سُورَةُ الْوَاقِعَةِ مَكِّيَّةٌ

وَهِيَ سِتٌّ وَتِسْعُونَ آيَةً

٢

قوله عز وجل : لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ (٢).

يقول : ليس لها مردودة ولا رد ، فالكاذبة «١» هاهنا مصدر مثل : العاقبة ، والعافية.

قال : وقال لى أبو ثروان فى كلامه : إن بنى نمير ليس لحدهم مكذوبة «٢» ، يريد : تكذيب ، ثم قال :

(خافضة رافعة) على الاستئناف : أي الواقعة يومئذ خافضة لقوم إلى النار ، ورافعة لقوم إلى الجنة ، ولو قرأ قارئ : خافضة رافعة يريد «٣» إذا وقعت وقعت خافضة لقوم. رافعة لآخرين ، ولكنه يقبح «٤» لأن العرب لا تقول : «٥» إذا أتيتى زائرا حتى يقولوا «٦» : إذا «٧» أتيتنى فأتنى زائرا أو ائتنى زائرا ، ولكنه حسن فى الواقعة لأنّ النصب قبله آية يحسن عليها السكوت ، فحسن الضمير فى المستأنف.

(١) الكاذبة فى قوله : ليس لوقعتها كاذبة ، أي ليس لها مثوبة ولا رجعة ولا ارتداد (تفسير الطبري ٢٧/ ٨٦)

(٢) فى ج ، ش : مكذبة.

(٣) سقط فى ش.

(٤) فى ح ، ش : قبح.

(٥ ، ٦) سقط فى ش.

(٧) إذا : سقط فى (ا).

٤

وقوله : إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (٤).

إذا زلزلت حتى ينهدم كل بناء على وجه الأرض.

٥

وقوله : وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا (٥).

صارت كالدقيق ، وذلك قوله : (وَ سُيِّرَتِ الْجِبالُ) «٨» ، وسمعت العرب تنشد :

لا تخبزا خبزا وبسّا بسّا ملسا بذود الحلس ملسا «٩»

 (٨) سيرت - النبأ : ٢٠.

(٩) روى البيت الثاني بروايات مختلفة ، ففى المخصص (٧ : ١٢٧) :

ملسا يذوذ الحدسى ملسا وفى تفسير الطبري (٢٧ : ٨٧) : مدودا محلسا ، مكان بذود الحلسى. والبيت فى تفسير القرطبي (١٧ : ١٩٦) :

و لا تطيلا بمناخ حبسا [.....]

و الحمّس [أيضا] «١» والبسيسة عندهم الدقيق ، أو «٢» السويق يلت ، ويتخذ زادا.

(١) سقط فى ب ، ح ، ش.

(٢) فى ش : والسويق ، تحريف.

٧

وقوله : وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً (٧) ثم فسرهم فقال : فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ (٨).

عجّب نبيّه منهم فقال : ما أصحاب الميمنة؟ أي «٣» شىء هم؟ وهم أصحاب اليمين ، وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ (٩) ، عجّبه أيضا منهم ، وهم أصحاب الشمال ، ثم قال : وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (١٠). فهذا الصنف الثالث ، فإن شئت رفعت السابقين بالسابقين الثانية وهم المهاجرون ، وكل من سبق إلى نبى من الأنبياء «٤» فهو من هؤلاء ، فإذا رفعت أحدهما بالآخر ، كقولك الأول السابق ، وإن شئت جعلت الثانية تشديدا للأولى ، ورفعت بقوله : أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (١١).

(٣) فى ش : أي : أي شىء هم؟

(٤) فى ش : فهم.

١٥

وقوله : عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (١٥).

موضونة : منسوجة ، وإنما سمت العرب وضين الناقة وضينا «٥» لأنه منسوج ، وقد سمعت بعض العرب يقول : فإذا الآجر موضون «٦» بعضه على بعض يريد : مشرج ، [قال الفراء :

الوضين الحزام «٧»].

(٥) زاد فى ش بعد (وضينا) : قال الفراء : وهو حزام الناقة وضنيا ، فاضطربت العبارة.

(٦) وضن فلان الحجر والآجر بعضه على بعض : إذا أشرجه : أي شدة ، فهو موضون.

(٧) ما بين الحاصرتين زيادة فى ش.

١٧

وقوله : وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ (١٧).

