سُورَةُ الشُّعَرَاءِ مَكِّيَّةٌ

وَهِيَ مِائَتَانِ وَسَبْعٌ وَعِشْرُونَ آيَةً‏‏

٣

قوله : باخِعٌ نَفْسَكَ [٣] قاتل نفسك (أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) موضع (أن) نصب لأنها جزاء ، كأنك قلت : إن لم يؤمنوا فأنت قاتل نفسك. فلمّا كان ماضيا نصبت (أن) كما تقول أتيتك أن أتيتنى. ولو لم يكن ماضيا لقلت : آتيك إن تأتنى. ولو كانت مجزومة وكسرت

(إن فيها كان صوابا.) ومثله قول اللّه (وَ لا يَجْرِمَنَّكُمْ «١» شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ) و(إن صدّوكم). وقوله (من الشهداء «٢» أن تضلّ) و(إن تضلّ) وكذلك (أ فنضرب «٣» عنكم الذكر صفحا إن كنتم) و(أن كنتم) وجهان جيّدان.

(١) الآية ٢ سورة المائدة.

(٢) الآية ٢٨٢ سورة البقرة.

(٣) الآية ٥ سورة الزخرف.

٤

وقوله : إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً [٤] ثم قال (فظلّت) ولم يقل (فتظللّ) كما قال (ننزل) وذلك صواب : أن تعطف على مجزوم الجزاء بفعل لأنّ الجزاء يصلح فى موضع فعل يفعل ، وفى موضع يفعل فعل ، ألا ترى أنك تقول : إن زرتنى زرتك وإن تزرنى أزرك والمعنى واحد. فلذلك صلح قوله (فَظَلَّتْ) مردودة على يفعل ، وكذلك قوله (تَبارَكَ «٤» الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ) ثم قال (وَ يَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً) فردّ يفعل على فعل وهو بمنزلة ردّه (فظلّت) على (ننزّل) وكذلك جواب الجزاء يلقى يفعل بفعل ، وفعل بيفعل كقولك : (إن قمت أقم ، وإن تقم قمت. وأحسن الكلام أن تجعل جواب يفعل بمثلها ، وفعل بمثلها كقولك : إن تتجر تربح ، أحسن من أن تقول : إن تتجر ربحت. وكذلك إن تجرت ربجت أحسن من أن تقول : إن تجرت تربح. وهما جائزان. قال اللّه (مَنْ كانَ «٥» يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ) فقال (نُوَفِّ) وهى جواب لكان. وقال الشاعر «٦» :

إن يسمعوا سبّة طاروا بها فرحا منى وما يسمعوا من صالح دفنوا

فردّ الجواب بفعل وقبله يفعل قال الفراء «٧» : إن يسمعوا سبّة على مثال غيّة).

(٤) الآية ١٠ سورة الفرقان.

(٥) الآية ١٥ سورة هود.

(٦) هو قعنب بن أم صاحب. وقوله : «سبة» فى ش «سيئة» مخفف سيئة.

(٧) سقط ما بين القوسين في ش وسية مخفف سيئة.

وقوله : فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ [٤] والفعل للأعناق فيقول القائل : كيف لم يقل :

خاضعة : وفى ذلك وجوه كلّها صواب. أوّلها أن مجاهدا جعل الأعناق : الرجال الكبراء. فكانت الأعناق هاهنا بمنزلة قولك : ظلّت رءوسهم رءوس القوم وكبراؤهم لها خاضعين للآية «١». والوجه الآخر أن تجعل الأعناق الطوائف ، كما تقول : رأيت الناس إلى فلان عنقا واحدة فتجعل الأعناق الطّوائف والعصب وأحبّ إليّ من هذين الوجهين فى العربيّة أن الأعناق إذا خضعت فأربابها خاضعون فجعلت الفعل أوّلا للأعناق ثم جعلت (خاضِعِينَ) للرجال كما قال الشاعر :

على قبضة موجوءة ظهر كفّه فلا المرء مستحى ولا هو طاعم «٢»

