قوله عز وجل : هُوَ الْأَوَّلُ (٣).
يريد : قبل كل شىء. «وَ الْآخِرُ» (٣) بعد كل شىء.
«وَ الظَّاهِرُ» (٣) على كل شىء علما ، وكذلك «الْباطِنُ» (٣) على «١» كل شىء «٢» علما.
(١ ، ٢) سقط فى ح ، ش.
وقوله : وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ (٧) مملكين فيه ، وهو رزقه وعطيته.
القراء جميعا على : «وَ قَدْ أَخَذَ مِيثاقَكُمْ» (٨) ولو قرئت : وقد أخذ ميثاقكم «٣». لكان صوابا «٤».
(٣) أخذ ميثاقكم كرر فى ح مرتين.
(٤) وهى قراءة أبى عمرو واليزيدي والحسن (الإتحاف : ٤٠٩).
وقوله : فَيُضاعِفَهُ لَهُ (١١) :
يقرأ «٥» بالرفع والنصب «٦» : فمن رفعه جعل الفاء عطفا ليست بجواب «٧» كقولك : من ذا الذي يحسن ويجمل «٨»؟ ومن نصب جعله جوابا للاستفهام ، والعرب تصل (من) فى الاستفهام ب (ذا) حتى تصير كالحرف الواحد. ورأيتها فى بعض مصاحف عبد اللّه : منذا متصلة فى الكتاب ، كما وصل فى كتابنا وكتاب عبد اللّه «يا بن أمّ». «٩»
(٥) فى ش : تقرأ.
(٦) الرفع قراءة نافع ، وأبى عمرو ، وحمزة ، والكسائي ، وخلف ، وقرأ عاصم بالنصب (الإتحاف : ٤١٠)
(٧) سقط فى (ا) والزيادة من ب ، ح ، ش.
(٨) فى ش : فيجمل.
(٩) من قوله تعالى فى سورة طه ٩٤ : الَ يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي.
و قوله : يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ (١٢) أي : يضىء بين أيديهم ، وعن أيمانهم ، وعن شمائلهم ، والباء فى «بِأَيْمانِهِمْ» فى معنى فى ، وكذلك : عن.
وقوله : بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ (١٢).
ترفع البشرى ، والجنات ، ولو نويت بالبشرى النصب توقع عليها تبشير الملائكة ، كأنه قيل لهم :
أبشروا ببشراكم ، ثم تنصب جنات ، توقع البشرى عليها.
و إن شئت نصبتها على القطع لأنها نكرة من نعت معرفة ، ولو رفعت البشرى باليوم كقولك : اليوم بشراكم اليوم سروركم ، ثم تنصب الجنات «١» على القطع ، ويكون فى هذا المعنى رفع اليوم ونصبه كما قال الشاعر :
زعم البوارح أنّ رحلتنا غدا وبذاك خبرنا الغداف الأسود «٢»
(١) فى ش : ثم نصبت على القطع.
(٢) البيت للنابغة انظر اللسان مادة : قوا وشرح المعلقات السبع للزوزنى : ١٨٧ ، والغداف : غراب القيظ الضخم. وفى ب ، ش يخبرنا مكان خبرنا. [.....]
و قوله : ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ (١٢) وهى فى قراءة عبد اللّه : «ذلك الفوز العظيم» بغير هو.
وفى قراءتنا «ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ» : كما كان فى قراءتنا «فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ» «٣» (٢٤) وفى كتاب أهل المدينة : «فإن اللّه الغنى الحميد» «٤».
(٣) وفى المصحف المكي : «فإن اللّه الغنى الحميد» النشر : ١/ ١١.
(٤) فى ش : فإن اللّه هو الغنى الحميد. وهو خطأ وسيذكر ما يدل على ذلك فى ص : ١٣٦ الآية.
وقوله : لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا (١٣) وقرأها يحيى بن وثاب والأعمش وحمزة (أنظرونا). من أنظرت ، وسائر القراء على (انظرونا) بتخفيف الألف «٥» ، ومعنى : انظرونا.
انتظرونا ، ومعنى أنظرونا ، أخرونا كما قال : «أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ» «٦» ، وقد تقول العرب :
«انظرنى» «٧» وهم يريدون : انتظرنى «٨» تقوية لقراءة يحيى ، قال الشاعر :
أبا هند فلا تعجل علينا وأنظرنا نخبّرك اليقينا «٩»
فمعنى هذه : انتظرنا قليلا نخبرك لأنه ليس هاهنا تأخير ، إنما هو استماع «١٠» كقولك للرجل :
اسمع منى حتى أخبرك :
(٥) التخفيف قراءة طلحة ، وزيد بن على (البحر المحيط ٨/ ٢٢١).
(٦) سورة الأعراف : الآية ١٤.
(٧ ، ٨) سقط فى ش.
(٩) البيت لعمرو بن كلثوم. انظر تفسير الطبري ٢٧/ ٢٢٤ ، شرح المعلقات للزوزنى : ١٢٢.
(١٠) فى ش : استمعا مع تحريف.
و قوله : قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ (١٣).
