سُورَةُ الذَّارِيَاتِ مَكِّيَّةٌ

وَهِيَ سِتُّونَ آيَةً

١

قوله عز وجل : وَالذَّارِياتِ ذَرْواً (١). يعنى : الرياح ،

٢

«فَالْحامِلاتِ وِقْراً» (٢) ، يعنى : السحاب لحملها الماء.

٣

«فَالْجارِياتِ يُسْراً» (٣) ، وهى السفن تجرى ميسّرة

٤

«فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً» (٤) : الملائكة تأتى بأمر مختلف : جبريل صاحب الغلظة ، وميكائيل صاحب الرحمة ، وملك الموت يأتى بالموت ، فتلك قسمة الأمور «٤».

(٤) فى ش : فذا قسمة الأمر ، وفى ب : فتلك قسمة الأمر.

٧

وقوله : وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ (٧).

الحبك : تكسّر كل «٥» شىء ، كالرملة إذا مرت بها الريح الساكنة ، والماء القائم إذا مرت به «٦» الريح ، والدرع درع الحديد لها حبك أيضا ، والشّعرة الجعدة تكسّرها حبك ، وواحد الحبك :

حباك ، وحبيكة.

(٥) فى ش : وكل ، تحريف.

(٦) فى ح ، ش : بها ، تحريف.

٨

وقوله : إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ «٧» مُخْتَلِفٍ (٨).

(٧) فى ش : خلق تحريف.

جواب للقسم ، والقول المختلف : تكذيب بعضهم بالقرآن وبمحمد ، وإيمان بعضهم.

٩

وقوله : يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ (٩).

يريد : يصرف عن القرآن والإيمان من صرف كما قال : «أَ جِئْتَنا لِتَأْفِكَنا» «١» يقول :

لتصرفنا عن آلهتنا ، وتصدّنا.

(١) سورة الأحقاف : ٢٢.

١٠

وقوله : قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (١٠).

يقول : لعن «٢» الكذابون الذين قالوا : محمد صلّى اللّه عليه : مجنون ، شاعر ، كذاب ، ساحر.

خرّصوا ما لا علم لهم به.

(٢) سقط فى : ش :

١٢

وقوله : يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ (١٢).

متى يوم الدين؟ قال اللّه : «يَوْمُ الدِّينِ ، يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ» وإنما نصبت (يوم هم) لأنك أضفته إلى شيئين ، وإذا أضيف اليوم والليلة إلى اسم له فعل ، فارتفعا نصب اليوم ، وإن كان فى موضع خفض أو رفع ، وإذا أضيف إلى فعل أو يفعل أو إذا كان كذلك ورفعه فى موضع الرفع ، وخفضه فى موضع الخفض يجوز ، فلو قيل : يوم هم على النار يفتنون فرفع يوم لكان وجها ، ولم يقرأ به أحد من القراء.

١٣

وقوله يُفْتَنُونَ (١٣) يحرقون ويعذبون بالنار.

١٤

وقوله : ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ (١٤) يقول «٣» : ذوقوا «٤» عذابكم الذي كنتم به تستعجلون فى الدنيا.

(٣ ، ٤) سقط فى ح ، ش.

١٦

وقوله : آخِذِينَ (١٦) «و فاكهين» «٥».

نصبتا على القطع ، ولو كانتا [١٨٤/ ب ] رفعا كان صوابا ، ورفعهما على أن تكونا خبرا ، ورفع آخر أيضا على الاستئناف.

(٥) فى ب : فكهين سورة الطور آية ١٨.

١٧

و قوله : كانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ (١٧).

إن شئت جعلت ما فى موضع رفع ، وكان المعنى : كانوا قليلا هجوعهم. والهجوع : النوم.

وإن شئت جعلت ما صلة لا موضع لها ، ونصبت قليلا بيهجعون. أردت : كانوا يهجعون قليلا من الليل.

١٨

وقوله : وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (١٨) يصلون.

