سُورَةُ الْجُمُعَةِ مَدَنِيَّةٌ

وَهِيَ إِحْدَى عَشَرَةَ آيَةً

٣

قوله عز وجل : وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ (٣).

يقال : إنهم ممن لم يسلم على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه ، ثم أسلم ، ويقال : هم الذين يأتون من بعد. (وآخرين) فى موضع خفض بعث فى الأميين وفى آخرين منهم. ولو جعلتها نصبا بقوله : «وَ يُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ» ويعلم آخرين فينصب «٣» على الرد على الهاء فى : يزكيهم ، ويعلمهم «٤».

(٣) فى ش : فتنصب.

(٤) أي لكان صوابا ، واقتصر العكبري فى إعراب القرآن على الوجه الأول (إعراب القرآن ٢/ ١٣٨).

٥

وقوله : كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً (٥).

يحمل من صلة الحمار لأنه فى مذهب نكرة ، فلو «٥» جعلت مكان يحمل حاملا لقلت : كمثل الحمار حاملا أسفارا. وفى قراءة عبد اللّه : كمثل حمار يحمل أسفارا. والسّفر واحد الأسفار ، وهى الكتب العظام. شبه اليهود ، ومن لم يسلم إذ لم ينتفعوا بالتوراة والإنجيل. وهما دليلان على النبي صلّى اللّه - عليه - بالحمار الذي يحمل كتب العلم ولا يدرى ما عليه.

(٥) فى ش : ولو.

٨

وقوله : قُلْ «٦» إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ (٨).

أدخلت العرب الفاء فى خبر (إنّ) لأنها وقعت على الذي ، والذي حرف يوصل ، فالعرب تدخل الفاء فى كل «٧» خبر كان اسمه مما يوصل مثل : من ، والذي وإلقاؤها صواب «٨» ، وهى فى

 (٦) سقط فى ب : إن الموت.

(٧) سقط فى ش.

(٨) فى ح ، ش : سواء.

قراءة عبد اللّه : «إن الموت الذى تفرّون منه ملاقيكم» ، ومن أدخل الفاء ذهب بالذي إلى تأويل الجزاء إذا احتاجت إلى أن توصل ، ومن ألقى الفاء فهو على القياس لأنك تقول : إن أخاك قائم ، ولا تقول : إن أخاك فقائم. ولو قلت : إن ضاربك فظالم كان جائزا لأن تأويل : إن ضاربك ، كقولك : إن من يضربك فظالم ، فقس على هذا الاسم المفرد الذي فيه تأويل الجزاء فأدخل له الفاء.

وقال «١» بعض المفسرين : إن الموت هو الذي تفرون منه «٢» ، فجعل الذي فى موضع الخبر للموت. ثم قال : ففروا «٣» أولا تفروا فإنه ملاقيكم. ولا تجد هذا محتملا فى العربية واللّه أعلم بصواب ذلك.

(١) فى ش : قال.

(٢ ، ٣) سقط فى ش.

٩

وقوله : مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ (٩).

خفضها الأعمش فقال : الجمعة «٤» ، وثقلها عاصم وأهل الحجاز ، وفيها لغة «٥» : جمعة ، وهى لغة لبنى عقيل «٦» لو قرىء بها كان صوابا. والذين قالوا : الجمعة : ذهبوا «٧» بها إلى صفة اليوم أنه يوم جمعة كما تقول : رجل ضحكة للذى يكثر الضحك.

(٤) وهى أيضا قراءة عبد اللّه بن الزبير (تفسير القرطبي ١٨/ ٩٧)

(٥) فى ش : لغلة ، تحريف. [.....]

(٦) وقيل إنها لغة النبي صلّى اللّه عليه وسلم (تفسير القرطبي ١٨/ ٩٧).

(٧) سقط فى ب ، ح ، ش.

وقوله : فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ (٩).

وفى قراءة عبد اللّه : «فامضوا إلى ذكر اللّه» «٨» ، والمضي والسعى والذهاب فى معنى واحد لأنك تقول للرجل : هو يسعى فى الأرض يبتغى من فضل اللّه ، وليس «٩» هذا باشتداد.

وقد قال بعض الأئمة : لو قرأتها : «فَاسْعَوْا» لاشتددت يقول «١٠» : لأسرعت ، والعرب تجعل السعى أسرع من المضي ، والقول فيها القول الأول.

 (٨) وهى أيضا قراءة على وعمر وابن عباس وأبى وابن عمر ، وابن الزبير وأبى العالية والسلمى ومسروق وطاوس وسالم بن عبد اللّه وطلحة بخلاف (المحتسب ٢/ ٣٢١).

(٩) فى ح ، ش : فليس.

(١٠) فى ش : لقول ، تحريف.

و قوله تبارك وتعالى وَذَرُوا الْبَيْعَ (٩).

إذا [أمر بترك البيع فقد] «١» أمر بترك الشراء لأن المشترى والبيّع يقع عليهما البيّعان ، فإذا أذن المؤذن «٢» من يوم الجمعة حرم البيع والشراء [١٩٩/ ا].

(١) سقط فى ح.

(٢) فى ح : فإذا أذن من.

١٠

وقوله : فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ (١٠).

هذا : إذن ، وإباحة ، من شاء باع ، ومن شاء لزم المسجد.

١١

وقوله : وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها (١١).

فجعل الهاء للتجارة دون «٣» اللهو ، وفى قراءة عبد اللّه : «و إذا رأوا «٤» لهوا أو تجارة انفضوا إليها». وذكروا أن النبي صلّى اللّه [عليه ] «٥» كان يخطب يوم الجمعة ، فقدم دحية الكلبي بتجارة من الشام فيها كل ما يحتاج إليه الناس ، فضرب بالطبل «٦» ليؤذن الناس بقدومه فخرج جميع الناس إليه إلّا ثمانية نفر ، فأنزل اللّه عز وجل «وَ إِذا رَأَوْا تِجارَةً» يعنى : التجارة التي قدم بها ، «أَوْ لَهْواً» : يعنى : الضرب بالطبل. ولو قيل : انفضوا إليه ، يريد : اللهو كان صوابا ، كما قال : «وَ مَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً»

«٧» ولم يقل : بها. ولو قيل :

بهما ، وانفضوا إليهما كما قال : «إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلى بِهِما» «٨» ، كان صوابا وأجود من ذلك فى العربية أن تجعل الراجع من الذكر للآخر من الاسمين وما بعد ذا فهو جائز.

وإنما اختير فى انفضوا إليها - فى قراءتنا وقراءة عبد اللّه لأن التجارة كانت أهم إليهم ، وهم بها أسرّ منهم بضرب «٩» الطبل لأن الطبل إنما دل عليها ، فالمعنى كله لها.

 (٣) سقط فى ح.

(٤) سقط فى ش.

(٥) زيادة يقتضيها المقام.

(٦) فى ش : الطبل.

(٧) سورة النساء الآية : ١١٢.

(٨) سورة النساء الآية : ١٣٥.

(٩) فى ب ، ح ، ش : بصوت. [.....]