ومن سورة المزّمّل «٤»
(٤) سورة المزمل بأكملها ليست فى النسخة (ا) ، وهى منقولة من النسخة ب.
اجتمع القراء على تشديد : المزّمّل ، والمدّثّر ، والمزّمّل : الذي قد تزمّل بثيابه ، وتهيأ للصلاة ، وهو رسول اللّه صلّى اللّه عليه.
وقوله عز وجل : قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (٢).
يريد : الثلث الآخر ، ثم قال : «نِصْفَهُ» (٣).
والمعنى : أو نصفه ، ثم رخص له فقال : «أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا» (٣) من النصف إلى الثلث أو زد «٥» على النصف إلى الثلثين ، وكان هذا قبل أن تفرض «٦» الصلوات الخمس ، فلما فرضت الصلاة «٧» نسخت هذا ، كما نسخت الزكاة كلّ صدقة ، وشهر رمضان كلّ صوم.
(٥) فى ش : أو زد عليه.
(٦) فى ب : يفرض.
(٧) فى ش : الصلوات.
وقوله عز وجل : وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (٤).
يقول : اقرأه على هينتك ترسلا.
وقوله عز وجل : سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (٥).
أي : ليس بالخفيف ولا السّفساف لأنه كلام ربنا تبارك وتعالى.
وقوله عز وجل. إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً «١» (٦).
يقول : هى أثبت قياما. «و أقوم [١١٠/ ب ] قيلا» (٦) يقول : إن النهار يضطرب فيه الناس ، ويتقلبون فيه للمعاش ، والليل أخلى للقلب ، فجعله أقوم قيلا.
وقال بعضهم. إن ناشئة الليل هى أشد على المصلى من صلاة النهار لأن الليل للنوم ، فقال :
هى ، وإن كانت أشد وطئا فهى أقوم قيلا ، وقد اجتمع القراء على نصب الواو من وطئا [وقرأ بعضهم : «هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً» قال ] «٢» : قال الفراء : أكتب وطئا بلا ألف «٣» [وقرأ بعضهم : هى أشد وطاء] «٤» فكسر الواو ومده يريد : أشد «٥» علاجا ومعالجة ومواطأة. وأمّا الوطء فلا وطء لم نروه عن أحد من القراء.
(١) فى ش : وطاء ، وسيأتى أنها قراءة ، فلا محل لها هنا.
(٢) ساقط من ش ، و(وطئا) بكسر الواو وسكون الطاء وقصر الهمزة قراءة قتادة وشبل عن أهل مكة ، كما فى البحر : ٨/ ٣٦٣.
(٣) بلا ألف ، أي : قبل الهمزة للفرق بينها وبين القراءة التي تليها.
(٤) هى قراءة أبى عمرو وابن عامر. انظر البحر المحيط : ٨/ ٣٦٣.
(٥) ساقط فى ح. [.....]
وقوله عز وجل : إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلًا (٧).
يقول : لك فى النهار ما يقضى حوائجك. وقد قرأ بعضهم «٦» : «سبخا» بالخاء ، والتسبيخ : توسعة «٧» الصوف والقطن وما أشبهه ، يقال : سبّخى قطنك. قال أبو الفضل «٨» : سمعت أبا عبد اللّه يقول «٩» : حضر أبو زياد الكلابي مجلس الفراء فى هذا اليوم ، فسأله الفراء عن هذا الحرف فقال :
أهل باديتنا يقولون : اللهم سبّخ عنه للمريض والملسوع ونحوه.
(٦) يعنى ابن يعمر وعكرمة وابن أبى عبلة ، كما فى البحر : ٨/ ٣٦٣.
(٧) توسعة الصوف : تنفيشه.
(٨) فى ح ، ش : أبو العباس.
(٩) سقط (يقول) فى ح ، ش.
و قوله عز وجل : وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا (٨).
أخلص للّه «١» إخلاصا ، ويقال للعابد إذا ترك كل شىء ، وأقبل على العبادة : قد تبتل ، أي :
قطع كل شىء إلا أمر اللّه وطاعته.
(١) فى ح ، ش إليه.
وقوله عز وجل : رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ (٩).
خفضها عاصم والأعمش ، ورفعها أهل الحجاز ، والرفع يحسن إذا انفصلت الآية من الآية ، ومثله : «وَ تَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ ، اللَّهَ رَبَّكُمْ» «٢» [١١١/ ا] فى هذين الموضعين «٣» يحسن الاستئناف والإتباع.
(٢) الآيتان ١٢٥ ، ١٢٦ من سورة الصافات قرأ ، (اللّه) بالنصب حفص وحمزة والكسائي وقرأ الباقون بالرفع ، كما فى الإتحاف :
(٣) فى ح ، ش : فى مثل هذا الموضع.
وقوله عز وجل : فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا (٩).
كفيلا بما وعدك. وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلًا (١٤).