١٩

وقوله : وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (١٩).

فأما السائل فالطوّاف على الأبواب ، وأما المحروم فالمحارف «١» أو الذي لا سهم له فى الغنائم.

(١) المحارف : الذي ليس له فى الإسلام سهم ، وقيل : هو الرجل الذي لا يكون له مال إلا ذهب (تفسير الطبري ٢٦/ ١١).

٢٠

وقوله : وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ (٢٠).

فآيات الأرض جبالها ، واختلاف نباتها وأنهارها ، والخلق الذين «٢» فيها.

(٢) فى ش : الذي. [.....]

٢١

وقوله : وَفِي أَنْفُسِكُمْ (٢١).

آيات أيضا إن أحدكم يأكل ويشرب فى مدخل واحد ، ويخرج من موضعين ، ثم عنّفهم فقال : (أ فلا تبصرون)؟

٢٣

و قوله : فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ (٢٣).

أقسم عز وجل بنفسه : أن الذي قلت لكم لحق مثل ما أنكم تنطقون. وقد يقول القائل :

كيف اجتمعت ما ، وأنّ وقد يكتفى بإحداهما من الأخرى؟ وفيه وجهان : أحدهما «٣» : أن العرب تجمع بين الشيئين من الأسماء والأدوات إذا اختلف لفظهما ، فمن الأسماء قول الشاعر :

من النّفر اللائي الذين إذا هم يهاب اللئام حلقة الباب قعقعوا «٤»

فجمع بين اللائي والذين ، وأحدهما مجزىء من الآخر.

وأما فى الأدوات فقوله :

(٣) فى ش : أن أحدهما ، زيادة لا مكان لها.

(٤) الخزانة : ٣/ ٥٢٩ ، وفيها : (اعتزوا) بدل (هم) فى الشطر الأول ، و(هاب الرجال) بدل (يهاب اللئام).

ما إن رأيت ولا سمعت به كاليوم طالى أينق جرب «١»

فجمع بين ما ، وبين إن ، وهما جحدان أحدهما يجزى من الآخر.

وأمّا الوجه الآخر ، فإن المعنى لو أفرد بما لكان كأنّ المنطق فى نفسه حق لا كذب : ولم يرد به ذلك. إنما أرادوا أنه لحق كما حقّ أن الآدمي ناطق.

أ لا ترى أن قولك أحقّ منطقك معناه : أحقّ هو أم كذب؟ وأن قولك : أحقّ أنك تنطق؟ معناه : أللإنسان «٢» النطق لا لغيره. فأدخلت أنّ ليفرق بها بين المعنيين ، وهذا أعجب الوجهين إلىّ.

وقد رفع عاصم والأعمش (مثل) ونصبها أهل الحجاز والحسن «٣» ، فمن رفعها جعلها نعتا للحق ومن نصبها جعلها فى مذهب المصدر كقولك : إنه لحق حقا. وإن العرب لتنصبها إذا رفع بها الاسم فيقولون : مثل من عبد اللّه؟ ويقولون : عبد اللّه [١٨٥/ ا] مثلك ، وأنت مثله. وعلة النصب فيها أن الكاف قد تكون داخلة عليها فتنصب إذا ألقيت الكاف. فإن قال قائل : أفيجوز أن تقول : زيد الأسد شدة ، فتنصب الأسد إذا ألقيت الكاف

 قلت : لا وذلك أن مثل تؤدى عن الكاف والأسد لا يؤدى عنها ألا ترى قول الشاعر :

وزعت بكالهراوة أعوجىّ إذا ونت الرّكاب جرى وثابا «٤»

أن الكاف قد أجزأت من مثل ، وأن العرب تجمع بينهما فيقولون : زيد كمثلك ، وقال اللّه جل وعز : «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ «٥» وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ» «٦» ، واجتماعهما دليل على أن معناهما واحد كما أخبرتك فى ما وإن ولا وغيره.

