سُورَةُ الْقَمَرِ مَكِّيَّةٌ

 وَهِيَ خَمْسٌ وَخَمْسُونَ آيَةً

١

قوله عزّ وجلّ :

وَ انْشَقَّ الْقَمَرُ (١) ذكر : أنّه انشقّ ، وأنّ عبد اللّه بن مسعود رأى «١» حراء «٢» من بين فلقتيه فلقتى القمر.

(١) سقط في ح. [.....]

(٢) فى ح جزاء مكان حراء تحريف.

٢

وقوله : وَإِنْ يَرَوْا آيَةً. يعنى القمر يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (٢).

أي : سيبطل ويذهب.

وقال بعضهم : سحر يشبه بعضه بعضا.

٣

وقوله : وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ (٣).

سيقر قرار تكذيبهم ، وقرار قول المصدّقين حتىّ يعرفوا حقيقته «٣» بالعقاب والثواب.

(٣) فى ش : بحقيقته.

٤

وقوله : مُزْدَجَرٌ (٤) منتهىّ.

٥

وقوله : حِكْمَةٌ بالِغَةٌ (٥).

مرفوع على الرّد على (ما فيه مزدجر) ، و(ما) فى موضع رفع ، ولو رفعته على الاستئناف كأنّك تفسّر به (ما) لكان صوابا ، ولو نصب على القطع لأنّه نكرة ، وما معرفة كان صوابا.

ومثله فى رفعه : (هذا ما لدىّ عتيد) «٤» ولو كان (عتيد) منصوبا كان صوابا. «٥»

(٤) سورة ق الآية ٢٣.

(٥) قوله : كان صوابا ، لأن «هذا» و«ما» معرفتان ، فيقطع العتيد منهما. كمن قرأ : هذا بعلى شيخا انظر الآية ٢٣ من سورة ق فيما سبق.

و قوله : فَما تُغْنِ النُّذُرُ «٦» (٥).

 (٦) رسمت فى ا ، ب : تغنى ، ورسم المصحف : تغن بحذف الياء.

إن شئت جعلت (ما) جحدا تريد : ليست تغنى عنهم النذر ، «١» وإن شئت جعلتها فى موضع أىّ - كأنك قلت. فأىّ شىء تغنى النذر «٢». [١٨٧/ ا]

(١ ، ٢) ساقط فى ح ، ش.

٧

و قوله : خاشعا أبصارهم (٧).

إذا تقدّم الفعل قبل اسم مؤنث ، وهو له أو قبل جمع مؤنث مثل : الأبصار ، والأعمار وما أشبهها - جاز تأنيث الفعل وتذكيره وجمعه ، وقد أتى بذلك فى هذا الحرف ، فقرأه ابن عباس (خاشعا).

[حدثنى محمد بن الجهم قال ] «٣» حدثنا الفراء قال : وحدثنى هشيم وأبو معاوية عن وائل ابن داود عن مسلم بن يسار عن ابن عباس أنّه قرأها (خاشعا).

[حدثنى محمد قال ] «٤» حدثنا الفراء قال : وحدثنى هشيم عن عوف الأعرابى عن الحسن وأبى رجاء العطاردىّ أن أحدهما قال : (خاشعا) والآخر (خُشَّعاً).

قال الفراء : وهى فى قراءة عبد اللّه (خاشعة أبصارهم) «٥». وقراءة الناس بعد (خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ) «٦».

وقد قال الشاعر :

و شباب حسن أوجههم من إياد بن نزار بن معدّ «٧»

و قال الآخر.

يرمى الفجاج بها الركبان معترضا أعناق بزّلها مرخى لها الجدل «٨»

(٣ ، ٤) زيادة فى ب.

(٥) انظر قراءة عبد اللّه : خاشعة أبصارهم ، فى المصاحف للسجستانى ص : ٧٢.

(٦) جاء فى تفسير الطبري : واختلفت القراء فى قوله : خاشعا أبصارهم فقرأ ذلك عامة قراء المدينة وبعض المكيين والكوفيين : خشعا بضم الخاء وتشديد الشين بمعنى خاشع ، وقرأه عامة قراء الكوفة وبعض البصريين :

خاشعا أبصارهم بالألف على التوحيد (الطبري ٢٧/ ٤٨).