يقال : إنهم على سن واحدة لا يتغيرون ، والعرب تقول للرجل إذا كبر ولم يشمط : إنه

و يبدو أن رواية المخصص محرفة ، وقد يؤيد ذلك ما نقله عن مناسبة الرجز إذ يقول : قال أبو على : قال لى أبو بكر هذا يخاطب سارقين. يقول : لا تصعدا للخبز فتعتقلا ، ولكن اتخذا البسيسة. وملست الناقة : تقدمت ، وملست بها.

والذوذ : ثلاثة أبعرة إلى العشرة ، وقيل أكثر من ذلك. فكأن ما سرقه اللصان ، كان أبعرة ، وكأن الحلسى أو الحمسى صاحبها. ومن معانى الحلس. بالتحريك : الكبير من الناس ، فكأن الحلسى نسبة إليه. ولم نعثر على معنى مناسب لكلمة (مدودا) فى رواية الطبري. والأرجح أنه محرفة أيضا. وزاد فى المخصص بعد الشاهد :

من غدوة حتى كأن الشمسا ... بالأفق الغربي تطلى ورسا.

لمخلّد ، وإذا لم تذهب أسنانه عن «١» الكبر قيل أيضا : إنه لمخلد «٢» ، ويقال : مخلّدون مقرّطون ، ويقال : مسوّرون.

(١) فى ش على.

(٢) فى ا ، ب : مخلد.

١٨

[١٩١/ ا] وقوله : بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ (١٨).

والكوب : ما لا أذن له ولا عروة له. والأباريق : ذوات الآذان والعرا.

١٩

وقوله : لا يُصَدَّعُونَ عَنْها (١٩) عن الخمر وَلا يُنْزِفُونَ (١٩) أي : لا تذهب عقولهم.

يقال للرجل إذا سكر قد نزف «٣» عقله ، وإذا ذهب دمه وغشى عليه أو مات قيل : منزوف.

ومن قرأ : «يُنْزِفُونَ» : يقول : لا تفنى خمرهم ، والعرب تقول للقوم إذا فنى زادهم : قد أنزفوا وأقتروا «٤» ، وانفضوا ، وأرملوا ، وأملقوا.

(٣) فى ح : قد طرف عقله.

(٤) فى ش : واقتربوا ، تحريف.

٢٢

وقوله : وَحُورٌ عِينٌ (٢٢).

خفضها أصحاب عبد اللّه وهو وجه العربية ، وإن كان أكثر القراء على الرفع لأنهم هابوا أن يجعلوا الحور العين يطاف بهن ، فرفعوا على قولك : ولهم حور عين ، أو عندهم حور عين. والخفض على أن تتبع آخر الكلام بأوله ، وإن لم يحسن فى آخره ما حسن فى أوله ، أنشدنى بعض العرب :

إذا ما الغانيات برزن يوما وزجّجن الحواجب والعيونا «٥»

فالعين لا تزجج إنما تكحّل ، فردّها على الحواجب لأن المعنى يعرف ، وأنشدنى آخر :

و لقيت زوجك فى الوغى متقلدا سيفا ورمحا «٦»

و الرمح لا يتقلد ، فردّه على السيف وقال آخر :

تسمع للأحشاء منه لغطا ولليدين جسأة وبددا «٧»

 (٥) البيت للراعى النميري. وانظر شرح شواهد المغني : ٢ : ٧٧٥ ، ٧٧٦ والدرر اللوامع : ١ : ١٩١.

(٦) يروى الشطر الأول هكذا :

يا ليت زوجك قد غدا

انظر الخصائص : ٢ : ٤٣١. [.....]

(٧) يروى (الأجواف) مكان الأحشاء ، وجمعها على إرادة جوانب الجوف. والجسأة : اليبس والتصلب.

الخصائص : ٢ : ٤٣٢.

و أنشدنى بعض بنى دبير :

علفتها تبنا وماء باردا حتى شتت همالة عيناها «١»

و الماء لا يعتلف إنما يشرب ، فجعله تابعا للتبن ، وقد كان ينبغى لمن قرأ : وحور عين لأنهن - زعم - لا يطاف بهن أن يقول : «وَ فاكِهَةٍ وَلَحْمِ طَيْرٍ» لأن الفاكهة واللحم لا يطاف بهما - ليس يطاف إلّا بالخمر وحدها ففى ذلك بيان لأن الخفض وجه الكلام. وفى قراءة أبى بن كعب :

و حورا عينا «٢» أراد الفعل الذي تجده فى مثل هذا من الكلام كقول الشاعر :

جئنى بمثل بنى بدر لقومهم أو مثل أسرة منظور بن سيار «٣»

(١) يروى قبل صدره :

لما حططت الرحل عنبا واردا

انظر الخزانة : ١ : ٤٩٩.