(١) الأغانى فى ترجمة الخنساء ، وانظر شرح شواهد المعنى ، وفيه :

(بمثله) بدل (به) ، و(هانى) بدل (طالى) وهو لدريد بن الصمة يصف الخنساء ، وقد رآها تهنأ بعيرا أجرب.

(شرح شواهد المغني ٢/ ٩٥٥).

(٢) فى ش : الإنسان.

(٣) قرأ أبو بكر ، وحمزة ، والكسائي ، وخلف بالرفع صفة لحق ، وافقهم الأعمش (الاتحاف ٣٩٩) ، والباقون - باقى السعة - والجمهور بالنصب. (البحر المحيط : ٨/ ١٣٦).

(٤) وزعت : كففت ، أعوجى : منسوب إلى أعوج ، وهو فرس كريم تنسب إليه الخيل الكرام. اللسان (ثوب) وسر صناعة الإعراب : ٢٨٧.

(٥) فى ش : كمثله وهو ، سقط.

(٦) سورة الشورى الآية : ١١.

٢٤

و قوله : هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ (٢٤).

لم يكن علمه النبي - صلى اللّه عليه - حتى أنزله «١» اللّه عليه «٢».

(١) فى ب ، ح ، ش أنزل.

(٢) لم يثبت فى ش : عليه.

وقوله : الْمُكْرَمِينَ (٢٤).

أكرمهم بالعمل الذي قرّبه.

٢٥

وقوله : قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (٢٥).

«٣» رفع بضمير : أنتم قوم منكرون «٤».

وهذا يقوله إبراهيم عليه السلام للملائكة.

(٣ ، ٤) بهامش ا. وقد ورد فى الصلب فى باقى النسخ.

٢٦

وقوله : فَراغَ إِلى أَهْلِهِ (٢٦).

رجع إليهم ، والروغ وإن كان على هذا المعنى فإنه لا ينطق به حتى يكون صاحبه مخفيا لذهابه [أو مجيئه ] «٥» ألا ترى أنك لا تقول : قد راغ أهل مكة ، وأنت تريد رجعوا أو صدروا؟ فلو أخفى راجع رجوعه حسنت فيه : راغ ويروغ «٦».

(٥) التكملة من ب ، ح ، ش.

(٦) لم يثبت فى ح : ويروغ.

٢٨

وقوله : وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ (٢٨).

إذا كبر ، وكان بعض مشيختنا يقول : إذا كان العلم منتظرا [لمن ] «٧» يوصف به قلت فى العليم إذا لم يعلم : إنه لعالم عن قليل وفاقه ، وفى السيد : سائد «٨» ، والكريم : كارم. والذي قال حسن ، وهذا كلام عربى حسن ، قد قاله اللّه فى عليم «٩» ، وحليم «١٠» ، وميت «١١».

(٧) فى (ا) : لم ، تحريف. [.....]

(٨) فى ش : سيد ، تحريف.

(٩) كما فى قوله : «وَ بَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ».

(١٠) كما فى قوله : «فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ». (الصافات الآية ١٠١).

(١١) كما فى قوله : «إِنَّكَ مَيِّتٌ ، وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ» الزمر الآية ٣٠.

و كان المشيخة يقولون للذى لما «١» يمت وسيموت : هو مائت عن قليل ، وقول اللّه عز وجل أصوب من قيلهم ، وقال الشاعر فيما احتجوا به :

كريم كصفو الماء ليس بباخل بشىء ، ولا مهد ملاما لباخل

يريد : بخيل ، فجعله باخل لأنه لم يبخل بعد.

(١) فى ح ، ش : أمّا.

٢٩

وقوله : فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ (٢٩).

فى صيحة ، ولم تقبل من موضع إلى موضع إنما هو ، كقولك : أقبل يشتمنى ، أخذ فى شتمى «٢» فذكروا «٣» أن الصيحة : أوّه ، وقال بعضهم : كانت يا ويلتا.

