سُورَةُ الْبُرُوجِ مَكِّيَّةٌ

وَهِيَ اثْنَتَانِ وَعِشْرُونَ آيَةً

١

قوله عز وجل : وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ (١).

اختلفوا فى البروج ، فقالوا : هى النجوم ، وقالوا : هى البروج التي تجرى فيها الشمس والكواكب المعروفة : اثنا عشر برجا ، وقالوا : هى قصور فى السماء ، واللّه أعلم بصواب ذلك.

٢

وقوله جل وعز : وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (٢).

ذكروا أنه القيامة ، «وَ شاهِدٍ» (٣) يوم الجمعة ، «وَ مَشْهُودٍ» (٣) يوم عرفة ، ويقال : الشاهد أيضا يوم القيامة ، فكأنه قال : واليوم الموعود والشاهد ، فيجعل «٦» الشاهد من صلة الموعود ، يتبعه فى خفضه.

 (٦) فى ش : فتجعل.

٤

و قوله جل وعز : قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ (٤).

يقال فى التفسير : إن جواب القسم فى قوله : «قُتِلَ» ، كما كان جواب «وَ الشَّمْسِ وَضُحاها «١»» فى قوله! «قَدْ أَفْلَحَ «٢»» : هذا فى التفسير ، ولم نجد العرب تدع القسم بغير لام يستقبل بها أو «لا» أو «إن» أو «ما» فإن يكن كذلك فكأنه مما ترك فيه الجواب : ثم استؤنف موضع الجواب بالخبر ، كما قيل : يا أيها الإنسان فى كثير من الكلام.

(١ ، ٢) سورة الشمس : ١ ، ٩.

وقوله جل وعز : أَصْحابُ الْأُخْدُودِ (٤).

كان ملك خدّ لقوم أخاديد فى الأرض ، ثم جمع فيها الحطب ، وألهب فيها النيران ، فأحرق بها قوما وقعد الذين حفروها حولها ، فرفع اللّه النار إلى الكفرة الذين حفروها فأحرقتهم ، ونجا منها المؤمنون ،

فذلك قوله عز وجل : «فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ» (١٠) فى الآخرة «وَ لَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ» (١٠) فى الدنيا. ويقال : إنها أحرقت من فيها ، ونجا الذين فوقها.

واحتج قائل هذا بقوله : «وَ هُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ» (٧) ، والقول الأول أشبه بالصواب ، وذلك لقوله : «فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ ، وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ» ولقوله فى صفة الذين آمنوا «ذلِكَ [١٣٤/ ا] الْفَوْزُ الْكَبِيرُ» (١١) يقول : فازوا من عذاب الكفار ، وعذاب الآخرة ، فأكبر به فوزا.

وقوله عز وجل : قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ (٤).

يقول : قتلتهم النار ، ولو قرئت : «النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ» ، بالرفع كان صوابا «٣» ، وقرأ أبو عبد الرحمن السّلمى : «وَ كَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ «٤»» رفع الشركاء بإعادة الفعل : زينه «٥» لهم شركاؤهم. كذلك قوله : «قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ» قتلتهم النار ذات الوقود. ومن خفض : «النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ» وهى فى قراءة «٦» العوام - جعل النار هى الأخدود إذ كانت النار فيها كأنه قال : قتل أصحاب النار ذات الوقود.

 (٣) قرأ بالرفع : أشهب العقيل ، وأبو السّمال العدوى ، وابن السميفع أي : أحرقتهم النار ذات الوقود (تفسير القرطبي ١٩/ ٢٨٧).

(٤) سورة الأنعام الآية : ١٣٧.

(٥) فى ش : زين.

(٦) فى ش : وهى قراءة.

١٥

و قوله عز وجل : ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (١٥).

خفضه يحيى وأصحابه.

وبعضهم رفعه جعله من صفة اللّه تبارك وتعالى. وخفضه من صفة العرش ،

كما قال : «بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ» (٢١) فوصف القرآن بالمجادة.

وكذلك قوله : فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (٢٢).

من خفض جعله من صفة اللوح «١» ، ومن رفع جعله للقرآن ، وقد رفع المحفوظ شيبة ، وأبو جعفر المدنيان «٢».

(١) وهى قراءة الجمهور.

(٢) وقرأ أيضا «مَحْفُوظٍ» بالرفع الأعرج ، وزيد بن على وابن محيصن ونافع بخلاف عنه (البحر المحيط ٨/ ٤٥٣)