فأنّث فعل الظهر لأن الكف تجمع الظهر وتكفى منه : كما أنك تكتفى بأن تقول : خضعت لك رقبتى ألا ترى أن العرب تقول : كلّ ذى عين ناظر وناظرة إليك لأن قولك : نظرت إليك عينى ونظرت إليك بمعنى واحد فترك (كلّ) وله الفعل وردّ إلى العين. فلو قلت : فظلّت أعناقهم لها خاضعة كان صوابا. وقد قال الكسائىّ : هذا بمنزلة قول الشاعر :

ترى أرباقهم متقلّديها إذا صدىء الحديد على الكماة «٣»

و لا يشبه هذا ذلك لأن الفعل فى المتقلّدين قد عاد بذكر الأرباق فصلح ذلك لعودة الذكر. ومثل هذا قولك : ما زالت يدك باسطها لأن الفعل منك على اليد واقع فلا بدّ من عودة ذكر الذي فى أول الكلام. ولو كانت فظلت أعناقهم لها خاضعيها كان هذا البيت حجّة له. فإذا أوقعت الفعل على الاسم ثم أضفته فلا تكتف بفعل المضاف إلا أن يوافق فعل الأول كقولك ما زالت يد عبد اللّه منفقا ومنفقة فهذا من الموافق ١٣٣ ب لأنك تقول يده منفقة وهو منفق ولا يجوز كانت يده باسطا لأنه باسط لليد واليد مبسوطة ، فالفعل مختلف ، لا يكفى فعل ذا من ذا ، فإن أعدت ذكر اليد صلح فقلت : ما زالت يده باسطها.

(١) هذا تفسير قوله : «لها». [.....]

(٢) سبق هذا البيت فى ١٨٧ من الجزء الأول. وفيه «مرجوة» فى مكان «موجوءة».

(٣) الأرباق جمع الربق وهو حبل فيه عدة عرا يشد فيها صغار الشاء لئلا ترضع. والكماة : الشجعان

٧

و قوله : أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ [٧] يقول : حسن ، يقال : هو كما تقول للنخلة :

كريمة إذا طاب حملها ، أو أكثر كما يقال للشاة وللناقة كريمة إذا غزرتا. قال الفراء : من كلّ زوج من كل لون.

وقوله : فى كلّ هذه السّورة (وَ ما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ) فى علم اللّه. يقول : لهم فى القرآن وتنزيله آية ولكنّ أكثرهم فى «١» علم اللّه لن يؤمنوا.

(١) ش : «على».

١١

وقوله : قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ [١١].

فقوله : (أَ لا يَتَّقُونَ) لو كان مكانها : ألا تتّقون كان صوابا لأن موسى أمر أن يقول لهم ألا تتّقون. فكانت التّاء تجوز لخطاب موسى إيّاهم. وجازت الياء لأنّ التّنزيل قبل الخطاب ، وهو بمنزلة قول اللّه (قُلْ «٢» لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ) و(سيغلبون).

(٢) الآية ١٢ سورة آل عمران.

١٣

وقوله : وَيَضِيقُ صَدْرِي [١٣] مرفوعة لأنّها مردودة على (أخاف) ولو نصبت بالرد على (يكذبون) كانت نصبا صوابا. والوجه الرفع لأنّه أخبر أنّ صدره يضيق وذكر العلّة التي كانت بلسانه ، فتلك ممّا لا تخاف لأنها قد كانت.

وقوله : (فَأَرْسِلْ إِلى هارُونَ) ولم يذكر معونة ولا مؤازرة. وذلك أن المعنى معلوم كما تقول : لو أتانى مكروه لأرسلت إليك ، ومعناه : لتعيننى وتغيثنى. وإذا كان المعنى معلوما طرح منه ما يردّ الكلام إلى الإيجاز.

١٩

وقوله : وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ [١٩] قتله النفس فالفعلة منصوبة الفاء لأنها مرّة واحدة.

ولا تكون وهى مرّة فعلة. ولو أريد بها مثل «٣» الجلسة والمشية جاز كسرها. حدّثنا أبو العباس

(٣) سقط فى ا.

