سُورَةُ الْفَجْرِ مَكِّيَّةٌ

وَهِيَ ثَلاَثُونَ آيَةً

١

قوله عز وجل : وَالْفَجْرِ (١) وَلَيالٍ عَشْرٍ (٢).

[حدثنا أبو العباس قال «٣»] : حدثنا محمد قال : حدثنا الفراء قال : حدثنى قيس بن الربيع عن أبى إسحق عن الأسود بن يزيد فى قوله : «وَ الْفَجْرِ» قال : هو «٤» فجركم هذا. «وَ لَيالٍ عَشْرٍ» قال :

عشر الأضحى. «وَ الشَّفْعِ» (٣) يوم الأضحى ، و«الْوَتْرِ» (٣) يوم عرفة.

[حدثنا أبو العباس قال : حدثنا محمد «٥» قال ] : حدثنا الفراء قال : وحدثنى شيخ عن عبد الملك ابن أبى سليمان عن عطاء قال اللّه تبارك وتعالى : الوتر والشفع «٦» : خلقه.

 (٣) زيادة من ش.

(٤) سقط فى ش.

(٥) زيادة من ش.

(٦) كذا فى النسخ بتقديم الوتر ، كأنه لا يريد التلاوة.

قال حدثنا الفراء قال «١» : وحدثنى شيخ عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس قال : الوتر آدم ، شفع بزوجته. وقد اختلف [القراء] «٢» فى الوتر : فقرأ الأعمش والحسن البصري : الوتر مكسورة الواو ، وكذلك قرأ ابن عباس «٣» ، وقرأ السلمى وعاصم [وأهل المدينة] «٤» «الْوَتْرِ» بفتح الواو ، وهى لغة حجازية «٥».

(١) فى ش : قال : حدثنا الفراء وحدثنى.

(٢ ، ٤) سقط فى ش.

(٣) وهى أيضا قراءة حمزة والكسائي وخلف. وافقهم الحسن والأعمش (الإتحاف : ٤٣٨).

(٥) والكسر لغة تميم (لسان العرب).

٤

وقوله عز وجل : وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ (٤).

ذكروا أنها ليلة المزدلفة ، وقد قرأ القراء : «يسرى» بإثبات الياء ، و«يَسْرِ» بحذفها «٦» ، وحذفها أحب إلىّ لمشاكلتها رءوس الآيات ، ولأن العرب قد تحذف الياء ، وتكتفى بكسر ما قبلها منها ، أنشدنى بعضهم.

كفّاك كفّ ما تليق درهما جودا ، وأخرى تعط بالسيف الدّما «٧»

و أنشدنى آخر :

ليس تخفى يسارتى قدر يوم ولقد تخف شيمتى إعسارى «٨»

(٦) قرأ الجمهور : «يَسْرِ» بحذف الياء وصلا ووقفا ، وابن كثير بإثباتها فيهما ، ونافع وابن عمرو بخلاف عنه بياء فى الوصل ، وبحذفهما فى الوقف. (البحر المحيط ٨/ ٤٦٨). [.....]

(٧) أورده فى اللسان ولم ينسبه. مادة ليق. وانظر (الخصائص ٣/ ٩٠ ، ١٣٣ ، وأمالى ابن الشجري ٢/ ٧٢).

ومعنى : ما تليق : ما تحبس وتمسك. يصفه بالكرم والشجاعة.

(٨) رواه اللسان كما هنا ولم ينسبه ، وفى ب : قدرتهم مكان قدر يوم ، وهو تحريف

٥

و قوله عز وجل : هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ (٥).

لذى عقل : لذى ستر ، وكله يرجع إلى أمر واحد من العقل ، والعرب تقول : إنه لذو حجر إذا كان قاهرا لنفسه ضابطا لها ، كأنه أخذ من قولك : حجرت على الرجل.

٧

وقوله جل وعز [١٣٦/ ب ] إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ (٧).

