملِ إلى المصدرِ وفيما تقدَّم بالعكس . السابع : أنَّه حالٌ مِنْ « كُلُّ » . الثامن : أنه حالٌ مِنْ « أَمْرٍ » وجاز ذلك لأنه وُصِفَ . إلاَّ أنَّ فيه شيئين : مجيءَ الحالِ من المضاف إليه في غيرِ المواضع المذكورة . و
الثاني : أنها مؤكدةٌ . التاسع : أنه مصدرٌ ل « أَنْزَل » أي : إنَّا أَنْزَلْناه إنزالاً ، قاله الأخفش . العاشر : أنَّه مصدرٌ ، لكن بتأويل العاملِ فيه إلى معناه أي : أَمَرْنا به أَمْراً بسببِ الإِنزال ، كما قالوا ذلك في وَجْهي فيها يُفْرَقُ فَرْقاً يَنْزِل إنزالاً . الحادي عشر : أنه منصوبٌ على الاختصاص ، قاله الزمخشري ، ولا يَعْني بذلك الاختصاصَ الاصطلاحيَّ فإنه لا يكون نكرةً . الثاني عشر : أَنْ يكونَ حالاً من الضميرِ في « حكيم » . الثالث عشر : أَنْ ينتصِبَ مفعولاً به ب « مُنْذِرين » ك لِّيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً [ الكهف : ٢ ] ويكونُ المفعولُ الأول محذوفاً أي : مُنْذِرين الناسَ أمراً . والحاصلُ أنَّ انتصابَه يَرْجِعُ إلى أربعة أشياء : المفعولِ به ، والمفعولِ له ، والمصدريةِ ، والحاليةِ ، وإنما التكثيرُ بحَسبِ المحالِّ ، وقد عَرَفْتَها بما قَدَّمْتُه لك.
وقرأ زيد بن علي « أَمْرٌ » بالرفع . قال الزمخشري : « وهي تُقَوِّي النصبَ على الاختصاصِ ».
« مِنْ عِنْدِنا » يجوز أَنْ يتعلَّق ب « يُفْرَقُ » أي : مِنْ جهتِنا ، وهي لابتداءِ الغاية مجازاً . ويجوز أَنْ يكونَ صفةً ل أَمْراً . اهـ (الدُّرُّ المصُون).
منصوبان - قال الأخفش - على الحال ، إنا أنزلناه آمرين أَمْرِاً
وراحمين رحْمةً.
ويجوز أن يكون منصوباً بِـ (يُفْرَقُ) بمنزلة يفرُقُ فرقاً لأن أمْرَاً
بمعنى فَرْقاً ، لأن يؤتمر فيها أمراً.
ويجوز أن يكون (رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) مَفْعُولًا له ، أي إنا أنزلناه رحمة أي
للرحْمَةِ (١).
* * *
و (رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (٧)
بالخفض والرفع . فالرفعُ عَلَى الصفَةِ ، والخفض على (مِنْ رَبِّكَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ. )
ومن رفع فعلى (إنَّه هو السميع العليم رَبُّ السَّمَاوَاتِ).
وإن شئت على الاستئناف على معنى هو ربُّ السَّمَاوَاتِ.
* * *
و (لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (٨)
ويقرأ (رَبكُمْ وَرَبِّ آبائِكم الأولينَ) - فالخفض على معنى رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ
رَبِّكم وربّ آبائكم الأولين.
* * *
و (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (١٠)
(فارتقب) فانتظر ، وفي أكثر التفسير أن الدخان قَدْ مَضى وذلك حين دعا
رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - عَلَى مُضَرٍ فقال :
اللّهم اشدد وطأتك على مُضَرٍ واجْعَلْها عَلَيْهِم سِنِينَ كسني يُوسُفَ.
أي اجْعَلْهُم سِنُوهم في الجدب كسني يوسف.
والعَرَبُ أيضاً تسمي الجدبِ السَّنَةَ ، فيكونُ اجعلها عليهم جَدُوباً . فارتفع القَطْرُ ، وأجْدَبَتِ الأرضُ وصار بين السماء والأرض كالدخَانِ.
* * *
و (يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (١١)
__________
(١) قال السَّمين :
رَحْمَةً : فيها خمسةُ أوجهٍ [ أحدها ] : المفعولُ له . والعاملُ فيه : إمَّا « أَنْزَلْناه » وإمَّا « أَمْراً » وإمَّا « يُفْرَقُ » وإمَّا « مُنْذِرين » .
الثاني : مصدرٌ بفعلٍ مقدرٍ أي : رَحِمْنا رَحْمَةً . الثالث : مفعولٌ ب مُرْسِلين . الرابع : حالٌ من ضمير « مُرْسِلين » أي : ذوي رحمة . الخامس : أنها بدلٌ مِنْ « أَمْراً » فيجيءُ فيها ما تقدَّم ، وتكثرُ الأوجهُ فيها حينئذٍ.
