سُورَةُ الْأَنْبِيَاءِ مَكِّيَّةٌ

وَهِيَ مِائَةٌ وَاثْنَتَا عَشَرَةَ آيَةً

٢

و قوله : ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ [٢] لو كان المحدث نصبا أو رفعا لكان «٦» صوابا.

النصب على الفعل : ما يأتيهم محدثا. والرفع على الردّ على تأويل «٧» الذكر لأنك لو ألقيت (من)

 (٦) ا : «كان».

(٧) يريد بتأويله ما يصير إليه وهو الرفع إذ حرف الجر زائد.

لرفعت الذكر. وهو كقولك : ما من أحد قائم «١» وقائم وقائما. النصب فى هذه «٢» على استحسان «٣» الباء ، وفى الأولى على الفعل.

(١) سقط فى ش.

(٢) ا : «هذا» والمراد المثال : ما من أحد قائما

(٣) كذا. والمراد حذف الباء وسقوطها ، وفى ا ما يقرب من «استحساف» وكأن معناه الإزالة والإسقاط ، فان من معانى إعادة القشر. يقال : حسف الجلدة : قشرها ، وتحسفت أوبار الإبل : تطايرت. [.....]

٣

وقوله : لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ [٣] منصوبة «٤» على العطف على قوله (وَ هُمْ يَلْعَبُونَ) لأن قوله وهم يلعبون بمنزلة لاعبين ، فكأنه : إلّا استمعوه لاعبين لاهية قلوبهم. ونصبه أيضا من إخراجه «٥» من الاسم المضمر فى (يَلْعَبُونَ) يلعبون كذلك لاهية قلوبهم. ولو رفعت (لاهِيَةً) تتبعها «٦» يلعبون كان صوابا كما تقول : عبد اللّه يلهو ولا عب. ومثله قول الشاعر :

يقصد فى أسوقها وجائر «٧»

و رفع أيضا على الاستئناف لا بالردّ على يلعبون.

وقوله (وَ أَسَرُّوا النَّجْوَى) إنما قيل : وأسرّوا لأنها للناس الذين وصفوا باللهو واللعب و(الَّذِينَ) تابعة للناس مخفوضة كأنك قلت : اقترب للناس الذين هذه حالهم. وإن شئت جعلت (الَّذِينَ) مستأنقة مرفوعة ، كأنك جعلتها تفسيرا للأسماء «٨» التي فى أسرّوا كما قال (فَعَمُوا «٩» وَصَمُّوا ثُمَّ تابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ.)

 (٤) يريد أنه حال كما أن الجملة السابقة حال من الضمير فى (استمعوه).

(٥) يريد أنه حال من الضمير فى (يلعبون).

(٦) يريد أن تكون خبرا لهذه الجملة.

(٧) هو رجز قبله :

بات يعشيها بعضب باتر

و الظاهر أنه يريد إبلا أخذ يعقرها وينحرها فيضرب بالسيف فى سوقها فيقصد السيف ويصيب السوق تارة وتارة يجور عن القصد. وانظر شواهد العيني فى العطف ، وأمالى ابن الشجري ٢/ ١٦٧.

(٨) يريد الضمير فى (أسروا) وجعله أسماء لأنه جمع يقوم مقام الأسماء.

(٩) الآية ٧١ سورة الأنعام.

٤

و قوله : قالَ رَبِّي [٤] و(قل «١» ربى) وكلّ صواب.

(١) القراءة الأولى لحفص وحمزة والكسائي وخلف وافقهم الأعمش. والأخيرة للباقين.

٥

وقوله : أَضْغاثُ أَحْلامٍ ، بَلِ افْتَراهُ بَلْ هُوَ شاعِرٌ [٥] ردّ ببل «٢» على معنى تكذيبهم ، وإن لم يظهر قبله الكلام بجحودهم ، لأن معناه خطاب وإخبار عن الجاحدين.

(٢) يريد أن (بل) واردة على كلام مفهوم من المقام وهو جحد ونفى. وفى الطبري : «يقول تعالى ذكره :

ما صدقوا بحكمة هذا القرآن ولا أنه من عند اللّه ولا أقروا بأنه وحي أوحاه اللّه إلى محمد صلّى اللّه عليه وسلّم بل قال بعضهم ...».

٦

وقوله : (فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ) كالآيات التي جاء بها الأوّلون.