(٢) على معنى : ويزوجون حورا عينا ، كما فى المحتسب : ٢ ٣٠٩.

(٣) البيت لجرير يخاطب الفرزدق. الديوان : ٣١٢ ، والكتاب : ١ : ٤٨ ، ٨٦ ، والمحتسب : ٢ : ٧٨

٢٦

و قوله : إِلَّا قِيلًا سَلاماً سَلاماً (٢٦).

إن شئت جعلت السلام تابعا للقيل ، وهو هو ، وإن شئت أردت - إلّا قيل سلام سلام ، فإذا نونت نصبت ، لأن الفعل واقع عليه ، ولو كان مرفوعا - قيلا سلام سلام لكان جائزا.

وأنشدنى بعض العرب وهو العقيلي :

فقلنا السلام فاتقت من أميرها فما كان إلا ومؤها بالحواجب «٤»

أراد حكاية المبتدى بالسلام ، وسمع الكسائي العرب يقولون : التقينا فقلنا : سلام سلام ، ثم تفرقنا أراد. قلنا : سلام عليكم فردوا علينا.

(٤) اقتصر فى المخصص : ١٣ : ١٥٥ على العجز.

٢٨

وقوله : فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ «٥» (٢٨).

لا شوك فيه.

(٥) فى ش : مخضوض ، تحريف.

٢٩

وقوله : وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (٢٩).

ذكر الكلبي : أنه الموز ، ويقال : هو الطلح الذي تعرفون.

٣٠

و قوله : وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (٣٠).

لا شمس فيه كظل ما بين طلوع [١٩١/ ب ] الفجر إلى أن تطلع الشمس.

٣١

وقوله : وَماءٍ مَسْكُوبٍ (٣١).

جار غير منقطع.

٣٢

وقوله : وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (٣٢) لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ (٣٣).

«١» لا تجىء فى حين وتنقطع فى حين ، هى أبدا دائمة ولا ممنوعة كما يمنع أهل الجنان فواكههم.

(١) فى ب : يقول لا تجىء.

٣٤

وقوله : وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (٣٤).

بعضها فوق بعض.

٣٥

وقوله : إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً (٣٥).

يقول : أنشأنا الصّبية والعجوز ، فجعلناهن أترابا أبناء ثلاث وثلاثين.

٣٧

وقوله : عُرُباً (٣٧).

واحدهن : عروب ، وهى المتحببة إلى زوجها الغنجة.

حدثنا الفراء قال «٢» وحدثنى شيخ عن الأعمش قال : كنت أسمعهم يقرءون «٣» : «عُرُباً أَتْراباً» بالتخفيف «٤» ، وهو مثل قولك : الرسل والكتب فى لغة تميم وبكر بالتخفيف «٥» ولتثقيل وجه القراءة ، لأن كلّ فعول أو فعيل أو فعال جمع على هذا المثال ، فهو مثقّل مذكرا كان أو مؤنثا ، والقراء «٦» على ذلك «٧».

(٢) فى ش : قال الفراء : وحدثنى وفى ب : أخبرنا محمد بن الجهم قال ...

(٣) فى ح ، ش يقولون.

(٤) فى ش : التخفيف ، سقط.

(٥) سقط فى ب.

(٦) فى (ا) والقراءة.

(٧) قرأها بسكون الراء أبو بكر وحمزة وخلف. (الإتحاف : ٤٠٨).

٣٨

وقوله : لِأَصْحابِ الْيَمِينِ (٣٨).

 أي : هذا لأصحاب اليمين.

٣٩

وقوله هاهنا : ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (٣٩) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (٤٠).

وقد قال فى أول السورة : «ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ» (١٤) :

و ذكروا أن أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بكوا وشق عليهم.

قوله : « «١» وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ «٢»» ، فأنزل اللّه جل وعز هذه «ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ ، وَثُلَّةٌ «٣» مِنَ الْآخِرِينَ». ورفعها على الاستئناف ، وإن شئت جعلتها مرفوعة ، تقول : ولأصحاب اليمين ثلتان :

ثلة من هؤلاء ، «٤» وثلة من هؤلاء «٥» ، والمعنى : هم فرقتان : فرقة من هؤلاء ، وفرقة من هؤلاء.