و « مِنْ رَبِّك » يتعلَّقُ برَحْمة ، بمحذوفٍ على أنها صفةٌ . وفي « مِنْ ربِّك » التفاتٌ من التكلُّم إلى الغَيْبة ، ولو جَرَى على مِنْوالِ ما تقدَّمَ لقال : رحمةً منا . اهـ (الدُّرُّ المصُون).
يقول الناسُ الذين يحل بهم الجَدْبُ : (هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ)
وكذلك قوله (رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ).
* * *
وقوله - عزَّ وجلَّ - : (إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (١٥)
ويجوز أَنَّكُمْ عَائِدُونَ.
فمن قرأ أَنكُمْ عائدونَ فهو الوجه ، والمعنى أنه يعلمهم أنهم لا يتعِظُونَ ، وأنهم إذَا زال عنهم المكروه عادوا في طُغْيانِهم.
* * *
وقوله - عزَّ وجلَّ : (يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ (١٦)
يوم نَبْطِش ، وَنَبْطُش إِنَّا مُنْتَقِمُونَ.
هذا مثل عَكَفَ يَعكُف وَيَعْكِفُ ، وعَرَشَ يَعْرِشُ ويعْرُشُ وهذا في اللغة
كثير.
وقيل إن البطشة الكبرى يوم بَدْر.
و " يومَ " لا يجوز أن يكون منصُوباً بقوله مُنْتَقِمُونَ ، لأن ما بَعْدَ (إنَّا) لا يجوز أن يعمل فيما قبلَها ، ولكنه مَنْصُوبُ ب واذكر يوم نبطش البطشة الكبرى.
* * *
وقوله - عزَّ وجلَّ - : (وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ (١٧) أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللّه إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٨)
(أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللّه)
أن أسلموا إِلَيَّ عِبَادَ اللّه ، يعني بني إسرائيل كما قال : (فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ) ، أي أطلقهم من عَذَابِكَ.
وجائز أن يكون (عِبَادَ اللّه) مَنصُوباً على النداء ، فيكون أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ ما أمركم اللّه به يا عباد اللّه.
* * *
(وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللّه إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (١٩)
أي بِحِجةٍ وَاضحةٍ بَيِّنَةٍ تَدل على أني نبيٌّ.
* * *
و (وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ (٢٠)
أي أن تقتلون .
و (وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ (٢١)
أي إن لم تؤمنوا لي فلا تكونوا عليَّ ولا مَعِي.
* * *
(فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ (٢٢)
من كسر (إنَّ) فالمعنى قال إن هؤلاء ، وَ " إنَّ) بعد القول مكسورة.
ويجوز الفتح على معنى فَدَعَا رَبَّهُ بأَنَّ هَؤُلَاءِ.
* * *
و (وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ (٢٤)
جاء في التفسير " يَبَساً " كما قال : (فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا)
وقال أهل اللغة : رَهواً سَاكِناً.
* * *
و (كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٢٥) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (٢٦)
جاء في التفسير أن المقام الكريم يعنى به المنابر ههنا ، وجاء في
مَقام كريم أي في منازل حسنة.
* * *
(كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ (٢٨)
الأمر كذلكْ.
موضع كذلك رفع على خبر الابتداء المضمَر.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ : (فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ (٢٩)
لأنهم ماتوا كفاراً ، والمؤمنون إذَا مَاتُوا تبكي عليهم السماء والأرض.
فيبكي على المؤمن من الأرض مُصَلَّاه أي مكان مُصَلاهُ ومن السماء مكان مصعد
عمله ومنزل رزقه.
وجاء في التفسير أن الأرض تبكي على المؤمن أربعين
صَبَاحاً.
* * *
و (وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ).
أي ما كانوا مؤخرين بالعذاب.
(وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (٣٢)
أي على عالمي دهرِهم.
* * *
و (إِنَّ هَؤُلَاءِ لَيَقُولُونَ (٣٤) إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ (٣٥)
هذا قاله الكفار من قريش ، معنى (إن هي) ما هي ، ومعنى (بِمُنْشَرِينَ)
بمبعوثين ، يقال أنشر اللّه الموتى فَنَشَرُوا هُمْ [إِذا حَيُوا] (١).
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ : (أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ (٣٧)
جاء في التفسير أن تُبَّعاً كان مؤمناً ، وأن قومه كانوا كافرين ، وجاء أنه
نظر إلى كتاب على قبرين بناحية حمير ، على قبر أحدهما : هذا قبر رَضْوَى.
وعلى الآخر هذا قبر حُبى ابْنتي تُبَّع لا يشركان باللّه شيئاً.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ : (مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٣٩)
يعنى به السَّمَاوَات والأرض أي إلا لإقامة الحق.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ : (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ (٤٠)
ويجوز ميقاتهم بنصب التاء ، ولا أعلم أنه قرئ بها ، فلا تقرأن بها.
فمن قرأ ميقاتهم بالرفع جعل يوم الفصل اسم إنَّ ، وجعل ميقاتهم الخبر ، ومن
نصب ميقاتهمْ جعله اسم إنَّ ونصب يوم الفصل على الظرف ، ويكون
ميقاتهم في يوم الفصل.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ : (يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤١)
لا يغني ولي عن وَليِّهِ شيئاً ، ولا والد عن ولده ، ولا مَوْلُودٌ عن وَالِدِه.