(٧) البيت للحرث بن دوس الأنصاري ، ويروى لأبى دؤاد الأنصاري (انظر تفسير القرطبي ١٧/ ١٢٩) (والبحر ٨/ ١٧٥) وفى ح : وشهاب مكان وشباب ، تحريف. وفى ش : إياد نزار ، سقط.

(٨) انظر البحر المحيط ٨/ ١٧٥ واختلاف الرواية فيه.

قال الفراء : الجدل : جمع الجديل ، وهو الزمام ، فلو قال : معترضات ، أو معترضة لكان صوابا ، مرخاة ومرخيات.

٨

وقوله : مُهْطِعِينَ (٨). ناظرين قبل الداع.

٩

وقوله : وَقالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ (٩).

زجر بالشتم ، وازدجر افتعل من زجرت ، وإذا «١» كان الحرف أوله زاى صارت تاء الافتعال فيه دالا من ذلك : زجر ، وازدجر ، ومزدجر ، ومن ذلك : المزدلف ويزداد هى من الفعل يفتعل فقس عليه ماورد.

(١) فى ش : وإن.

١٢

وقوله : فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (١٢).

أراد الماءين : ماء الأرض ، وماء السماء ، ولا يجوز التقاء إلّا لاسمين ، فما زاد ، وإنّما جاز فى الماء ، لأن الماء يكون جمعا وواحدا.

وقوله : عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ. قدر «٢» فى أمّ الكتاب.

ويقال : قد «٣» قدر أن الماءين كان مقدارهما واحدا. ويقال : «٤» قد قدر «٥» لما أراد اللّه من تعذيبهم.

(٢) سقط فى ب ، ح ، ش.

(٣) سقط فى ش. [.....]

(٤ ، ٥) سقط فى ح.

١٣

وقوله : وَحَمَلْناهُ (١٣).

حملنا نوحا على ذات ألواح يعنى : السفينة ، (ودسر) (١٣) مسامير السفينة ، وشرطها التي تشد بها.

١٤

وقوله : جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ (١٤).

أي : جحد.

يقول : فعلنا به وبهم ما فعلنا جزاء لما صنع بنوح وأصحابه ، فقال : لمن «١» يريد القوم ، وفيه معنى ما. ألا ترى أنّك تقول : غرّقوا لنوح ولما صنع بنوح ، والمعنى واحد.

(١) فى ح : لما.

١٥

وقوله : وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً (١٥).

يقول : أبقيناها من بعد نوح آية.

وقوله : فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٥).

المعنى : مذتكر ، وإذا قلت : مفتعل فيما أوّله ذال صارت الذال وتاء الافتعال دالا مشدّدة وبعض بنى أسد يقولون : مذكر ، فيغنبون الذّال فتصير ذالا مشددة.

[حدثنا محمد بن الجهم قال ] : «٢» حدثنا الفراء قال : و«٣» حدثنى الكسائي - [وكان واللّه ما علمته إلّا صدوقا] «٤» - عن إسرائيل والقرزمىّ عن أبى إسحاق عن الأسود بن يزيد قال : قلنا لعبد اللّه : فهل من مذّكر ، أو مدّكر ، فقال : أقرأنى رسول اللّه [١٨٧/ ب ] صلى اللّه عليه :

(مدّكر) بالدال.

(٢) زيادة فى ب ، وفى ح ، ش ، : حدثنا أبو العباس قال : حدثنا محمد قال ...

(٣) سقط فى ش.

(٤) ما بين الحاصرتين زيادة فى ح ، ش.

١٦

وقوله : فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (١٦).

النذر هاهنا مصدر معناه : فكيف كان إنذارى ، ومثله (عذرا ونذرا) «٥» (١٥) يخفّفان ويثقلان كما قال «إِلى شَيْءٍ «٦» نُكُرٍ» فثقل فى «اقْتَرَبَتِ» وخفف فى سورة النساء القصرى «٧» فقيل «نكرا».

(٥) إشارة إلى قوله تعالى فى سورة المرسلات : ٥ ، ٦ (فالملقيات ذكرا ، عذرا أو نذرا).

(٦) سقط فى ح.

(٧) سورة النساء القصرى هى سورة الطلاق ، كما فى بصائر ذوى التمييز : ١ : ٤٦٩ ، و(نكرا) فى الآية ٨ من هذه السورة.