(١ ، ٢) سقط فى ح. [.....]

(٣) فى ش : وثلاثة ، تحريف.

(٤ ، ٥) سقط فى ش.

٤٣

وقوله : وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (٤٣).

واليحموم : الدخان الأسود «٦».

(٦) فى ش : الأشد ، تحريف.

٤٤

وقوله : لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ (٤٤).

وجه الكلام أن يكون خفضا متبعا لما قبله ، ومثله : «زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ «٧»». وكذلك : «وَ فاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ» «٨» ، ولو رفعت ما بعد لا لكان صوابا من كلام العرب ، أنشدنى بعضهم «٩» :

و تريك وجها كالصحيفة ، لا ظمآن مختلج ، ولا جهم

كعقيلة الدّرّ استضاء بها محراب عرش عزيزها العجم

و قال آخر :

و لقد أبيت من الفتاة بمنزل فأبيت لا زان ولا محروم «١٠»

 (٧) سورة النور الآية : ٣٥.

(٨) سورة الواقعة : الآيتان ٣٢ ، ٣٣.

(٩) هما للمخبل : اللسان مادة خلج. وانظر المفضليات ١/ ١١٥.

(١٠) انظر الخزانة ٢/ ٥٥٣.

يستأنفون بلا ، فإذا ألقوها لم يكن إلّا أن تتبع أول الكلام بآخره «١» ، والعرب تجعل الكريم تابعا لكل شىء نفت عنه فعلا تنوى به الذم ، يقال : أسمين هذا؟ فتقول : ما هو بسمين «٢» ولا كريم ، وما هذه الدار بواسعة ولا كريمة.

(١) في ب ، كتب بين الأسطر ، فوق قوله بآخره ما يأتى : وقال فى قوله : لا بارد ولا كريم.

(٢) فى ش : سمين ، تحريف.

٤٥

وقوله : إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُتْرَفِينَ (٤٥).

متنعمين فى الدنيا.

٤٦

وقوله : وَكانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ (٤٦).

الشرك : هو الحنث العظيم.

٥٢

وقوله : «لَآكِلُونَ [١٩٢/ ١] مِنْ شَجَرٍ» (٥٢).

وهى فى قراءة عبد اللّه : الآكلون «٣» من شجرة من زقوم ، فمعنى شجر وشجرة واحد ، لأنك إذا قلت «٤» : أخذت من الشاء ، فإن نويت واحدة أو أكثر من ذلك فهو جائز.

ثم قال : فَمالِؤُنَ مِنْهَا (٥٣).

من الشجرة ، ولو قال : فمالئون منه «٥» إذ لم يذكر الشجرة كان صوابا يذهب إلى الشجر فى منه «٦» ، وتؤنث الشجر ، فيكون منها كناية عن الشجر ، والشجر تؤنث «٧» ويذكر مثل الثمر.

(٣) سقط فى ش.

(٤) فى ب : لأنك تقول.

(٥ ، ٦) سقط فى ش.

٥٤

وقوله فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (٥٤).

إن شئت كان على الشجر ، وإن شئت فعلى الأكل.

٥٥

وقوله «٨» : فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ «٩» (٥٥).

«١٠» حدثنا الفراء قال «١١» : حدثنى الكسائي «١٢» عن رجل من بنى أمية يقال له : يحيى بن سعيد

 (٧) فى ش : يؤنث. وفى (ب) : والشجر تؤنث وتذكر.

(٨ ، ٩) سقط فى ب. [.....]

(١٠ ، ١١) سقط فى ش. وفى ب مكانه : قال حدثنا محمد بن الجهم قال حدثنا الفراء.

(١٢) فى ج حدثنا الكسائي.

الأموى قال : سمعت ابن جريج يقرأ : «فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ» بالفتح ، قال : فذكرت ذلك لجعفر ابن محمد قال : فقال : أو ليست كذاك؟ أما بلغك أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه بعث بديل ابن ورقاء الخزاعي إلى أهل منى ، فقال : إنها أيام أكل وشرب وبعال.

«١» قال الفراء : البعال : النكاح ، وسائر القراء يرفعون الشين : «فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ» و«الْهِيمِ» : الإبل التي يصيبها داء فلا تروى من الماء ، واحدها : أهيم ، والأنثى : هيماء.