فقال اللّه «ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها [٦] ممّن جاءته آية فكيف يؤمن هؤلاء.

٧

وقوله : فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ [٧] أي أهل الكتب «٣» التوراة والإنجيل.

(٣) كأن المراد الجنس إذ هما كتابان. وقد يكون الأصل : الكتاب فكتب بحذف الألف.

٨

وقوله : وَما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ [٨] وحّد الجسد ولم يجمعه وهو عربىّ لأن الجسد كقولك شيئا مجسّدا لأنه مأخوذ من فعل «٤» فكفى من الجمع ، وكذلك قراءة من قرأ (لِبُيُوتِهِمْ «٥» سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ) والمعني سقوف ثم قال «٦» (لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ) يقول : لم نجعلهم جسدا إلّا ليأكلوا الطعام (وَ ما كانُوا خالِدِينَ) بأكلهم وشربهم ، يعنى الرجال المرسلين ١١٦ ا ولو قيل : لا يأكل الطعام كان صوابا تجعل الفعل للجسد ، كما تقول. أنتما شيئان صالحان ، وشىء صالح وشىء صالحان. ومثله (أَمَنَةً «٧» نُعاساً تغشى طائفة) و(يَغْشى ) مثله (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ «٨» طَعامُ الْأَثِيمِ)

 (٤) ا : «الفعل».

(٥) فى ا : «لبيوتهم فيمن قرأ. سقفا من فضة» وهو فى الآية ٣٣ سورة الزخرف وقراءة «سقفا» بالإفراد لابن كثير وأبى عمرو وأبى جعفر وافقهم الحسن وابن محيصن.

(٦) ا : «يقول».

(٧) الآية ١٥٤ سورة آل عمران. والقراءة بالتاء لحمزة والكسائي وخلف وافقهم الأعمش. وقراءة الياء للباقين.

(٨) الآيتان ٤٣ ، ٤٤ سورة الدخان. وقراءة (يغلى) بالياء لابن كثير وحفص ورويس. وقراءة (تغلى) بالتاء للباقين. [.....]

ثم قال (كَالْمُهْلِ تغلى) للشجرة و(يَغْلِي) للطعام وكذلك قوله (أَ لَمْ يَكُ «١» نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى ) وتمنى.

(١) الآية ٣٧ سورة القيامة. وقراءة الياء لحفص ويعقوب وهشام وافقهم ابن محيصن والحسن. وقراءة الياء للباقين.

١٠

وقوله : كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ [١٠] شرفكم.

١٢

وقوله : إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ [١٢] : يهربون وينهزمون.

١٥

وقوله : فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ [١٥] يعنى قولهم : إنا كنّا ظالمين ، أي لم يزالوا يردّدونها.

وفى هذا الموضع يصلح التذكير. وهو مثل قوله (ذلِكَ «٢» مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ) و(تِلْكَ «٣» مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ).

(٢) الآية ٤٤ سورة آل عمران.

(٣) الآية ٤٩ سورة هود.

١٧

وقوله : لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً [١٧] قال الفراء حدثنى «٤» حبّان عن الكلبىّ عن أبى صالح عن ابن عباس قال : اللهو : الولد بلغة حضرموت.

وقوله : (إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ) جاء فى «٥» التفسير : ما كنا فاعلين و(إن) قد تكون فى معنى (ما) كقوله (إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ) «٦» وقد تكون إن «٧» التي فى مذهب جزاء «٨» فيكون : إن كنّا فاعلين ولكنا لا نفعل. وهو أشبه الوجهين بمذهب العربيّة واللّه أعلم.

(٤) ا : «حدثنا».

(٥) سقط فى ا.

(٦) الآية ٢٣ سورة فاطر.

(٧) ا : «على إن».

(٨) ا : «الجزاء».

٢٢

وقوله : لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا [٢٢] إلّا فى هذا الموضع بمنزله سوى كأنك قلت :

لو كان فيهما آلهة سوى (أو غير) «٩» اللّه لفسد أهلهما «١٠» (يعنى أهل السماء والأرض).

(٩) سقط فى ا.

(١٠) ا : «أهلها».

٢٦

و قوله : سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ [٢٦] معناه : بل هم عباد مكرمون. ولو كانت : بل عبادا مكرمين مردودة على الولد أي لم نتّخذهم ولدا ولكن اتخذناهم عبادا مكرمين (قالَ صَواباً).