١٧

«٨» وقوله : وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ «٩» (١٧).

 (٨ ، ٩) فى هامش ش.

يقول «١» : هوّناه ولو لا ذلك ما أطاق العباد أن يتكلموا بكلام اللّه. ويقال «٢» : ولقد يسرنا القرآن للذكر : للحفظ ، فليس من كتاب بحفظ ظاهرا غيره.

(١ ، ٢) فى هامش ش.

١٩

وقوله : فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ (١٩). استمر عليهم بنحوسته.

٢٠

وقوله : كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ (٢٠). أسافلها. منقعر المصرّع من النخل

٢٤

و قوله : إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ (٢٤). أراد بالسّعر : العناء للعذاب :

٢٥

و قوله : كَذَّابٌ أَشِرٌ (٢٥). قرأ مجاهد وحده : الأشر.

[حدثنا محمد بن الجهم قال : ] حدثنا الفراء قال : وحدثنى سفيان بن عيينة عن رجل عن مجاهد أنه قرأ (سيعلمون) بالياء كذا قال سفيان غَداً مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ (٢٦) وهو بمنزلة قولك فى الكلام : رجل حذر ، وحذر ، وفطن ، وفطن «٣» وعجل ، وعجل «٤».

[حدثنا محمد بن الجهم قال ] «٥» حدثنا الفراء قال : حدثنى محمد بن الفضل عن عطاء بن السائب عن أبى عبد الرحمن عن على بن أبى طالب أنه قرأ : سيعلمون غدا - بالياء.

(٣ ، ٤) ب : بين حذر وفطن.

(٥) زيادة فى ب.

٢٨

وقوله : وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ (٢٨).

للناقة يوم ، ولهم يوم ، فقال : بينهم وبين الناقة.

وقوله : كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ (٢٨). يحتضره أهله ومن يستحقه.

٣١

وقوله : فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ (٣١).

الذي يحتظر على هشيمه «٦» ، وقرأ الحسن وحده : كهشيم «٧» المحتظر ، فتح الظاء فأضاف الهشيم إلى

 (٦) فى ش هشيميه.

(٧) سقط فى ح ، ش. [.....]

المحتظر ، وهو كما قال : «إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ «١» الْيَقِينِ» ، والحق هو اليقين ، وكما قال : «وَ لَدارُ الْآخِرَةِ «٢» خَيْرٌ» فأضاف الدار إلى الآخرة ، وهى الآخرة ، والهشيم : الشجر إذا يبس.

(١) سورة الواقعة الآية : ٩٥.

(٢) سورة يوسف الآية : ١٠٩.

٣٤

وقوله : نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ (٣٤).

سحر هاهنا يجرى لأنه نكرة ، كقولك : نجيناهم بليل ، فإذا ألقت منه العرب الباء لم يجروه ، فقالوا : فعلت هذا سحر يا هذا ، وكأنهم فى تركهم إجراءه أنّ كلامهم كان فيه بالألف واللام ، فجرى على ذلك ، فلما حذفت الألف واللام ، وفيه نيتهما لم يصرف. كلام العرب أن يقولوا : مازال عندنا هذا السحر ، لا يكادون يقولون غيره.

٣٦

وقوله : فَتَمارَوْا بِالنُّذُرِ (٣٦). كذّبوا بما قال لهم.

٣٨

وقوله : وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ (٣٨) :

العرب تجرى : غدوة ، وبكرة ، ولا تجريهما وأكثر «٣» الكلام فى غدوة ترك الإجراء وأكثره فى بكرة أن تجرى.

قال : سمعت «٤» بعضهم يقول : أتيته بكرة باكرا ، فمن لم يجرها جعلها معرفة لأنها اسم تكون أبدا فى وقت واحد بمنزلة أمس وغد ، وأكثر ما تجرى العرب غدوة إذا قرنت «٥» بعشية ، فيقولون : إنى لآتيك غدوة وعشية ، وبعضهم غدوة وعشية ، ومنهم من لا يجرى عشية [١٨٨/ ا] لكثرة ما صحبت غدوة.

(٣) فى ح : وأكبر ، تحريف.

(٤) فى ب ، ش : وسمعت.