ومن العرب من يقول : هائم ، والأنثى «٢» هائمة ، ثم يجمعونه على هيم ، كما قالوا : عائط «٣» وعيط ، وحائل وحول ، وهو فى المعنى : حائل حول إلا أن الضمة تركت فى هيم لئلا تصير الياء واوا. ويقال «٤» : إن الهيم الرمل. يقول : يشرب أهل النار كما تشرب السّهلة «٥» قال قال الفراء : الرملة بعينها السهلة ، وهى سهلة وسهلة.

(١) فى ب : قال قال الفراء.

(٢) فى ش : واللأنثى.

(٣) العائط : التي لم تحمل سنين من غير عقم.

(٤) فى ش : فيقال :

(٥) السّهلة : رمل خشن ليس بالدقاق الناعم. يقول عز وجل : يشرب أهل النار ، كما تشرب السهلة - اللسان : سهل وهيم.

٥٨

وقوله : أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ (٥٨).

يعنى : النّطف إذا قذفت فى أرحام النساء.

٥٩

وقوله : أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ (٥٩).

تخلقون تلك النطف أم نحن الخالقون. وقد يقال للرجل : منى وأمنى ، ومذى وأمذى ، فأمنى أكثر من منى ، ومذى [أكثر من أمذى ] «٦».

(٦) سقط فى ح

٦٣

وقوله : أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ (٦٣) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ «٧» (٦٤).

أي : تنبتونه.

(٧) فى ش تزرعون ، تحريف.

٦٥

وقوله : فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (٦٥).

تتعجبون مما نزل بكم فى زرعكم ، ويقال : معنى تفكهون : تندمون.

٦٦

و قوله : إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (٦٦).

يقال : إنا لمعذّبون ، ويقال : إنا لمولع بنا وهو من قيلهم.

٧٠

وقوله : لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً (٧٠).

وهو الملح المر الشديد المرارة من الماء.

٧٣

وقوله : نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ (٧٣).

يعنى [منفعة] «١» للمسافرين إذا نزلوا بالأرض [القىّ يعنى : ] «٢» القفر «٣».

(١) سقط فى ب ، ح ، ش.

(٢) سقط فى ش ، ح.

٧٥

وقوله : فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ «٤» النُّجُومِ (٧٥).

حدثنا الفراء «٥» قال : وحدثنى «٦» أبو ليلى السجستاني عن أبى جرير قاضى سجستانى قال : قرأ عبد اللّه بن مسعود «فلا أقسم بموقع النّجوم» والقراء جميعا على : مواقع.

حدثنا الفراء «٧» قال : حدثنى الفضيل بن عياض عن منصور عن المنهال بن عمرو رفعه «٨» إلى عبد اللّه فيما أعلم شك الفراء [١٩٢/ ب ] قال : فلا أقسم بموقع النجوم ، قال : بمحكم القرآن ، وكان ينزل على النبي صلّى اللّه عليه نجوما.

(٣) جاء فى الطبري : القىّ : القفر من الأرض ، أبدلوا الواو ياء طلبا للخفة ، وكسروا القاف لمجاورتها الياء.

(٤) موقع بلفظ الإفراد قراءة حمزة والكسائي ، كما فى الإتحاف : ٢٥٢.

(٥ و٧) فى ش : حدثنا أبو العباس قال : حدثنا محمد قال : حدثنا الفراء ... [.....]

(٦) فى ش : حدثنى.

(٨) فى ش : ورفعه.

٧٦

وقوله : وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (٧٦) يدل على أنه القرآن.

ويقال : فلا أقسم بموقع النجوم ، بمسقط النجوم إذا سقطن.

٧٩

وقوله : لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (٧٩).

حدثنا الفراء «٩» قال : حدثنى حبّان عن الكلبي عن أبى صالح عن ابن عباس قال : لا يمسّ ذلك

(٩) فى ب : حدثنا محمد بن الجهم قال : حدثنا الفراء.

اللوح المحفوظ إلا المطهرون يقول : الملائكة الذين طهروا من الشرك. ويقال : لا يمسه : لا يجد طعمه ونفعه إلا المطهرون من آمن به.

٨١

وقوله : أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (٨١) مكذبون وكافرون ، كلّ قد سمعته.

٨٢

وقوله : وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (٨٢).

جاء فى الأثر : تجعلون رزقكم : شكركم «١» ، وهو فى العربية حسن أن تقول : جعلت زيارتى إياك أنك استخففت بي ، فيكون المعنى : جعلت ثواب الزيارة - الجفاء. كذلك جعلتم شكر الرزق - التكذيب «٢».