(٢) سقط فى ش : أخذ فى شتمى.

(٣) فى ش : فذكر ، تحريف.

وقوله : فَصَكَّتْ وَجْهَها (٢٩).

هكذا أي جمعت أصابعها ، فضربت جبهتها ، «وَ قالَتْ : عَجُوزٌ عَقِيمٌ» (٢٩) أتلد عجوز عقيم؟

و رفعت بالضمير بتلد.

٣٧

وقوله : وَتَرَكْنا فِيها آيَةً (٣٧).

معناه : تركناها آية وأنت قائل للسماء فيها «٤» آية ، وأنت تريد هى الآية بعينها.

(٤) فى ا : فيه ، تحريف.

٣٩

وقوله : فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ (٣٩) «٨».

يقال : تولى أي أعرض عن الذكر بقوته فى نفسه ، ويقال : فتولى بركنه بمن معه لأنّهم قوّته.

(٨) ما يلى ذلك من النسخة (ب) ص ٥٤/ ب.

٤٠

وقوله : هُوَ مُلِيمٌ (٤٠).

أتى باللائمة وقد ألام ، وقوله : «لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ «٥» وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ» «٦» هم الآيات «٧» وفعلهم.

(٥) فى ش : كان لكم فى يوسف ، تحريف.

(٦) سورة يوسف الآية : ٧

(٧) كذا فى ش : وفى ب : وفعلهم.

٤٢

وقوله عز وجل : كَالرَّمِيمِ (٤٢). والرميم : نبات الأرض إذا يبس ودبس فهو رميم.

٤٣

و قوله عز وجل تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ (٤٣). كان ذلك الحين ثلاثة أيام.

٤٤

وقوله تبارك وتعالى : فأخذتهم الصّعقة (٤٤). قرأها العوام [الصَّاعِقَةُ] «١» بالألف.

قال حدثنا محمد بن الجهم قال حدثنا الفراء قال : وحدثنى «٢» قيس بن الربيع عن السّدّى عن عمرو بن ميمون عن عمر بن الخطاب : أنّه قرأ (الصّعقة) بغير ألف «٣» ، وهم ينظرون.

(١) التكملة من ح ، ، ش.

(٢) فى ش : وحدث. [.....]

(٣) جاء فى الاتحاف (٣٩٩) : واختلف فى : الصعقة فالكسائى بحذف الألف ، وسكون العين على إرادة الصوت الذي يصحب الصاعقة ، والباقون : بالألف بعد الصاد وكسر العين على إرادة النار النازلة من السماء العقوبة.

(وانظر البحر المحيط ٨/ ١٤١).

٤٥

وقوله عز وجل : فَمَا اسْتَطاعُوا مِنْ قِيامٍ (٤٥).

يقول : فما قاموا لها ولو كانت : فما استطاعوا من إقامة لكان صوابا.

وطرح الألف منها ، كقوله جلّ وعز : «وَ اللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً» ولو كانت - إنباتا - كان صوابا.

٤٦

وقوله جل ذكره : وَقَوْمَ نُوحٍ (٤٦).

نصبها القراء [٥٥/ ا] إلّا الأعمش وأصحابه ، فإنهم خفضوها «٤» لأنها فى قراءة عبد اللّه فيما أعلم :

و فى قوم نوح.

ومن نصبها فعلى وجهين : أخذتهم الصعقة ، وأخذت قوم نوح.

(٤) قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي : وقوم بالجر عطفا على ما تقدّم أي : وفى قوم نوح ، وهى قراءة عبد اللّه.

وقرأ باقى السبعة وأبو عمرو فى رواية بالنصب (البحر المحيط ٨/ ١٤١). وقرئت بالرفع على الابتداء والخبر ما بعده ، أو على تقدير أهلكوا (إعراب القرآن ٢/ ١٢٩).