قال حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال حدثنى موسى الأنصاري عن السّرىّ بن إسماعيل عن الشّعبىّ أنه قرأ (وفعلت فعلتك) بكسر الفاء ولم يقرأ بها غيره.

وقوله : (وَ أَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ) وأنت الآن من الكافرين لنعمتى أي لتربيتى إياك وهى فى قراءة عبد اللّه (قال فعلتها إذا وأنا من الجاهلين) والضالّين «١» والجاهلين «٢» يكونان بمعنى واحد لأنّك تقول : جهلت الطريق وضللته. قال الفراء : إذا ضاع منك الشيء فقد أضللته.

(١) كذا. وقد راعى الحكاية. ولو لا هذا لقال : «الضالون والجاهلون»

(٢) كذا. وقد راعى الحكاية. ولو لا هذا لقال : «الضالون والجاهلون»

٢١

وقوله : فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً [٢١] التوراة.

٢٢

وقوله : وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ [٢٢] يقول : هى - لعمرى - نعمة إذ ربّيتنى ولم تستعبدنى كاستعبادك بنى إسرائيل. فأن تدلّ على ذلك. ومثله فى الكلام أن تترك أحد عبديك أن تضربه وتضرب الآخر ، فيقول المتروك هذه نعمة علىّ أن ضربت فلانا وتركتنى. ثم يحذف (وتركتنى) والمعنى قائم معروف. والعرب تقول : عبّدت العبيد وأعبدتهم.

أنشدنى بعض العرب :

علام يعبدنى قومى وقد كثرت فيهم أبا عرما شاءوا وعبدان «٣»

و قد تكون (أن) رفعا ونصبا. أمّا الرفع فعلى قولك وتلك نعمة تمنّها علىّ : تعبيدك بنى إسرائيل والنصب : تمنّها علىّ لتعبيدك بنى إسرائيل.

ويقول القائل : أين جواب

(٣) نسب فى اللسان (عبد) إلى الفرزدق.

٢٦

قوله : (قالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ) [٢٥] فيقال : إنه إنما أراد بقوله : (أَ لا تَسْتَمِعُونَ) إلى قول موسى. فردّ موسى لأنه المراد بالجواب فقال : الذي أدعوكم إلى عبادته (رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ) [٢٦] وكذلك

٢٨

قوله : (قال ربّ المشرق والمغرب) [٢٨]

يقول : أدعوكم إلى عبادة ربّ المشرق والمغرب وما بينهما.

٥١

و قوله : أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ [٥١] وجه الكلام أن تفتح (أن) لأنها ماضية وهى فى مذهب جزاء. ولو كسرت ونوى بما بعدها الجزم كان صوابا. وقوله : (كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ) يقولون : أول مؤمنى أهل زماننا.

٥٤

وقوله : إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ. [٥٤] يقول عصبة قليلة وقليلون وكثيرون وأكثر كلام العرب أن يقولوا : قومك قليل وقومنا كثير. وقليلون وكثيرون جائز عربىّ وإنما جاز لأن القلّة إنما تدخلهم جميعا. فقيل : قليل ، وأوثر قليل على قليلين. وجاز الجمع إذ كانت القلّة تلزم جميعهم فى المعنى فظهرت أسماؤهم على ذلك. ومثله أنتم حىّ واحد وحىّ واحدون. ومعنى واحدون واحد كما قال الكميت :

فردّ قواصى الأحياء منهم فقد رجعوا كحىّ واحدينا «١»

(١) هو من قصيدته المذهبة في هجائه قبائل اليمين والدفاع عن مضر. وانظر حديثا عنها فى الشاهدين ١٦ ، ٢٤ من الخزانة.

٥٦

و قوله : حاذِرُونَ [٥٦] وحذرون حدّثنا أبو العباس قال حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال حدثنى أبو ليلى السجستاني عن أبى جرير «٢» قاضى سجستان أن ابن مسعود قرأ «٣» (وَ إِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ) يقولون : مؤدون فى السّلاح. يقول : ذوو أداة من السّلاح. و(حذرون) وكأن الحاذر : الذي يحذرك الآن. وكأنّ الحذر : المخلوق حذرا لا تلقاه إلّا حذرا.