لم يجر القراء (إرم) لأنها فيما ذكروا اسم بلدة ، وذكر الكلبي بإسناده أن (إرم) سام بن نوح ، فإن كان هكذا اسما فإنما ترك إجراؤه لأنه كالعجمى. و(إرم) تابعة لعاد ، و(العماد) : أنهم كانوا أهل عمد ينتقلون إلى الكلأ حيث كان ، ثم يرجعون إلى منازلهم :

٩

و قوله عز وجل : جابُوا الصَّخْرَ (٩) خرقوا الصخر ، فاتخذوه بيوتا.

١٠

وقوله عز وجل : وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ (١٠).

كان إذا غضب على الرجل مدّه بين أربعة أوتاد حتى يموت معذبا ، وكذلك فعل بامرأته آسية ابنة مزاحم ، فسمى بهذا لذلك.

١٣

وقوله جل وعز : فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ (١٣).

هذه كلمة تقولها العرب لكل نوع من العذاب ، تدخل فيه السوط. جرى به الكلام والمثل.

ونرى «١» ذلك : أن السوط من عذابهم الذي يعذبون به ، فجرى لكل عذاب إذ كان فيه عندهم غاية العذاب.

(١) فى ش : ويرى.

١٤

وقوله تبارك وتعالى : إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ (١٤). يقول : إليه المصير «٢».

(٢) هكذا بالأصول. وسار أهل التفاسير على غير هذا الرأى ، أنظر مثلا : «الجامع لأحكام القرآن» ٢٠ : ٦٨ و«جامع البيان للطبرى ٣٠ : ١٨١».

١٦

وقوله جل وعز : فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ (١٦).

خفف عاصم والأعمش وعامة القراء ، وقرأ نافع [أ] وأبو جعفر : (فقدّر) مشددة «٣» ، يريد (فقتّر) وكلّ صواب.

(٣) قرأ بالتشديد ابن عامر وأبو جعفر ، والباقون بتخفيفها. لغتان (الإتحاف : ٤٣٨).

١٧

وقوله عز وجل : كَلَّا (١٧) لم يكن ينبغى له أن يكون هكذا ، ولكن يحمده على الأمرين : على الغنى والفقر.

١٨

وقوله عز وجل : وَلا تَحَاضُّونَ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ (١٨) قرأ الأعمش وعاصم بالألف وفتح التاء ، وقرأ أهل المدينة : «و لا تحضون» ، وقرأ الحسن البصري «٤» : «و يحضون ، ويأكلون «٥»» ، وقد قرأ بعضهم : «تَحَاضُّونَ «٦»» برفع التاء ، وكل صواب.

كأن «تَحَاضُّونَ» تحافظون ، وكأن ، «تحضون» تأمرون بإطعامه «٧» ، وكأنّ تحاضّون : يحض بعضكم «٨» [١٣٧/ ا] بعضا.

 (٤) زيادةفى ش.

(٥) من قوله : (وَ تَأْكُلُونَ التُّراثَ) وهى قراءة مجاهد وأبى رجاء وقتادة والجحدري وأبى عمرو (البحر المحيط ٨/ ٤٧١).

(٦) روى عن الكسائي والسلمى ، وهو تفاعلون من الحض وهو الحث (تفسير القرطبي ٢٠/ ٥٣).

(٧) فى ش بإطعام.

(٨) فى ش : بعضهم.

١٩

و قوله عز وجل : أَكْلًا لَمًّا (١٩) أكلا شديدا «وَ تُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا» (٢٠) كثيرا.

٢٤

وقوله عز وجل : يَقُولُ «١» يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي (٢٤) لآخرتى التي فيها الحياة والخلود.

(١) زيادة فى ش.

٢٥

وقوله عز وجل : فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ (٢٥) قرأ عاصم والأعمش وأهل المدينة : «لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ ، وَلا يُوثِقُ» بالكسر جميعا.

