قوله عز وجل : عَمَّ يَتَساءَلُونَ (١) عن النّبإ العظيم (٢) يقال : عن أي شىء يتساءلون؟ يعنى : قريشا ، ثم قال لنبيه صلّى اللّه عليه وسلم : يتساءلون عن النبأ العظيم ، يعنى : القرآن. ويقال : عم يتحدث «١» به قريش فى القرآن. ثم أجاب ، فصارت : عم يتساءلون ، كأنها [فى معنى ] «٢» : لأى شىء يتساءلون عن القرآن ، ثم إنه أخبر فقال : «الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ» (٣) بين مصدّق ومكذّب ، فذلك «٣» اختلافهم. واجتمعت القراء على الياء فى
(١) فى ش : تتحدث.
(٢) زيادة من ش.
(٣) فى ش : فكذلك ، تحريف.
قوله :
«كَلَّا سَيَعْلَمُونَ» (٤). وقرأ الحسن وحده : «كلا ستعلمون» وهو صواب. وهو مثل قوله - وإن لم يكن قبله قول - : «قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ «٤»» وسيغلبون «٥».
وقوله : ثَجَّاجاً كالعزالى «٦» :
(٤) سورة آل عمران الآية ١٢.
(٥) فى ش : سيغلبون وستغلبون.
(٦) العزالي ، جمع عزلاء ، وهى : مصب الماء من الراوية.
و قوله عز وجل : وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً (١٩).
مثل : «إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ «٧»» «وَ إِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ «٨»» معناه واحد ، واللّه أعلم. بذلك جاء التفسير.
[١٢٣/ ا]
(٧) الانشقاق الآية : ١.
(٨) المرسلات الآية : ٩.
و قوله عز وجل : لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً (٢٣).
حدّثت عن الأعمش أنه قال : بلغنا عن علقمة أنه قرأ «لبثين «١»» وهى قراءة «٢» أصحاب عبد اللّه. والناس بعد يقرءون : (لابثين) ، وهو أجود الوجهين لأن (لابثين) إذا كانت فى موضع تقع فتنصب كانت بالألف ، مثل : الطامع ، والباخل عن قليل. والّلبث : البطيء ، وهو جائز ، كما يقال : رجل طمع وطامع. ولو قلت : هذا طمع فيما قبلك كان جائزا ، وقال لبيد :
أو مسحل عمل عضادة سمحج بسراتها ندب له وكلوم «٣»
فأوقع عمل على العضادة ، ولو كانت عاملا كان أبين فى العربية ، وكذلك إذا قلت للرجل :
ضرّاب ، وضروب فلا توقعنهما على شىء لأنهما مدح ، فإذا احتاج الشاعر إلى إيقاعهما فعل ، أنشدنى بعضهم :
و بالفأس ضرّاب رءوس الكرانف واحدها : كرنافة ، وهى أصول السقف. ويقال : الحقب ثمانون سنة ، والسنة ثلاثمائة وستون يوما ، اليوم منها ألف سنة من عدد أهل الدنيا «٤».
(١) ممن قرأ بها زيد بن على وابن وثاب وعمرو بن ميمون وعمرو بن شر حبيل وطلحة والأعمش وحمزة وقتيبة (البحر المحيط ٨/ ٤١٣).
(٢) فى ش : وهى فى قراءة
(٣) المسحل : الفحل من الحمر ، وسحيله : صوته ، عضادة : جانب. السمجح : الأتان الطويلة الظهر ، سراتها : أعلى ظهرها. ندب : خدوش وآثار. وكلوم : جراحات من عضه إياها. والبيت فى ديوان لبيد : ١٢٥
و قبله : حرف أضربها السفار كأنها بعد الكلال مسدم محجوم
و فيه سنق مكان عمل ، والسنق : الذي كره الأكل من الشبع.