(٢) فى ا ما يقرب من «حريز».

(٣) وهى قراءة ابن ذكوان وهشام فى بعض الطرق وعاصم وحمزة والكسائي وخلف وافقهم الأعمش. وقرأ الباقون «حذرون».

٦١

وقوله : إِنَّا لَمُدْرَكُونَ [٦١] و(لمدّركون «٤») مفتعلون من الإدراك كما تقول : حفرت واحتفرت بمعنى واحد ، فكذلك (لمدركون) و(لمدّركون) معناهما واحد واللّه أعلم.

(٤) ظاهر ما هنا أنه بفتح الراء من أدرك المتعدى ، وقد ورد فى اللسان ادراك متعديا ولازما. وفى البحر أن هذه القراءة - وهى قراءات الأعرج وعبيد بن عمير - فيها كسر الراء من أدرك اللازم. وفيه : «و قال أبو الفضل الرازي : وقد يكون أدرك على افتعل بمعنى أفعل متعديا. فلو كانت القراءة من ذلك لوجب فتح الراء ولم يبلغنى ذلك عنهما يعنى عن الأعرج وعبيد بن عمير» وانظر البحر ٧/ ٢٠.

٧٧

و قوله : فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ [٧٧] أي كلّ آلهة لكم فلا أعبدها إلا ربّ العالمين فإنى أعبده. ونصبه بالاستثناء ، كأنه قال هم عدوّ غير معبود إلّا رب العالمين فإنى أعبده. وإنما قالوا (فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي) أي لو عبدتم كانوا لى يوم القيامة ضدّا وعدوّا.

٨٤

وقوله : وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ [٨٤] حدّثنى عمرو بن أبى المقدام عن الحكم عن مجاهد قال : ثناء حسنا.

١١١

وقوله : وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ [١١١] وذكر أن بعض «١» القراء قرأ : وأتباعك الأرذلون ولكنّى لم أجده عن القراء المعروفين وهو وجه حسن.

(١) هو يعقوب. ورويت هذه القراءة عن ابن عباس وأبى حيوة.

١٢٨

وقوله : أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ [١٢٨] و(ريع) لغتان «٢» مثل الرّير والرار وهو المخّ الردئ.

وتقول راع الطّعام إذا كان له ريع «٣».

(٢) والمعنى هنا المرتفع من الأرض أو من كل فج أو كل طريق. [.....]

(٣) الريع : النماء والزيادة ، هذا إذا كان الطعام الحنطة ، فإن كان المراد به الدقيق فريعه زيادته على كيله قبل الطحن.

١٢٩

وقوله : وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ [١٢٩] معناه : كيا تخلدوا.

١٣٠

وقوله : وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ [١٣٠] : تقتلون على الغضب. هذا قول الكلبىّ. وقال غيره (بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ) بالسوط.

١٣٧

[قوله : خُلُقُ الْأَوَّلِينَ [١٣٧] وقراءة الكسائي «٤» (خلق الأوّلين) قال الفراء : وقراءتى (خلق الأولين) فمن قرأ (خلق) يقول : اختلاقهم وكذبهم ومن قرأ (خلق الأولين) يقول : عادة الأولين أي وراثة أبيك عن أول. والعرب تقول : حدّثنا بأحاديث الخلق «٥» وهى الخرافات المفتعلة وأشباهها فلذلك اخترت الخلق.

(٤) وهى قراءة غير نافع وابن عامر وعاصم وحمزة وخلف الأعمش أما هؤلاء فقراءتهم بضم الحاء واللام.

(٥) هذا الضبط عن اللسان فى المادة. وضبط فى ا بضم الخاء واللام.

١٤٨

و قوله : هَضِيمٌ [١٤٨] يقول : مادام فى كوافيره وهو الطّلع. والعرب تسمّى الطلع الكفرّى والكوافير واحدته كافورة ، وكفرّاة واحدة الكفرّى.

١٤٩

وقوله : بُيُوتاً فارِهِينَ [١٤٩] حاذقين و(فرهين) أشرين.