قال المؤمنون للكافرين : ارجعوا إلى الموضع الذي أخذنا منه [١٩٣/ ب ] النور ، فالتمسوا النور منه ، فلما رجعوا ضرب اللّه عز وجل بينهم : بين المؤمنين والكفار بسور ، وهو السور الذي يكون عليه أهل الأعراف.
وقوله : لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ الجنة ، وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ (١٣) النار ، وفى قراءة عبد اللّه : ظاهره من تلقائه العذاب.
وقوله : يُنادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ (١٤) على دينكم فى الدنيا ، فقال المؤمنون : «بَلى وَلكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ» (١٤) إلى آخر الآية.
وقوله : فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ (١٥).
القراء على الياء ، وقد قال بعض أهل الحجاز [لا] «١» تؤخذ «٢» والفدية مشتقة من الفداء ، فإذا تقدم الفعل قبل «٣» الفدية والشفاعة والصيحة والبينة وما أشبه ذلك ، فإنك «٤» مؤنث فعله وتذكّره «٥» ، قد جاء الكتاب بكل ذلك.
(١ و٨) سقط فى ش.
(٢) العبارة فى ح : تؤخذ لفدية ، تحريف.
(٣) سقط في ح.
(٤) في ش : فإن تؤنث فعله ويذكره ، تحريف.
(٥) قرأ الجمهور لا يؤخذ ، وقرأ أبو جعفر والحسن وابن أبى إسحق والأعرج وابن عامر وهرون عن أبى عمرو بالتاء لتأنيث الفدية. البحر المحيط ٨/ ٢٢٢.
وقوله عز وجل : مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ (١٥) أي : هى أولى بكم.
وقوله : أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ (١٦).
وفى يأن لغات : من العرب من يقول : ألم يأن لك ، وأ لم يئن لك مثل : يعن ، ومنهم من يقول : ألم ينل لك باللام ، ومنهم من يقول : ألم ينل لك ، وأحسنهن التي أتى بها القرآن
وقوله : وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ (١٦).
قرأها عاصم ، وبعض أهل المدينة (نزل) مشددة «٦» ، وقرأها «٧» بعضهم : «و ما نزل» مخففة وفى قراءة عبد اللّه : وما أنزل «٨» من الحق ، فهذا قوة لمن قرأ : نزّل. (١ و٨) سقط فى ش.
(٦) وهى قراءة الجمهور (البحر المحيط ٨/ ٢٢٣).
(٧) هما نافع وحفص. وقرأ الجحدري وأبو جعفر والأعمش وأبو عمرو فى رواية عنه مبنيا للمفعول مشددا ، وعبد اللّه : أنزل بهمزة النقل مبنيا للفاعل (البحر المحيط : ٨/ ٢٢٣). [.....]
(٨) في ح : وما نزل ، وهو تحريف.
و قوله : وَلا يَكُونُوا «١» (١٦).
فى موضع نصب ، معناه : ألم يأن لهم أن تخشع قلوبهم ، وألا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب ، ولو كان جزما كان صوابا على النهى «٢».
(١) في (ا) ولا تكونوا.
(٢) في (ا) كالنهى.
وقوله : إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ (١٨).
قرأها عاصم : إنّ المصدّقين والمصدّقات بالتخفيف للصاد ، يريد : الذين صدّقوا اللّه ورسوله ، وقرأها آخرون : إن «٣» المصّدّقين يريدون : المتصدقين بالتشديد ، وهى فى قراءة أبيّ : إن المتصدقين والمتصدقات بتاء ظاهرة «٤» ، فهذه «٥» قوة لمن قرأ إن المصّدّقين «٦» بالتشديد «٧».
(٣) سقط فى ب.
(٤) وهذا هو أصل الكلمة.
(٥) سقط فى ح.
(٦) في ح. المتصدقين تحريف.
(٧) قرأ ابن كثير وأبو بكر بتخفيف الصاد من التصديق ، أي صدقوا الرسول صلّى اللّه عليه وسلم ، وافقهما بن محيصن ، والباقون بالتشديد فيهما من تصدق أعنى الصداقة ، والأصل : المتصدقين والمتصدقات ، أدغم التاء فى الصاد (الإتحاف ٤١٠).
وقوله : أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ (١٩) انقطع الكلام عند صفة الصديقين.
ثم قال : «وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ» (١٩) يعنى : النبيين لهم أجرهم ونورهم ، فرفعت الصديقين بهم ، ورفعت الشهداء بقوله : «لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ» (١٩).
وقوله : وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوانٌ (٢٠).
ذكر ما فى الدنيا ، وأنه على ما «٨» وصف ، وأما الآخرة فإنها إما عذاب ، وإما جنة ، والواو فيه واو بمنزلة واحدة كقولك : ضع الصدقة فى كل يتيم وأرملة ، وإن قلت : فى كل يتيم أو أرملة ، فالمعنى واحد واللّه أعلم.
(٨) سقطت الواو في ح ، ش.
وقوله : ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ (٢٢).
