قوله عز وجل : وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (١).
قال ابن عباس : هو تينكم هذا وزيتونكم ، ويقال : إنهما جبلان بالشام ، وقال مرة أخرى :
مسجدان بالشام ، أحدهما الذي كلّم اللّه تبارك وتعالى موسى صلّى اللّه عليه وسلّم عليه. قال الفراء :
و سمعت [١٤٣/ ا] رجلا من أهل الشام وكان صاحب تفسير قال : التين جبال ما بين حلوان إلى همدان ، والزيتون : جبال «٥» الشام ، «وَ طُورِ سِينِينَ» (٢) : جبل.
(٥) وكذا فى معجم البلدان لياقوت.
وقوله عز وجل : وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (٣).
مكة ، يريد : الآمن ، والعرب تقول للآمن. الأمين ، قال الشاعر «٦» :
ألم تعلمى يا أسم ويحك أننى حلفت يمينا لا أخون أمينى؟
يريد آمني.
(٦) نقله القرطبي عن الفراء ٢٠/ ١١٣ ولم ينسبه.
وقوله عز وجل : فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤).
يقول : إنا لنبلغ بالآدمى أحسن تقويمه ، وهو اعتداله واستواء شبابه ، وهو أحسن ما يكون ، ثم نرده بعد ذلك إلى أرذل العمر ، وهو وإن كان واحدا ، فإنه يراد به نفعل ذا بكثير من الناس ، وقد
(٤) فى ش : والتين.
تقول العرب «١» : أنفق فلان ماله على فلان ، وإنما أنفق بعضه ، وهو كثير فى التنزيل من ذلك قوله فى أبى بكر : «الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى «٢»» لم يرد كل ماله إنما أراد بعضه.
ويقال : «ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ» (٥).
إلى النار ثم استثنى فقال : «إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا» استثناء «٣» من الإنسان : لأنّ معنى الإنسان :
الكثير. ومثله : «إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا «٤»» وهى فى قراءة عبد اللّه «أسفل السافلين «٥»» ، ولو كانت : أسفل سافل لكان «٦» صوابا لأنّ لفظ الإنسان. واحد ، فقيل :
«سافِلِينَ» على الجمع لأن الإنسان فى معنى جمع ، وأنت تقول : هذا أفضل قائم ، ولا تقول : هذا أفضل قائمين لأنك تضمر لواحد ، فإذا كان الواحد غير مقصود «٧» له رجع اسمه بالتوحيد وبالجمع كقوله «وَ الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ «٨»» وقال فى عسق : «وَ إِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ «٩»» فردّ الإنسان على جمع ، ورد تصبهم على الإنسان للذى أنبأتك به.
(١) فى ب : العربي.
(٢) سورة الليل الآية : ١٨.
(٣) سقط فى ش.
(٤) سورة العصر : ٢ ، ٣. [.....]
(٥) انظر البحر المحيط : (٨/ ٤٩٠).
(٦) فى ش : كان.
(٧) فى الأصل : «مصمود» وظاهره أنه خطأ ، والتصويب من (الطبري : ٣٠ - ٢٤٦)
(٨) سورة الزمر الآية : ٣٣.
(٩) سورة الشورى الآية : ٤٨.
وقوله عز وجل : فَما يُكَذِّبُكَ [١٤٣/ ب ] (٧).
يقول : فما الذي يكذبك بأن الناس يدانون بأعمالهم ، كأنه قال ، فمن يقدر على تكذيبك بالثواب والعقاب بعد ما تبين له من خلقنا الإنسان على ما وصفنا.