* * *
و (إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (٤٣) طَعَامُ الْأَثِيمِ (٤٤)
__________
(١) زيادة من لسان العرب. ٥ / ٢٠٦).
يعنى به ههنا أبو جهل بن هشام.
والمهل دُرْدِيُّ الزيت ويقال : المهمل ما كان ذائباً من الفضة والنحاس وما أشبه ذلك (٣).
* * *
و (خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ (٤٧)
ويقرأ فاعْتُلوه - بضم التاء وكسرها.
يا أيها الملائكة خذوه فاعتلوه.
والعَتْلُ أن يؤخذَ فيمْضَى به بِعَسْفٍ وَشِدةٍ.
(إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ) إلى وَسَطِ الجَحِيمِ.
* * *
و (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (٤٩)
الناس كلهم على كسر " إِنَّكَ " إلا الكسائي وحده فإنه قرأ : ذق أنَّكَ
أنت ، أي لأنَّكَ قُلْتَ إنك أنت العزيز الكريم ، وذلك أنه كان يقول : أنا أعز أهل هذا الوادي وَأمْنَعُهمُ فقال اللّه عزَّ وجلَّ ذق هذا العذابَ إِنَّك أنت القائل : أنا العزيز الكريم.
* * *
و (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ (٥١)
أي قد أمنوا فيه الغِيَرَ (١).
* * *
و (يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ (٥٣)
قيل الإِسْتَبْرَق : الديباج الصَّفيقُ (٢).
والسُنْدُس : الحرير ، وإنما قيل له إستبرق
- واللّه أعلم - لشدة بريقه.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ : (لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (٥٦)
لا يذوقون فيها الموت ألبتَّة سوى الموتة الأولى التي ذاقوها في
الدنيا ، وهما كما قال : (وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ).
__________
(١) أمنوا فيه الغِيَرَ والحوادث (زاد المسير. ٧ / ٣٥٠)
(٢) الغليظ الحسَن
(٣) قال السَّمين :
كالمهل : يجوزُ أَنْ يكونَ خبراً ثانياً ، وأَنْ يكونَ خبرَ مبتدأ مضمرٍ أي : هو كالمُهْلِ . ولا يجوزُ أَنْ يكونَ حالاً مِنْ « طعام الأثيم » . قال أبو البقاء : « لأنَّه لا عاملَ إذ ذاك » . وفيه نظرٌ؛ لأنَّه يجوزُ أَنْ يكونَ حالاً ، والعاملُ فيه معنى التشبيه ، كقولك : زيدٌ أخوك شجاعاً.
والأَثيم صفةُ مبالَغَةٍ . ويقال : الأَثُوم كالصَّبورِ والشَّكور . والمُهْل : قيل دُرْدِيُّ الزيت . وقيل عَكَر القَطِران . وقيل : ما أُذِيْبَ مِنْ ذَهَبٍ فضة . وقيل : ما أُذِيْبَ منهما ومِنْ كُلِّ ما في معناهما من المُنْطبعات كالحديدِ والنحاس والرَّصاص . والمَهْلُ بالفتح : التُّؤَدَةُ والرِّفْقُ . ومنه فَمَهِّلِ الكافرين [ الطارق : ١٧ ] . وقرأ الحسن « كالمَهْل » بفتح الميم فقط ، وهي لغةٌ في المُهْلِ بالضم.
« يَغْلي » قرأ ابن كثير وحفصٌ بالياءِ مِنْ تحتُ . والفاعلُ ضميرٌ يعود على طعام . وجَوَّز أبو البقاء أَنْ يعودَ على الزَّقُّوم . وقيل : يعود على المُهْلِ نفسِه ، و « يَغْلي » حالٌ من الضميرِ المستترِ في الجارِّ أي : مُشْبهاً المُهْلَ غالياً . ويجوزُ أَنْ يكونَ حالاً مِنَ المُهْلِ نفسِه . وجَوَّزَ أبو البقاء أَنْ يكونَ خبرَ مبتدأ محذوفٍ أي : هو يَغْلي أي : الزقُّوم الطعامُ . والباقون « تَغْلي » بالتاء مِنْ فوقُ ، على أنَّ الفاعلَ ضميرُ الشجرةِ ، والجملةُ خبرٌ ثانٍ حالٌ على رَأْيٍ ، خبرُ مبتدأ مضمر أي : هي تَغْلي . اهـ (الدُّرُّ المصُون).
وقوله عزَّ وجلَّ : (فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٥٧)
ويجوز (فَضْلٌ مِنْ رَبِّكَ) ، ولا يقرأنَّ بها لخلاف المصحف ، والنصْبُ على
معنى قوله (يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ).
وعلى معنى (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ)
وذلك بفضل من اللّه ، فالمعنى فعَل اللّه بهم ذلك فضلاً منه.
وتفضلاً منه.
* * *
و (فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ (٥٩)
معناه فانتظر إنهم منتظرون .