سُورَةُ السَّجْدَةِ مَكِّيَّةٌ

وَهِيَ ثَلاَثُونَ آيَةً

٧

قوله : الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ [٧] يقول : أحسنه فجعله حسنا. ويقرأ «٢» (أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) قرأها «٣» أبو جعفر المدنىّ كأنه قال : ألهم خلقه كلّ ما يحتاجون إليه فالخلق ، منصوبون

 (٢ ، ٣) القراءة الأولى لنافع وعاصم وحمزة والكسائي وخلف وافقهم الحسن والأعمش. والقراءة الأخيرة بسكون اللام للباقين ، هذا وفى ش : «فقرأها».

بالفعل الذي وقع على (كلّ) كأنك قلت أعلمهم كل شىء وأحسنهم. وقد يكون الخلق منصوبا كما نصب «١» قوله (أَمْراً مِنْ عِنْدِنا «٢») فى أشباه له كثيرة من القرآن كأنك قغت : كلّ شىء خلقا منه وابتداء بالنعم.

(١) ا : «نصبت».

(٢) الآية ٥ سورة الدخان.

١٠

وقوله : ضَلَلْنا [١٠] و(ضللنا «٣») لغتان. وقد ذكر عن الحسن وغيره أنه قرأ (إذا صللنا) حتى لقد رفعت «٤» إلى علىّ (صللنا) بالصاد ولست أعرفها ، إلا أن تكون لغة لم نسمعها إنما تقول العرب : قد صلّ «٥» اللحم فهو يصلّ ، وأصلّ يصلّ ، وخمّ يخمّ وأخمّ يخمّ. قال الفرّاء : لو كانت :

صللنا بفتح اللام لكان صوابا ، ولكنى لا أعرفها بالكسر.

والمعنى فى (إذا ضللنا فى الأرض «٦») يقول : إذا صارت لحومنا وعظامنا ترابا كالأرض. وأنت تقول : قد ضلّ الماء فى اللبن ، وضلّ الشيء فى الشيء إذا أخفاه وغلبه.

(٣) كسر اللام قراءة يحيى بن يعمر وابن محيصن وأبى رجاء وطلحة وابن وثاب كما فى البحر ٧/ ٢٠٠ وهى قراءة شاذة.

(٤) أي نسبت إليه.

(٥) أي أنتن. وسقط (قد) فى ب

(٦) هذه قراءة ابن عامر وأبى جعفر فى قوله تعالى : «إذا» وفى قراءة غيرهما. «أ ئذا».

١٥

وقوله : إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً [١٥] كان المنافقون إذا نودى بالصلاة فإن خفوا عن أعين المسلمين تركوها ، فأنزل اللّه. (إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها) إذا نودوا إلى الصّلاة أتوها فركعوا وسجدوا غير مستكبرين ..

١٦

وقوله : تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ [١٦] يقال : هو النوم قبل العشاء. كانوا لا يضعون جنوبهم بين المغرب والعشاء حتى يصلّوها. ويقال : إنهم كانوا فى ليلهم كلّه (تَتَجافى «٧») : تقلق (عَنِ الْمَضاجِعِ) عن النوم فى الليل/ ١٤٦ ا كلّه (خَوْفاً وَطَمَعاً).

 (٧) أي جنوبهم.

١٧

و قوله : ما أُخْفِيَ [١٧] وكلّ ينصب بالياء لأنه فعل ماض كما تقول : أهلك الظالمون.

وقرأها حمزة (ما أخفى لهم من قرّة أعين) بإرسال «١» الياء. وفى قراءة عبد اللّه (ما نخفى لهم من قرّة أعين) فهذا اعتبار وقوّة لحمزة. وكلّ صواب. وإذا قلت (أخفى لهم) وجعلت (ما) فى مذهب «٢» (أىّ) كانت (ما) رفعا بما لم تسمّ فاعله. ومن قرأ (أخفى لهم) بإرسال الياء وجعل (ما) فى مذهب (أىّ) كانت نصبا فى (أخفى) و(نخفي) ومن جعلها بمنزلة الشيء أوقع عليها (تَعْلَمُ) فكانت نصبا فى كلّ الوجوه. وقد قرئت (قرّات أعين) ذكرت عن أبى هريرة.