والبيت من شواهد سيبويه : ١ ٥٧ وفيه شنج مكان شنق ، ومعناه : ملازم. والسمحج : الطويلة على وجه الأرض
(٤) أورد اللسان؟ كلام الفراء هنا ، وزاد بعد قوله : من عدد أهل الدنيا ما يأتى : قول الفراء. وليس هذا مما يدل على غاية كما يظن بعض الناس وإنما يدل على الغاية التوقيت ، خمسة أحقاب أو عشرة أحقاب ، والمعنى : أنهم يلبثون فيها أحقابا ، كلما مضى حقب تبعه حقب آخر.
وقوله عز وجل : لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً (٢٤).
[حدثنا أبو العباس قال «٥»] : حدثنا محمد قال : حدثنا الفراء قال : حدثنى حبّان عن الكلبي عن أبى صالح عن ابن عباس قال : لا يذقون فيها برد الشراب ولا الشراب ، وقال بعضهم : لا يذقون فيها بردا ، يريد : نوما ، قال الفراء : وإن النوم ليبرد صاحبه. وإن العطشان لينام فيبرد بالنوم.
(٥) زيادة من ش. [.....]
وقوله عز وجل : وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً (٢٨).
خففها على بن أبى طالب رحمه اللّه : «كِذَّاباً» ، وثقلها عاصم والأعمش وأهل المدينة والحسن البصري.
وهى لغة يمانية فصيحة يقولون : كذبت به كذّابا ، وخرّقت القميص خرّاقا ، وكل فعّلت فمصدره فعّال فى لغتهم مشدد ، قال لى أعرابى منهم [١٢٣/ ب ] : على المروة : آلحلق أحب إليك أم القصّار؟ يستفتينى «٢».
وأنشدنى بعض بنى كلاب :
لقد طال ما ثبّطتنى عن صحابتى وعن حوج قضّاؤها من شفائيا «٣»
و كان الكسائي يخفف : «لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا كِذَّاباً» (٣٥) لأنها ليست بمقيدة بفعل يصيرها مصدرا. ويشدّد : «وَ كَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً» (٢٨) لأن كذبوا يقيّد الكذاب بالمصدر «٤» ، والذي قال حسن. ومعناه : لا يسمعون فيها لغوا. يقول : باطلا ، ولا كذابا لا يكذب بعضهم بعضا.
(٢) فى اللسان : قال الفراء : قلت لأعرابى يمنى : آلتصار أحب إليك أم الحلق؟
يريد : التقصير أحب إليك أم حلق الرأس؟ ا ه وعبارة قال لى هنا تدل على أن السائل ليس الفراء.
(٣) الرواية فى البحر المحيط ٨/ ٤١٤ : حاجة مكان : حوج.
(٤) فى ش : المصدر ، تحريف.
و قوله [عز وجل : جَزاءً وِفاقاً (٣٦).
وفقا لأعمالهم ] «١».
(١) سقط فى ش.
وقوله عز وجل : رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ (٣٧).
يخفض فى لفظ الإعراب ، ويرفع ، وكذلك : «الرَّحْمنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطاباً» (٣٧) يرفع «الرحمن» ويخفض فى الإعراب. والرفع فيه أكثر. قال والفراء يخفض : (ربّ) ، ويرفع «الرحمن» «٥».
(٥) قرأ عبد اللّه وابن أبى إسحق والأعمش وابن محيصن وابن عامر وعاصم : رب ، والرحمن بالجر ، والأعرج ، وأبو جعفر ، وشيبة ، وأبو عمرو ، والحرميان برفعهما .. وقرأ : ربّ بالجر ، والرحمن بالرفع الحسن وابن وثاب والأعمش وابن محيصن بخلاف عنهما فى الجر على البدل من ربك ، والرحمن صفة أو بدل من رب أو عطف بيان (البحر المحيط ٨/ ٤١٥) وانظر إعراب القرآن للعكبرى ٢/ ١٤٩.