١٥٣

وقوله : إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ [١٥٣] قالوا له : لست بملك إنما أنت بشر مثلنا. والمسحّر :

المجوّف ، كأنه - واللّه أعلم - من قولك : انتفخ سحرك «١» أي أنك تأكل الطعام والشراب وتسحّر به وتعلّل. وقال الشاعر «٢» :

فإن تسألينا فيم نحن فإنّنا عصافير من هذا الأنام المسحّر

١٣٤ ب/ يريد : المعلّل والمخدوع. ونرى أنّ السّاحر من ذلك أخذ.

(١) السحر : الرئة ، ويقال : انتفخ سحره للجبان يملأ الخوف جوفه فتنتفخ رئته.

(٢) هو لبيد كما فى اللسان.

١٥٥

وقوله : لَها شِرْبٌ [١٥٥] لها حظّ من الماء. والشّرب والشّرب مصدران. وقد قالت العرب :

آخرها «٣» أقلّها شربا وشربا وشربا.

(٣) فى اللسان : «و أصله فى سقى الإبل لأن آخرها يرد وقد نزف الحوض».

١٦٦

وقوله : وَتَذَرُونَ ما خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ [١٦٦] ما جعل لكم من الفروج. وفى قراءة عبد اللّه (ما أصلح لكم ربّكم).

١٧١

وقوله : إِلَّا عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ [١٧١] والغابرون الباقون. ومن ذلك قول الشاعر : وهو الحارث بن حلّزة :

لا تكسع الشّول بأغبارها إنّك لا تدرى من الناتج «٤»

(٤) الشول جمع شائلة وهى الناقة أتى عليها من حملها أو وضعها سبعة أشهر فجف لبنها والناتج الذي يتولى ولادة الحيوان. ويقال : كسع الناقة بغبرها إذا ترك فى خلفها بقية من اللبن يريد بذلك أن يغزر لبنها. وأن يقوى نسلها يقول : احلب شولك للأضياف ، ولا تكسعها ، فقد يغير عليها عدو فيكون نتاجها لك دونه. وانظر اللسان فى كسع.

الأغبارها هنا بقايا اللبن فى ضروع الإبل وغيرها ، واحدها غبر. قال وأنشدنى بعض بنى أسد وهو أبو القمقام :

تذبّ منها كلّ حيزبون مانعة لغبرها زبون «١»

(١) «يذب» فى اللسان «يذهب» : (حزبن) والحيزبون الناقة الشهمة الحديدة. وفسرت هنا بالسيئة الخلق. والزبون : التي تضرب برجلها عند الحلب.

١٨٤

و قوله : وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ [١٨٤] قرأها عاصم والأعمش بكسر الجيم وتشديد اللام ، ورفعها آخرون. واللام مشدّدة فى القولين : (وَ الْجِبِلَّةَ).

١٩٣

وقوله : نزّل به الرّوح الأمين [١٩٣] كذا قرأها القراء. وقرأها الأعمش وعاصم «٢» والحسن (نزّل به) بالتشديد. ونصبوا (الروح الأمين) وهو جبريل (عَلى قَلْبِكَ) يتلوه عليك. ورفع أهل المدينة (الرُّوحُ الْأَمِينُ) وخفّفوا (نَزَلَ) وهما سواء فى المعنى.

(٢) أي فى رواية أبى بكر أما رواية حفص عنه فالتخفيف وكذا قرأ بالتخفيف نافع وابن كثير وأبو عمرو وأبو جعفر.

١٩٦

وقوله : وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ [١٩٦] وإنّ هذا القرآن لفى بعض زبر الأولين وكتبهم.

فقال : (فى زبر) وإنما هو فى بعضها ، وذلك واسع لأنك تقول : ذهب الناس وإنما ذهب بعضهم.

١٩٧

وقوله : أَوَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَماءُ بَنِي إِسْرائِيلَ [١٩٧] يقول : يعلمون علم محمد صلى اللّه عليه وسلم أنه نبىّ فى كتابهم. (الآية) منصوبة و(أن) فى موضع رفع. ولو قلت :

أو لم تكن لهم آية) بالرّفع «٢» (أن يعلمه) تجعل (أن) فى موضع نصب لجاز ذلك.