و إن شئت : أهلكناهم ، وأهلكنا قوم نوح. ووجه آخر «١» ليس بأبغض إلىّ «٢» من هذين الوجهين : أن تضمر فعلا - واذكر لهم قوم نوح ، كما قال عز وجل «وَ إِبْراهِيمَ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ «٣»» «وَ نُوحاً إِذْ نادى مِنْ قَبْلُ «٤»» فى كثير من القرآن معناه : أنبئهم واذكر لهم الأنبياء وأخبارهم.

(١ ، ٢) سقط فى ش.

(٣) سورة العنكبوت ، الآية ١٦.

(٤) سورة الأنبياء ، الآية ٧٦.

٤٧

وقوله عز وجل : بِأَيْدٍ (٤٧) بقوّة.

وقوله عز وجل : وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (٤٧). أي إنا لذو وسعة لخلقنا. وكذلك قوله جل ذكره : «عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ» «٥».

(٥) سورة البقرة : ٢٣٦.

٤٩

وقوله تبارك وتعالى : وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ (٤٩).

الزّوجان من جميع الحيوان : الذكر والأنثى ، ومن سوى ذلك : اختلاف ألوان النبات ، وطعوم الثمار ، وبعض حلو ، وبعض حامض ، فذانك زوجان.

٥٠

وقوله تبارك وتعالى : فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ (٥٠).

معناه : فرّوا «٦» إليه إلى طاعته من معصيته.

(٦) فى ش : ففروا.

وقوله تبارك وتعالى أَتَواصَوْا بِهِ (٥٣).

معناه : أتواصى به [٥٥/ ب ] أهل مكة ، والأمم الماضية ، إذ قالوا لك كما قالت «٧» الأمم لرسلها.

(٧) فى ب : قالته.

٥٦

وقوله تبارك وتعالى : وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦).

إلا ليوحّدونى ، وهذه «٨» خاصّة يقول : وما خلقت أهل السعادة من الفريقين إلا ليوحّدونى.

وقال بعضهم : خلقهم ليفعلوا ففعل بعضهم وترك بعض ، وليس فيه لأهل القدر حجّة ، وقد فسّر.

(٨) فى ش : وفى هذه.

٥٧

وقوله تبارك وتعالى : ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ (٥٧).

يقول : ما أريد منهم أن يرزقوا أنفسهم ،

«وَ ما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ» (٥٧) أن يطعموا أحدا من خلقى

٥٨

«إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ» (٥٨).

قرأ يحيى بن وثاب (المتين) بالخفض جعله من نعت - القوة ، وإن كانت أنثى فى اللفظ ، فإنّه ذهب إلى الحبل وإلى الشيء المفتول.

أنشدنى بعض العرب :

لكل دهر قد لبست أثوبا من ريطة واليمنة المعصّبا «١»

فجعل المعصّب نعتا لليمنه ، وهى مؤنثة فى اللفظ لأن اليمنة ضرب وصنف من الثياب : الوشي ، فذهب إليه.

وقرأ «٢» الناس - (المتين) رفع من صفة اللّه تبارك وتعالى.

(١) رواية القرطبي قال : وأنشد الفراء :

لكل دهر قد لبست أثؤبا حتى اكتسى الرأس قناعا أشيبا

من ريطة ، واليمنة المعصبا

(٢) فى ح : قرأ.

٥٩

وقوله [٥٦/ ا] عز وجل : فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً (٥٩).

والذنوب فى كلام العرب : الدلو العظيمة «٣» ولكن العرب تذهب بها إلى النّصيب والحظّ.

وبذلك أتى التفسير : فإنّ للذين ظلموا حظّا من العذاب ، كما نزل بالذين من قبلهم ، وقال الشاعر :

لنا ذنوب ولكم ذنوب فإن أبيتم فلنا القليب «٤»

و الذنوب : يذكّر ، ويؤنّث.

 (٣) فى ش : العظيم.

(٤) انظر البحر المحيط ٨/ ١٣٢ ، والقليب : البئر.