٣٠

وقوله : أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما [٣٠] فتقت السماء بالقطر والأرض بالنبت (وقال «١») (كانَتا رَتْقاً) ولم يقل : رتقين (وهو) كما قال (ما جَعَلْناهُمْ جَسَداً).

وقوله : (وَ جَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) خفض ولو كانت «٢» : حيّا كان صوابا أي جعلنا كلّ شىء حيّا من الماء.

(١) ا : «فقال».

(٢) ا : «نصب».

٣٢

وقوله : وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً [٣٢] ولو «٣» قيل : محفوظا يذهب بالتأنيث إلى السّماء وبالتذكير إلى السقف كما قال (أَمَنَةً نُعاساً تغشى) و(يَغْشى ) وقيل (سَقْفاً) وهى سموات لأنها سقف على الأرض كالسّقف على البيت. ومعنى قوله (مَحْفُوظاً) : حفظت (مِنَ الشَّياطِينِ «٤») بالنجوم.

(٣) الجواب محذوف أي لكان صوابا مثلا.

(٤) فى ا تأخير ما بين القوسين عما بعده. [.....]

٣٣

وقوله : (وَ هُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ) فآياتها قمرها وشمسها ونجومها. قد قرأ مجاهد (وهم عن آيتها معرضون) فوحّد (وجعل «٥») السماء بما فيها آية وكل صواب.

وقال «٦» : فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ [٣٣] لغير الآدميّين للشمس والقمر «٧» والليل والنهار ، وذلك أن السّباحة من أفعال الآدميين فقيلت بالنون كما قيل : (وَ الشَّمْسَ «٨» وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ) لأنّ السجود من أفعال الآدميّين. ويقال : إن الفلك موج مكفوف «٩» يجرين فيه.

(٥) ا : «فجعل».

(٦) ش ، ب : «قوله».

(٧) سقط فى ا.

(٨) الآية ٤ سورة يوسف.

(٩) كأن المراد أنه محفوظ من التسفل.

٣٤

و قوله أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ [٣٤] دخلت «١» الفاء فى الجزاء وهو (إن) وفى جوابه لأن الجزاء متّصل بقرآن قبله. فأدخلت فيه ألف الاستفهام على الفاء من الجزاء. ودخلت الفاء فى قوله (فهم) لأنه جواب للجزاء. ولو حذفت الفاء من قوله (فهم) كان صوابا من وجهين أحدهما أن تريد الفاء فتضمرها ، لأنها لا تغيّر (هم) عن رفعها فهناك يصلح الإضمار. والوجه الآخر أن يراد تقديم (هم) إلى الفاء فكأنّه ١١٦ ب قيل : أفهم الخالدون إن متّ.

(١) ش : «و دخلت».

٣٥

وقوله : كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ [٣٥] ولو نوّنت فى (ذائقة) ونصبت (الموت) كان صوابا.

وأكثر ما تختار العرب التنوين والنصب فى المستقبل. فإذا كان معناه ماضيا لم يكادوا يقولون إلّا بالاضافة. فأمّا المستقبل فقولك : أنا صائم يوم الخميس إذا كان خميسا مستقبلا. فإن أخبرت عن صوم يوم خميس ماض قلت : أنا صائم يوم الخميس فهذا وجه العمل. ويختارون أيضا التنوين. إذا كان مع الجحد. من ذلك قولهم : ما هو بتارك حقّه ، وهو غير تارك حقه ، لا يكادون يتركون التنوين.

وتركه كثير جائز وينشدون قول أبى الأسود :

فألفيته غير مستعتب ولا ذاكر اللّه إلا قليلا «٢»

فمن حذف النون ونصب قال : النيّة التنوين مع الجحد ، ولكنى أسقطت النون للساكن الذي لقيها وأعملت معناها. ومن خفض أضاف.

(٢) كان أبو الأسود تزوج امرأة فلم ير فيها ما يرضيه فقال شعرا لذويها منه هذا البيت يذكر فى شعره أن خال امرأ لم يبله فخانه وأفشى سره فما جزاؤه أليس. جزاؤه الصوم والهجران فقالوا : نعم فقال : تلك صاحبتكم وهى طالق.

وانظر الأغانى ١٢/ ٣١٠ من طبعة الدار.

٣٦

وقوله : أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ [٣٦] يريد : يعيب آلهتكم. وكذلك قوله : سمعنا «٣» فثى

(٣) الآية ٦٠ سورة الأنبياء.