(١) أي إطلاقها وإسكانها.

(٢) أي جعلتها استفهامية. [.....]

١٨

وقوله : أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ [١٨] ولم يقل : يستويان لأنها عامّ ، وإذا كان الاثنان غير مصمود «٣» لهما ذهبا مذهب الجمع تقول فى الكلام : ما جعل اللّه المسلم كالكافر فلا تسوّينّ بينهم ، وبينما. وكلّ صواب.

(٣) أي غير مقصودين ، يقال : صمده وصمد إليه : قصده.

٢١

[قوله : وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى [٢١]] حدثنا أبو العباس قال حدثنا محمد قال حدثنا الفرّاء قال : حدّثنى شريك بن عبد اللّه عن منصور عن إبراهيم أو عن مجاهد - شكّ الفراء - فى قوله (وَ لَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى ) قال مصائب تصيبهم فى الدنيا دون عذاب اللّه يوم القيامة.

٢٤

[قوله : وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا [٢٤]] القراء جميعا على (لَمَّا صَبَرُوا) بتشديد الميم ونصب اللام. وهى فى قراءة عبد اللّه (بما صبروا) وقرأها الكسائىّ وحمزة (لما صبروا) على ذلك. وموضع (ما) خفض إذا كسرت اللام. وإذا فتحت وشدّدت فلا موضع لها إنما هى أداة.

٢٦

و قوله : (أَ وَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا) [٢٦] (كم) فى موضع رفع ب (يَهْدِ) كأنك قلت :

أ ولم تهدهم القرون الهالكة. وفى قراءة عبد اللّه فى سورة طه (أ ولم يهد لهم من أهلكنا) وقد يكون (كم) فى موضع نصب بأهلكنا وفيه تأويل الرفع فيكون بمنزلة قولك : سواء علىّ أزيدا ضربت أم عمرا ، فترفع (سواء) بالتأويل.

وتقول : قد تبيّن لى أقام زيد أم عمرو ، فتكون الجملة مرفوعة فى المعنى كأنك قلت :

تبيّن لى ذاك.

٢٧

وقوله : إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ [٢٧] والجرز : التي لا نبات فيها : ويقال للناقة : إنها لجراز إذا كانت تأكل كلّ شىء ، وللإنسان : إنه لجروز إذا كان أكولا ، وسيف جراز إذا كان لا يبقى شيئا إلّا قطعه. ويقال «١» : أرض جرز وجرز ، وأرض جرز وجرز ، لبنى تميم ، كلّ لو قرئ به لكان حسنا. وهو مثل البخل والبخل والبخل والبخل والرغب والرهب والشغل فيه أربع مثل ذلك.

(١) سقط فى ا.

٢٩

وقوله : قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ [٢٩] يعنى فتح مكة (لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ) فذكر ذلك لمن قتله خالد بن الوليد من بنى كنانة يومئذ ، قالوا : قد أسلمنا ، فقال خالد : إن كنتم أسلمتم فضعوا السّلاح ففعلوا ، فلمّا وضعوه أثخن «٢» فيهم لأنهم كانوا قتلوا عوفا أبا عبد الرحمن بن عوف وجدّا لخالد قبل ذلك : المغيرة. ولو رفع (يَوْمَ الْفَتْحِ) على أوّل الكلام لأنّ قوله (مَتى هذَا الْفَتْحُ) (متى) فى موضع رفع ووجه الكلام أن يكون (متى) فى موضع نصب وهو أكثر.

(٢) يقال : أثخن فى العدو : بالغ فى إضعافه ونهكه.