(٥) فى ش : قربت وهو تصحيف.

وقوله : عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ (٣٨). يقول : عذاب حق.

٤٣

وقوله : أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ (٤٣)

 يقول : أكفاركم يأهل مكة خير من هؤلاء الذين أصابهم العذاب أم لكم براءة فى الزبر؟

يقول : أم عندكم براءة من العذاب ، ثم قال : أم يقولون : أي أيقولون : نحن جميع كثير منتصر ،

٤٥

فقال اللّه : «سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ» (٤٥) وهذا يوم بدر.

وقال : الدبر فوحّد ، ولم يقل : الأدبار ، وكلّ جائز ، صواب أن تقول : ضربنا منهم الرءوس والأعين ، وضربنا منهم الرأس واليد ، وهو كما تقول : إنه لكثير الدينار والدرهم ، تريد الدنانير والدراهم «١».

(١) فى ب ، ش : الدراهم والدنانير.

٤٦

وقوله : وَالسَّاعَةُ أَدْهى «٢» وَأَمَرُّ (٤٦). يقول : أشد «٣» عليهم من عذاب يوم بدر ، وأمرّ من المرارة.

(٢) فى ش : أهو ، تحريف.

(٣) فى ح ، ش : امتد ، تحريف.

٤٨

وقوله : يَوْمَ «٤» يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ (٤٨).

وفى قراءة عبد اللّه «يوم يسحبون إلى النار على وجوههم».

(٤) سقط «يوم» فى ح ، وسقط «يوم يسحبون» فى ش.

وقوله : ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (٤٨). سقر : اسم من أسماء جهنم لا يجرى ، وكل اسم كان لمؤنث فيه الهاء أو ليس فيه الهاء فهو لا يجرى «٥» إلا أسماء «٦» مخصوصة خفت فأجريت ، وترك بعضهم إجراءها ، وهى : هند ، ودعد ، وجمل ، ورئم ، تجرى ولا تجرى. فمن لم يجرها قال :

كل مؤنث فحظه ألا يجرى ، لأن فيه معنى الهاء ، وإن لم تظهر ألا ترى أنك إذا حقّرتها وصغرتها قلت : هنيدة ، ودعيدة ، ومن أجراها قال : خفت لسكون الأوسط منها ، وأسقطت الهاء ، فلم تظهر فخفّفت فجرت.

(٥) فى ش : فهو لا يجوز ، تحريف.

(٦) فى ب : إلا اسما.

٥٠

وقوله : وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ (٥٠). «٧» أي : مرة واحدة «٨» هذا للساعة كلمح خطفة.

 (٧ ، ٨) سقط فى ح.

٥٣

و قوله «١» : وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ (٥٣). يريد : كل صغير من الذنوب أو كبير فهو مكتوب.

(١ ، ٢) مثبتة فى ح ، ش.

٥٤

وقوله : إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (٥٤). معناه : أنهار ، وهو فى مذهبه كقوله :

«سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ» (٤٥). وزعم الكسائي أنه سمع العرب يقولون : أتينا فلانا فكنّا فى لحمة ونبيذة فوحد «٢» ومعناه الكثير.

ويقال : «إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ» فى ضياء وسعة ، وسمعت بعض العرب ينشد «٣» :

إن تك ليليا فإنى نهر متى أرى الصبح فلا أنتظر «٤»

«٥» ومعنى نهر : صاحب نهار «٦» وقد روى «و ما أمرنا إلّا وحدة» بالنصب وكأنه أضمر فعلا ينصب به الواحدة ، كما تقول للرجل : ما أنت إلا ثيابك مرة ، ودابتك مرة ، ورأسك مرة أي : «٧» تتعاهد ذاك.

وقال الكسائي : سمعت العرب تقول : إنما العامري عمّته ، أي : ليس يتعاهد من لباسه إلا العمة ، قال الفراء : ولا أشتهى نصبها فى القراءة.

(١ ، ٢) مثبتة فى ح ، ش.

 (٣) استشهد به القرطبي ، نقلا عن الفراء ، ولم ينسبه؟ [.....]

(٤) ورواية الطبري : متى أتى الصبح مكان متى أرى ...؟

(٥ ، ٦) سقط فى ح ، ش.

(٧) سقط فى ش.