قوله عز وجل : أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ (١).
يقول : ألم تخبر عن الحبشة ، وكانوا غزوا البيت وأهل مكة ، فلما كانوا بذي المجاز مروا براع لعبد المطلب فاستاقوا إبله ، فركب دابته وجاء إلى مكة ، فصرخ بصراخ الفزع ثم أخبرهم الخبر ، فجال عبد المطلب فى متن فرسه ثم لحقهم ، فقال له رجلان من كندة وحضرموت : ارجع [١٤٩/ ١] ، وكانا صديقين له ، فقال : واللّه لا أبرح «٦» حتى آخذ إبلى ، أو أوخذ معها ، فقالوا لأصحمة رئيس الحبشة : ارددها عليه فإنك آخذها غدوة ، فرجع بإبله ، وأخبر أهل مكة الخبر «٧» ، فمكثوا أياما لا يرون شيئا ، فعاد عبد المطلب إلى مكانهم فإذا هم كما قال اللّه تبارك وتعالى : «كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ»
قد بعث اللّه تبارك وتعالى عليهم طيرا فى مناقيرها الحجارة كبعر الغنم ، فكان الطائر يرسل الحجر فلا يخطىء رأس صاحبه ، فيخرج من دبره فقتلتهم جميعا ، فأخذ عبد المطلب من
(٦) فى ش : لا أرجع.
(٧) العبارة فى ش مضطربة.
الصفراء والبيضاء يعنى : الذهب والفضة ما شاء ، ثم رجع إلى أهل مكة فأخبرهم ، فخرجوا إلى عسكرهم فانتهبوا ما فيه.
ويقال : «سِجِّيلٍ» (٤) كالآجر مطبوخ من طين «١» ، فقال الكلبي : حدثنى أبو صالح قال : رأيت فى بيت «٢» أم هانىء بنت أبى طالب ، نحوا من قفيز من تلك الحجارة سودا مخططة بحمرة.
(١) فى ش : من طين مطبوخ.
(٢) سقط فى ش.
وقوله عز وجل : أَبابِيلَ (٣).
لا واحد لها مثل : الشماطيط «٣» ، والعباديد «٤» ، والشعارير «٥» كل هذا لا يفرد له واحد ، وزعم لى الرؤاسى وكان ثقة مأمونا : أنه سمع واحدها : إبّالة [لا ياء فيها] «٦». ولقد سمعت من العرب من يقول : «ضغاث على إبّالة» «٧» يريدون : خصب على خصب. وأمّا الإيبالة : فهى الفضلة تكون على حمل الحمار أو البعير من العلف ، وهو مثل الخصب على الخصب ، وحمل فوق حمل ، فلو قال قائل : واحد الأبابيل إيبالة كان صوابا «٨» ، كما قالوا : دينار دنانير. وقد قال بعض النحويين ، وهو الكسائي : كنت أسمع النحويين يقولون : أبوك مثل العجّول «٩» والعجاجيل.
(٣) الشماطيط : القطع المتفرقة ، يقال : جاءت الخيل شماطيط ، أي : متفرقة إرسالا ، وذهب القوم شماطيط وشماليل إذا تفرقوا .. وواحد الشماطيط : شمطاط وشمطوط.
(٤) العباديد ، والعبابيد : الخيل المتفرقة فى ذهابها ومجيئها ، ولا يقع إلّا فى جماعة ، ولا يقال للواحد : عبدن.
(٥) الشعارير : لعبة للصبيان لا يفرد ، يقال : لعبنا الشعارير ، وهذا لعب الشعارير.
(٦) سقط فى ش. [.....]
(٧) الإبالة : الحزمة من الحطب ، والضغث : قبضة من حشيش مختلطة الرطب باليابس. وهو مثل معناه :
بلية على أخرى. (مجمع الأمثال) : ٢ : ٢٨٣.
(٨) عبارة القرطبي ٢٠/ ١٩٨ نقلا عن الفراء : ولو قال قائل : إيبال كان صوابا مثل : دينار ودنانير.
(٩) العجول ، كسنور : ولد البقرة.
وقوله عز وجل : كَعَصْفٍ (٥).
والعصف : أطراف الزرع قبل أن يدرك ويسنبل.