وقرأ بذلك حمزة [حدثنا أبو العباس قال : حدثنا محمد] «٢» قال حدثنا الفراء قال : وحدثنى عبد اللّه بن المبارك عن خالد الحذاء عن أبى قلابة عمن سمع النبي صلّى اللّه عليه وسلّم يقرأ : «فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ ، وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ» بالفتح «٣». وقال [أبو عبد اللّه «٤»] محمد بن الجهم :

سمعت عبد الوهاب الخفاف «٥» بهذا الإسناد مثله [حدثنا أبو العباس قال : حدثنا محمد] «٦».

قال : حدثنا الفراء قال : حدثنى عبد اللّه بن المبارك عن سليمان أبى الربيع «٧» عن أبى عبد الرحمن السلمى أنه قرأ : «لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ ، وَلا يُوثِقُ» بالكسر ، فمن كسر أراد : فيومئذ لا يعذّب عذاب اللّه أحد ، ومن قال : «يُعَذِّبُ» بالفتح فهو أيضا على ذلك الوجه : لا يعذّب أحد فى الدنيا كعذاب اللّه يومئذ. وكذلك الوجه الأول ، لا ترى أحدا يعذب فى الدنيا كعذاب اللّه يومئذ. وقد وجّهه بعضهم على أنه رجل مسمّى لا يعذّب كعذابه أحد.

(٢ ، ٦) ما بين الحاصرتين زيادة فى ش.

(٣) قرأ الجمهور : لا يعذب ولا يوثق مبنيين للفاعل. وقرأ بهما مبنيين للمفعول ابن سيرين وابن أبى إسحق والكسائي ويعقوب وروى عن أبى عمرو (البحر ٨/ ٤٧٢).

(٤) فى ش : وقال محمد بن الجهم. [.....]

(٥) هو عبد الوهاب بن عطاء بن مسلم أبو نصر الحفاف العجلى البصري ، ثم البغدادي ثقة مشهور ، روى القراءة عن أبى عمرو ... مات ببغداد سنة ٢٠٤ (طبقات الفراء ١/ ٤٧٩).

(٧) هو سليمان بن مسلم بن جمّاز أبو الربيع الزهري مولاهم ، المدني ، مقرىء جليل ضابط ، عرض على أبى جعفر وشيبة ، ثم عرض على نافع ، وقرأ بحرف أبى جعفر ونافع. عرض عليه إسماعيل بن جعفر ، وقتيبة بن مهران ، مات بعد السبعين ومائة فيما أحسب (ابن الجزري فى طبقات القراء ١/ ٣١٥).

٢٧

وقوله عز وجل : «يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (٢٧).

بالإيمان والمصدّقة بالثواب والبعث «ارْجِعِي» (٢٨) تقول لهم الملائكة إذا أعطوا كتبهم

 بأيمانهم «ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ» إلى ما أعد اللّه لك من الثواب. وقد يكون أن يقولوا لهم هذا القول ينوون : ارجعوا من الدنيا إلى هذا المرجع. وأنت تقول للرجل : ممن أنت؟ فيقول : مضرى.

فتقول : كن تميميا ، أو قيسيا. أي : أنت من أحد هذين. فيكون «١» «كن» [صلة] «٢» كذلك الرجوع [١٣٧/ ب ] يكون [صلة] «٣» لأنه قد صار إلى القيامة ، فكأن الأمر بمعنى الخبر ، كانه قال :

أيتها النفس أنت راضية مرضية.

وقرأ ابن عباس وحده : «فادخلى فى عبدى «٤» ، وادخلى جنتى» والعوام (فِي عِبادِي).

(١) فى ش : فيكون.

(٢ ، ٣) سقط فى ش.

(٤) وقرأ (عبدى) أيضا : عكرمة والضحاك ومجاهد وأبو جعفر ، وأبو صالح والكلبي. (البحر المحيط ٨/ ٤٧٢)