(١) فى ح ، ش : شرككم ، وهو تحريف.

(٢) عن ابن عباس أنه كان يقرأ : وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون ، ثم قال : ما مطر الناس ليلة قط إلّا أصبح بعض الناس مشركين ، يقولون : مطرنا بنوء كذا وكذا ... قال : فكان ذلك منهم كفرا بما أنعم عليهم (تفسير الطبري :

٢٧/ ١٠٧).

٨٣

وقوله : فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (٨٣) يعنى : النّفس عند الموت وقوله : وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (٨٤) يعنى : أهل الميت عنده.

ينظرون إليه. والعرب تخاطب القوم بالفعل كأنهم أصحابه ، وإنما يراد به بعضهم : غائبا كان أو شاهدا ، فهذا من ذلك كقولك للقوم : أنتم قتلتم فلانا ، وإنما قتله الواحد الغائب. ألا ترى أنك قد تقول لأهل المسجد لو آذوا رجلا بالازدحام : اتقوا اللّه ، فإنكم تؤذون المسلمين ، فيكون صوابا.

وإنما تعظ غير الفاعل فى كثير من الكلام ، ويقال : أين جواب (فلولا) الأولى ، وجواب التي بعدها؟ والجواب فى ذلك : أنهما أجيبا بجواب واحد وهو ترجعونها ، وربما أعادت العرب الحرفين ومعناهما «٣» واحد. فهذا من ذلك ، ومنه «٤» : «فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ «٥»». أجيبا بجواب واحد وهما جزاءان ، ومن ذلك قوله : لا تحسبنّ الّذين يفرحون بما أتوا ويحبّون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنّهم «٦»

 (٣) فى ش : معناهما.

(٤) فى ش : وقوله.

(٥) سورة البقرة الآية : ٣٨.

(٦) سورة آل عمران : ١٨٨.

و قوله : «أَ يَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ «١»» وقد فسّر فى غير هذا الموضوع «٢».

(١) سورة (المؤمنون) الآية : ٣٥.

(٢) انظر الجزء الثاني من معانى القرآن ص : ٢٣٤ ، ٢٣٥.

٨٦

وقوله : غَيْرَ مَدِينِينَ (٨٦) مملوكين ، وسمعت : مجزيين.

٨٨

وقوله : فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٨٨) من أهل جنة عدن.

«فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ» (٨٩).

حدثنا الفراء «٣» قال : وحدثنى شيخ عن حماد بن سلمة «٤» عن عبد اللّه بن شقيق عن عائشة عن النبي صلّى اللّه عليه أنه قال : «فَرَوْحٌ «٥» وَرَيْحانٌ» وقراءة «٦» الحسن كذلك ، والأعمش وعاصم والسّلمى وأهل المدينة وسائر القراء (فروح) ، أي : فروح فى القبر ، ومن قرأ (فروح) يقول : حياة لا موت فيها ، (وريحان) : رزق.

(٣) فى ش : حدثنا أبو العباس قال : حدثنا محمد قال : حدثنا الفراء.

(٤) هو حماد بن سلمة بن دينار أبو سلمة البصري الإمام الكبير ، روى القراءة عرضا عن عاصم وابن كثير ، وروى عنه الحروف حرمى بن عمارة ، وحجاج بن المنهال ، وقد انفرد برواية بعض الحروف عن ابن كثير مات سنة ١٦٧ ه (طبقات القراء ١/ ٢٥٨).

(٥) ورويت أيضا عن أبى عمرو وابن عباس (الإتحاف ٤٠٩). [.....]

(٦) فى (ب) وقرأه.

٩١

وقوله : فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ (٩١).

أي : فذلك مسلّم لك أنك من أصحاب اليمين ، وألقيت أن «٧» وهو معناها «٨» كما تقول : أنت مصدّق مسافر عن قليل إذا كان قد قال : إنى مسافر عن قليل.

وكذلك تجد معناه : أنت مصدق أنك مسافر ، ومعناه «٩» : فسلام لك أنت من أصحاب اليمين. وقد يكون كالدعاء له ، كقولك : فسقيا «١٠» لك من الرجال ، وإن رفعت السلام فهو دعاء.

واللّه أعلم بصوابه.

(٧ ، ٨) سقط فى ش.

(٩) فى ش فمعناه : وفى ب : معناه.

(١٠) فى ح ، ش : سقيا. [١٩٣/ ا]