يذكرهم يقال له إبراهيم) أي يعيبهم. وأنت قائل للرجل : لئن ذكرتنى لتند منّ وأنت تريد : بسوء قال عنترة :

لا تذكرى مهرى وما أطعمته فيكون جلدك مثل جلد الأشهب «١»

أي لا تعيبينى بأثرة مهرى فجعل الذكر عيبا.

(١) كانت لعنترة زوجة لا تزال تلومه فى فرس كان يؤثره ويطعمه ألبان إبله فقال فيها هذا الشعر. ورواية ديوانه :

«الأجرب» فى مكان «الأشهب». والأشهب من الشهبة وهى بياض يصدعه سواد ، وقد يكون من الجرب. يريد أنك إن دمت على هذا نفرت منك وكان جلدك كجلد الأجرب فلا أقربك.

٣٧

وقوله : خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ [٣٧] وعلى عجل «٢» كأنك قلت : بنيته وخلقته من العجلة وعلى العجلة.

(٢) يريد أنه يقال فى اللغة ما فى الآية وهذا أيضا. ولا يريد أن هذا قراءة.

٣٨

وقوله : وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ [٣٨] (مَتى ) فى موضع نصب ، لأنّك لو أظهرت جوابها رأيته منصوبا فقلت : الوعد يوم كذا وكذا (ولو «٣») جعلت (متى) فى موضع رفع كما تقول : متى الميعاد؟ فيقول : يوم الخميس ويوم الخميس. وقال اللّه (مَوْعِدُكُمْ «٤» يَوْمُ الزِّينَةِ) فلو نصبت «٥» كان صوابا. فإذا جعلت الميعاد فى نكرة من الأيّام والليالى والشهور والسنين رفعت فلقت : ميعادك يوم أو يومان ، وليلة وليلتان كما قال اللّه (غُدُوُّها «٦» شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ) والعرب تقول : إنما البرد شهران وإنما الصيف شهران. ولو جاء «٧» نصبا كان صوابا. وإنّما اختاروا الرفع لأنك أبهمت الشهرين فصارا جميعا كأنهما وقت للصّيف.

وإنما اختاروا النصب فى المعرفة لأنها حين معلوم مسند إلى الذي بعده ، فحسنت الصّفة ، كما أنك تقول :

عبد اللّه دون من الرجال ، وعبد اللّه دونك فتنصب. ومثله اجتمع الجيشان فالمسلمون جانب والكفّار

(٣) : «فلو».

(٤) الآية ٥٩ سورة طه.

(٥) ا : «نصب».

(٦) الآية ١٢ سورة سبا. [.....]

(٧) ا : «كان».

جانب. فإذا أضفت نصبت فقلت : المسلمون جانب صاحبهم ، والكفّار جانب صاحبهم فإذا «١» لم تضف الجانب صيرتهم هم كالجانب لا أنهم فيه فقس على ذا «٢»

(١) ا : «و إذا».

(٢) ا : «هذا».

٣٩

 وقوله : وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ [٣٩].

وقوله : (فَمَنْ يَنْصُرُنِي «٣» مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ) : فمن يمنعنى. ذلك معناه - واللّه أعلم - فى عامّة القرآن.

(٣) الآية ٦٣ سورة هود.

٤٢

وقوله : قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ [٤٢]. مهموزة (ولو «٤») تركت ١١٧ ا همز مثله فى غير القرآن قلت : يكلوكم بواو ساكنة أو يكلاكم بألف ساكنة مثل يخشاكم : ومن جعلها واوا ساكنة قال كلان بالألف تترك منها النّبرة «٥». ومن قال : يكلاكم قال : كليت مثل قضيت. وهى من لغة قريش. وكلّ حسن ، إلا أنهم يقولون فى الوجهين مكلوّة بغير همز ، ومكلوّ بغير همز أكثر ممّا يقولون مكلّية. ولو قيل مكلىّ فى قول الذين يقولون كليت كان صوابا. وسمعت بعض العرب ينشد قول الفرزدق :

و ما خاصم الأقوام من ذى خصومة كورها ، مشنىّ إليها حليلها «٦»

فبنى على شنيت بترك النبرة. وقوله (مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ مِنَ الرَّحْمنِ) يريد : من أمر الرحمن ، فحذف الأمر وهو يراد كما قال فى موضع آخر (فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ) يريد : من يمنعنى من عذاب اللّه. وأظهر المعنى فى موضع آخر فقال (فَمَنْ يَنْصُرُنا «٧» مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جاءَنا).