والكثيب : الرمل ، والمهيل : الذي تحرك «٤» أسفله فينهال عليك من أعلاه ، والمهيل : المفعول ، والعرب تقول : مهيل ومهيول ، ومكيد ومكيود «٥» ، قال الشاعر «٦» :
و ناهزوا البيع من ترعيّة رهق مستأرب ، عضّه السّلطان مديون
قال ، قال الفراء : المستأرب الذي قد أخذ بآرابه ، وقد أرّب.
(٤) كذا فى ش ، وفى ب ، ح : يحرك ، وما أثبتناه أنسب.
(٥) فى ح ، ش : مكيل ومكيول.
(٦) البيت فى اللسان (أرب) : وفيه بعد تفسير المستأرب : وفى نسخة : مستأرب بكسر الراء قال : هكذا أنشده محمد بن أحمد المفجع. أي أخذه الدين من كل ناحية. والمناهزة فى البيع : انتهاز الفرصة. وناهزوا البيع :
أي بادروه. والرهق : الذي به خفة وحدة. وقيل : الرهق : السفه وهو بمعنى السفيه. وعضه السلطان : أي أرهقه وأعجله وضيق عليه الأمر. والترعية : الذي يجيد رعى الإبل ...
وقوله عز وجل : فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً (١٧).
معناه : فكيف تتقون يوما يجعل «٧» الولدان شيبا إن كفرتم ، وكذلك هى فى قراءة عبد اللّه سواء.
(٧) فى ب : تجعل ، تصحيف.
و قوله «١» عز وجل : السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ (١٨).
بذلك اليوم ، والسماء تذكر وتؤنث ، فهى هاهنا فى وجه التذكير ، قال الشاعر :
فلو رفع السماء إليه قوما لحقنا بالنجوم مع السحاب «٢»
(١) كذا فى ش : وفى ب ، ح ، فقوله ، وما أثبتناه هو المعتاد فى مثل هذا الموطن.
(٢) فى تفسير القرطبي ١٩/ ٥١ :
قال أبو عمرو بن العلاء : لم يقل : منفطرة لأن مجازها السقف ، نقول : هذا سماء البيت ، ثم أورد البيت ، ولم ينسبه وفيه : لحقنا بالسماء وبالسحاب ورواية البيت فى (البحر المحيط ٨/ ٣٦٥).
فلو رفع السماء إليه قوم لحقنا بالسماء وبالسحاب
و قوله عز وجل : فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا (١٩).
طريقا ووجهة إلى اللّه.
وقوله عز وجل : إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ (٢٠).
قرأها عاصم والأعمش بالنصب ، وقرأها أهل المدينة والحسن البصري بالخفض ، فمر خفض أراد :
تقوم [أقل من الثلثين ] «٣». وأقل من النصف. ومن الثلث. ومن نصب أراد : تقوم أدنى من الثلثين ، فيقوم «٤» النصف أو الثلث «٥» ، وهو أشبه بالصواب ، لأنه قال : أقل من الثلثين ، ثم ذكر تفسير القلة لا تفسير أقل من القلة. ألا ترى أنك تقول للرجل : لى عليك أقل من ألف درهم ثمانى مائة أو تسع مائة ، كأنه أوجه فى المعنى من أن تفسر «٦» - قلة - أخرى [١١١/ ب ] وكلّ صواب.
وَ طائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ (٢٠) كان النبي صلّى اللّه عليه ، وطائفة من المسلمين يقومون الليل قبل أن تفرض الصلاة ، فشق «٧» ذلك عليهم ، فنزلت الرخصة. وقد يجوز أن يخفض النصف ، وينصب الثلث لتأويل «٨» قوم : أنّ صلاة النبي صلّى اللّه عليه انتهت إلى ثلث الليل ، فقالوا : «٩»
إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من الثلثين ، ومن النصف ، ولا تنقص من الثلث ، وهو وجه شاذ لم يقرأ به أحد. وأهل القراءة الذين يتّبعون أعلم بالتأويل من المحدثين. وقد يجوز ، وهو عندى :
يريد : الثلث.
(٣) سقط فى ح. [.....]
(٤) فى ش فتقوم.
(٥) فى ش : النصف والثلث ، والأشبه (أو).
(٦) فى ش : يفسر.
(٧) فى ح : فيشق.
(٨) فى ش : لتأول.
(٩) فى ش : فقال ، وهو تحريف.
وقوله عز وجل : عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ (٢٠).
أن لن تحفظوا مواقيت الليل «فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ» (٢٠). المائة فما زاد. وقد ذكروا «١» : أنه من قرأ عشر آيات لم يكتب من الغافلين ، وكل شىء أحياه «٢» المصلى من الليل فهو «٣» ناشئة.
(١) فى ش : ذكر.
(٢) فى ش : أحصاه.
(٣) فى ح : فهى ، تحريف.
وقوله عز وجل : وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ (٢٠) يعنى : المفروضة.