(٢) هذه قراءة ابن عامر.

١٩٨

وقوله : وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ [١٩٨] الأعجم فى لسانه. والأعجمىّ المنسوب إلى أصله إلى العجم وإن كان فصيحا. ومن قال : أعجم قال للمرأة عجماء إذا لم تحسن العربيّة ويجوز أن تقول عجمىّ تريد أعجمىّ تنسبه إلى أصله.

٢٠٠

وقوله : كَذلِكَ سَلَكْناهُ [٢٠٠] يقول : سلكنا التكذيب فى قلوب المجرمين كى لا يؤمنوا به (حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ) وإن كان موقع كى فى مثل هذا (لا) وأن جميعا صلح الجزم فى (لا) والرفع. والعرب تقول : ربطت الفرس لا يتفلّت جزما ورفعا. وأوثقت العبد لا يفرر «٣» جزما ورفعا. وإنما جزم لأن تأويله إن لم أربطه فرّ فجزم على التأويل. أنشدنى بعض بنى عقيل :

و حتى رأينا أحسن الفعل بيننا مساكتة لا يقرف الشرّ قارف «٤»

(٣) هذا لا يأتى إلا على الجزم حيث فك التضعيف. والأولى : «يفر» ليجرى فيه الرفع.

(٤) يقال : اقترف الشر : ؟؟؟.

ينشد رفعا وجزما. وقال آخر :

لو كنت إذ جئتنا حاولت رؤيتنا أو جئتنا ماشيا لا يعرف الفرس

رفعا وجزما وقوله :

لطالما حلأ نماها لا ترد فخلّياها والسّجال تبترد «١»

من ذلك.

(١) يقال : حلأ الماشية عن الماء : طردها أو حبسها عن الورود ومنعها أن ترده. والسجال جمع سجل وهو الدلو. والحديث عن الإبل. وفى اللسان (حلأ) أن نسوة تمثلن بالبيت لامرأة تزوجها عاشق لها.

٢٠٨

وقوله : إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ [٢٠٨].

وفى موضع آخر : (إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ) «٣» وقد فسّر هذا.

(٣) الآية ٤ سورة الحجر. [.....]

٢٠٩

وقوله : ذِكْرى وَما كُنَّا ظالِمِينَ [٢٠٩] ذكرى فى موضع نصب أي ينذرونهم تذكرة وذكرى. ولو قلت : (ذِكْرى ) فى موضع رفع أصبت ، أي : ذلك ذكرى ، وتلك ذكرى.

٢١٠

وقوله : وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ [٢١٠] ترفع النون.

قال الفراء : وجاء عن الحسن (الشياطون) وكأنه من غلط الشيخ ظنّ أنه بمنزلة المسلمين والمسلمون.

٢١٢

وقوله : إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ [٢١٢] يعنى الشياطين برجم الكواكب.

٢١٨

وقوله : يَراكَ حِينَ تَقُومُ [٢١٨]

وتقلّبك فى السّاجدين [٢١٩] يقول : يرى تقلبك ١٣٥ ا فى المصلّين. وتقلّبه قيامه وركوعه وسجوده.

٢٢١

وقوله : هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ [٢٢١] كانت الشياطين قبل أن ترجم تأتى الكهنة مثل مسيلمة الكذّاب وطليحة وسجاح فيلقون إليهم بعض ما يسمعون ويكذبون. فذلك

(يلقون) إلى كهنتهم (السّمع) الذي سمعوا (وَ أَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ).

٢٢٤

وقوله : وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ [٢٢٤] نزلت فى ابن الزّبعرى وأشباهه لأنهم كانوا يهجون النبىّ صلى اللّه عليه وسلم والمسلمين.

٢٢٧

وقوله : (يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ) غواتهم الذين يرون سبّ النبي عليه السلام.

ثم استثنى شعراء المسلمين فقال : إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا [٢٢٧] لأنهم ردّوا عليهم : فذلك قوله :

(وَ انْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا) وقد قرئت (يتّبعهم الغاوون) و(يتبعهم «١») وكل صواب.

(١) هى قراءة نافع.