وقوله عز وجل : وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ (٢).
يقول : هو حلال لك أحله يوم فتح مكة لم يحل قبله ، ولن يحل بعده.
وقوله عز وجل : وَوالِدٍ وَما وَلَدَ (٣).
أقسم بآدم وولده ، وصلحت (ما) للناس ، ومثله : «وَ ما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى «٦»» وهو الخالق الذكر والأنثى ومثله «فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ «٧»» ، ولم يقل : من طاب.
وكذلك : «وَ لا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ «٨»» كل هذا جائز فى العربية. وقد
وقد قدم المؤلف هنا الكلام عن الآية ٦ على الآية ٢.
(٦) سورة الليل الآية : ٣.
(٧) سورة النساء الآية : ٣.
(٨) سورة النساء الآية : ٢٢.
تكون : (ما) وما بعدها فى «١» معنى مصدر ، كقوله : «وَ السَّماءِ وَما بَناها «٢»» ، «وَ نَفْسٍ وَما سَوَّاها «٣»» ، كأنه قال : والسماء وبنائها ونفس وتسويتها. ووالد وولادته ، وخلقه الذكر والأنثى ، فأينما وجّهته فصواب.
(١) فى ش : من معنى.
(٢) سورة الشمس الآية : ٥.
(٣) سورة الشمس الآية : ٧.
وقوله عز وجل : لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ (٤).
يقول : منتصبا معتدلا ، ويقال : خلق فى كبد ، إنه خلق يعالج ويكابد أمر الدنيا وأمر الآخرة ، [١٣٨/ ا] ونزلت فى رجل من بنى جمح كان يكنى : أبا الأشدين ، وكان يجعل «٤» تحت قدميه الأديم العكاظي ، ثم يأمر العشرة فيجتذبونه من تحت قدميه فيتمزق «٥» الأديم. ولم تزل قدماه. فقال اللّه تبارك وتعالى : «أَ يَحْسَبُ» (٥) لشدته «أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ» (٥) واللّه قادر عليه.
ثم قال : يقول :
(٤) فى ش : يضع.
(٥) فى ش : فيمزق. [.....]
و قوله عز وجل : أَهْلَكْتُ مالًا لُبَداً (٦).
اللبد : الكثير. قال بعضهم واحدته : لبدة ، ولبد جماع. وجعله بعضهم على جهة : قثم ، وحطم واحدا ، وهو فى الوجهين جميعا الكثير. وقرأ أبو جعفر المدني. «مالًا لُبَداً» «٥» مشددة مثل ركّع ، فكأنه أراد : مال لا بد ، ومالان لابدان ، وأموال لبّد. والأموال والمال قد يكونان معنى واحد.
(٥) وعنه وعن زيد بن على بسكون الباء : لبدا ، ومجاهد وابن أبى الزناد بضمهما (البحر المحيط : ٨/ ٤٧٦).
أنفقت مالا كثيرا فى عداوة محمد صلّى اللّه عليه وهو كاذب ، فقال اللّه تبارك وتعالى : «أَ يَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ» (٧) فى إنفاقه.
وقوله عز وجل : وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ (١٠).
النجدان : سبيل الخير ، وسبيل الشر.
قال : [حدثنا أبو العباس قال : حدثنا محمد] «٦» حدثنا الفراء قال : [حدثنا الكسائي قال : حدثنى قيس ] «٧» وحدثنى قيس عن زياد بن علاقة عن أبى عمارة عن على رحمه اللّه فى قوله جل وعز : «وَ هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ» قال : الخير والشر.
(٦ ، ٧) ما بين الحاصرتين زيادة من ش.
وقوله عز وجل : فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (١١).
ولم يضم إلى قوله : [فلا اقتحم ] كلام آخر فيه (لا) لأن العرب لا تكاد تفرد (لا) فى الكلام حتى يعيدوها عليه فى كلام آخر ، كما قال عز وجل : «فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى «٨»» و«لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ «٩»» ، وهو مما كان فى آخره معناه ، فاكتفى بواحدة من
(٨) سورة القيامة ، الآية : ٣١.
(٩) سورة يونس ، الآية : ٦٢.
أخرى.
أ لا ترى أنه فسر اقتحام العقبة بشيئين ، فقال : «فَكُّ رَقَبَةٍ ، أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ» ، ثم كان [من الذين آمنوا «١»] ففسرها بثلاثة أشياء ، فكأنه كان «٢» فى أول الكلام ، فلا فعل ذا ولا ذا ولا ذا «٣».
وقد قرأ العوام : «فَكُّ رَقَبَةٍ (١٣) أَوْ إِطْعامٌ «٤»» (١٤) ، وقرأ الحسن البصري : «فَكُّ رَقَبَةٍ» وكذلك على بن أبى طالب [حدثنا أبو العباس قال : حدثنا محمد «٥»] قال : حدثنا الفراء قال : وحدثنى «٦» محمد بن الفضل المروزي عن عطاء عن أبى عبد الرحمن عن على أنه قرأها :
«فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعامٌ «٧»» وهو أشبه الوجهين بصحيح العربية لأن الإطعام : اسم ، وينبغى أن يرد على الاسم «٨» اسم مثله ، فلو قيل : ثم إن كان أشكل للإطعام ، والفك ، فاخترنا : فكّ رقبة لقوله : «ثُمَّ كانَ» ، والوجه الآخر جائز تضمر فيه (أن) ، وتلقى [١٣٨/ ب ] فيكون مثل قول الشاعر «٩» :
ألا أيها ذا الزّاجرى أحضر الوغى وأن أشهد اللذّات هل أنت مخلدى
ألا ترى أن ظهور (أن) فى آخر الكلام يدل : على أنها معطوفة على أخرى مثلها فى أول الكلام وقد حذفها.
(١) ما بين الحاصرتين زيادة من ش.
(٢) فى ش ، قال.
(٣) هذه رواية : ش.
(٤) وهو اختيار أبى عبيد ، وأبى حاتم ، لأنه تفسير لقوله تعالى : «وَ ما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ»؟ ثم أخبره فقال :
«فَكُّ رَقَبَةٍ ، أَوْ إِطْعامٌ» ، والمعنى : اقتحام العقبة : فك رقبة أو إطعام (تفسير القرطبي ٢٠/ ٧٠)
(٥) ما بين الحاصرتين زيادة فى ش.
(٦) فى ش : حدثنى.
(٧) وبها قرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي : أيضا (تفسير القرطبي : ٢٠/ ٧٠).
(٨) فى ش : على اسم مثله.
(٩) لطرفة فى معلقته ، وأحضر بالنصب بأن المحذوفة على مذهب الكوفيين ، والبصريون يروونه بالرفع (الإنصاف : ٣٢٧) وانظر (الخزانة ١/ ٥٧ و٣/ ٥٩٤ ، ٦٢٥).
وقوله عز وجل : أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤).
ذى مجاعة ، ولو كانت «ذا مسغبة» تجعلها من صفة اليتيم ، كأنه قال : أو أطعم فى يوم يتيما ذا مسغبة أو مسكينا [حدثنا أبو العباس قال : حدثنا محمد «١٠»] قال : حدثنا الفراء قال : وحدثنى «١١» حبّان
عن الكلبي عن أبى صالح عن ابن عباس : أنه مرّ بمسكين لاصق بالتراب حاجة ، فقال : هذا الذي قال اللّه تبارك وتعالى : «أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ»
(١٦) «والموصدة» (٢٠) : تهمز ولا تهمز ، وهى : المطبقة.
(١٠) ما بين الحاصرتين زيادة فى ش.
(١١) فى ش : حدثنى. [.....]