أي ما أصاب الآدمي فى الأرض من مصيبة مثل : ذهاب المال ، والشدة ، والجوع ، والخوف
«وَ لا فِي أَنْفُسِكُمْ» الموت فى الولد ، وغير الولد ، والأمراض «١» «إِلَّا فِي كِتابٍ» يعنى : فى العلم الأول ، من قبل أن نبرأ تلك النفس أي : «٢» نخلقها ، إن ذلك على اللّه يسير ، ثم «٣» يقول : إن حفظ ذلك من جميع [١٩٤/ ا] الخلق على اللّه يسير ، ثم أدّب عباده ، فقال : هذا «لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ». أي : لا تحزنوا «٤» : «وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ» (٢٣) ، ومن قرأ : بما أتاكم بغير مد يجعل الفعل - لما «٥».
(١) في ح : والأرض ، تحريف.
(٢) فى ش : أن ، تحريف.
(٣) سقط في ب ، ش.
(٤) في ح ، ش : وقال : ولا تفرحوا.
(٥) هى قراءة أبى عمرو والحسن ، والباقين بالمد من الإيتاء أي بما أعطاكم اللّه إياه. (الإتحاف : ٤١١). [.....]
وقوله : وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٢٤).
وفى قراءة أهل المدينة بغير - هو - «٧» دليل على ذلك.
(٧) فى مصاحف أهل المدينة فإن اللّه الغنى الحميد (البحر المحيط ١/ ٣٩٨).
وقوله : الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ (٢٤).
هذه اليهود بخلت حسدا أن تظهر «٦» صفة النبي صلّى اللّه عليه وسلّم حسدا للإسلام لأنه يذهب ملكهم.
(٦) في ش : : أن يظهروا.
وقوله : وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ (٢٥).
ذكر أن اللّه عز وجل أنزل : القلاة والكلبتين والمطرقة. قال «٨» الفراء : القلاة : السّندان.
(٨) مكررة فى ب.
وقوله : فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ (٢٥).
يريد : السلاح للقتال ، ومنافع للناس «٩» مثل : السكين ، والفأس ، والمز «١٠» وما أشبه ذلك.
(٩) فى القرطبي : عن ابن عباس ، نزل آدم من الجنة ومعه من الحديد خمسة أشياء من آلة الحدادين : السّندان ، والكلبتان ، والميقعة ، والمطرقة ، والإبرة.
(١٠) كذا فى النسخ ولعلها المسن.
وقوله : النُّبُوَّةَ (٢٦).
وفى مصحف عبد اللّه بالياء بياءين : النّبيّية بياءين والهمزة فى كتابه تثبت بالألف فى كل نوع ،
فلو كانت همزة لأثبتت بالألف ، ولو كانت الفعولة لكانت بالواو ، ولا تخلو أن تكون مصدر النبأ «١» أو النبيّة مصدرا فنسبت «٢» إلى النبي صلّى اللّه عليه وسلم.
والعرب تقول : فعل ذلك «٣» فى غلوميته ، وفى غلومته «٤» ، وفى غلاميته ، وسمع الكسائي العرب تقول : فعل ذلك فى وليديته يريد : وهو وليد أي : مولود ، فما جاءك من مصدر لاسم موضوع ، فلك فيه : الفعولة ، والفعولية ، وأن تجعله منسوبا على صورة الاسم ، من ذلك أن تقول : عبد بين العبودية ، والعبودة والعبدية «٥» ، فقس على هذا.
(١) فى ح : مصدرا للنبأ.
(٢) في ب : مصدر نسبت ، وفي ش : مصدرا نسبت.
(٣) فى ش : ذاك.
(٤) في ح : غلومية ، تحريف.
(٥) سقط فى ح ، ش.
وقوله : يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ (٢٨) الكفل : الحظ ، وهو فى الأصل ما يكتفل به الراكب فيحبسه ويحفظه عن «٦» السقوط ، يقول :
يحصنكم الكفل من عذاب اللّه ، كما يحصّن هذا الراكب الكفل من السقوط.
وقوله : لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ (٢٩) وفى قراءة عبد اللّه : لكى يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون ، والعرب تجعل لا صلة فى كل كلام دخل «٧» فى آخره جحد ، أو فى أوله جحد غير مصرح ، فهذا مما دخل آخره الجحد ، فجعلت (لا) فى أوله صلة. وأما الجحد السابق الذي لم يصرح به «٨» فقوله عز وجل : «ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ» «٩».
(٦) فى ش : على ، تحريف.
(٧) فى ش : داخل.
(٨) سقط فى ح.
(٩) سورة الأعراف الآية : ١٢. [.....]
و قوله : «وَ ما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ» «١» وقوله : وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ» «٢» وفى الحرام معنى الجحد والمنع ، وفى قوله : (وَ ما يُشْعِرُكُمْ) فلذلك جعلت (لا) بعده صلة معناها السقوط من الكلام.
(١) سورة الأنعام الآية : ١٠٩.
(٢) سورة الأنبياء الآية ٩٥. وقرأها ابن عباس : وحرم. وقرأ أبو بكر ، وحمزة ، والكسائي ، وافقهم الأعمش. حرام. انظر معانى القرآن ٢/ ٢١١.