(٤) ا : «فلو»

(٥) النبرة : الهمزة.

(٦) الورهاء : الحمقاء. والشنآن : البغض. كانت النوار امرأة الفرزدق كرهته وأرادت فراقه فخاصمته عند ابن الزبير فقال قصيدة فى هذا المعنى. وانظر الديوان ٦٠٦.

(٧) الآية ٢٩ سورة غافر.

٤٣

و قوله : لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ [٤٣] يعنى الآلهة لا تمنع أنفسها (وَ لا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ) يعنى الكفار يعنى يجارون (وهى «١» منّا لا تجار) ألا ترى أن العرب تقول (كان لنا «٢» جارا) ومعناه يجيرك ويمنعك فقال (يُصْحَبُونَ) بالإجارة «٣».

(١) سقط فى ا.

(٢) ا : «أنالك جار».

(٣) ا : «للاجارة».

٤٥

وقوله : وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ [٤٥] ترفع (الصمّ) لأن الفعل لهم. وقد قرأ أبو عبد الرحمن «٤» السّلمىّ (ولا تسمع الصم الدعاء) ، نصب (الصم) بوقوع الفعل عليه.

(٤) هى قراءة ابن عامر. وقد وافقه الحسن.

٤٧

وقوله : وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ [٤٧] القسط من صفة الموازين وإن كان موحّدا. وهو بمنزلة قولك للقوم : أنتم رضا وعدل. وكذلك الحقّ إذا كان من صفة واحد أو اثنين أو أكثر من ذلك كان واحدا.

وقوله : (لِيَوْمِ الْقِيامَةِ) وفى «٥» يوم القيامة.

وقوله : عز وجل (أَتَيْنا بِها) ذهب إلى الحبّة ، ولو كان أتينا به (كان «٦» صوابا) لتذكير المثقال. ولو رفع المثقال كما قال (وَ إِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ «٧» فَنَظِرَةٌ) كان صوابا ، وقرأ مجاهد (آتينا بها) بمدّ الألف يريد : جازينا بها على فاعلنا. وهو وجه حسن :

(٥) يريد أن اللام بمعنى فى.

(٦) أخر فى ا عن «لتذكير المثقال». [.....]

(٧) الآية ٢٨٠ سورة البقرة وقد قرأ بالرفع نافع وأبو جعفر. وقرأ الباقون بالنصب.

٤٨

و قوله : وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ وَضِياءً [٤٨] هو من صفة الفرقان ومعناه - واللّه أعلم - آتينا موسى وهارون الفرقان ضياء وذكرا ، فدخلت الواو كما قال (إِنَّا زَيَّنَّا «٨» السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ وَحِفْظاً) جعلنا ذلك ، وكذلك (وَ ضِياءً وَذِكْراً) آتينا ذلك.

(٨) يريد أن الضياء من صفة الفرقان وإن عطف عليه بالواو. وفى ا بعد قوله : ضياء : «هو من صفة الفرقان.

وهو كقولك : آتينا موسى وهارون الفرقان ضياء وذكرا». والآيتان ٦ و٧ من سورة الصافات.

٥٠

و قوله : وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ أَنْزَلْناهُ [٥٠] المبارك رفع من صفة الذكر. ولو كان نصبا على قولك : أنزلناه مباركا كان صوابا.

٥١

وقوله : وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ [٥١] هداه ، إذ كان فى السّرب «١» حتّى بلّغه اللّه ما بلّغه.

ومثله (وَ لَوْ شِئْنا «٢» لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها) : رشدها.

(١) السرب : بيت فى الأرض لا منفذ له. والمراد المغارة التي ولدته أمه فيها خوفا من نمرود وكان يذبح الأبناء وقد مكث فيها زمنا. وانظر تاريخ الطبري (طبعة المعارف) ١/ ٢٣٤.

(٢) الآية ١٣ سورة السجدة.

٥٧

وقوله : وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ [٥٧] كانوا أرادوا الخروج إلى عيدلهم ، فاعتلّ عليهم إبراهيم ، فتخلّف (فَقالَ «٣») : إِنِّي سَقِيمٌ) ، فلمّا مضوا كسر آلهتهم إلّا أكبرها ، فلمّا رجعوا قال قائل منهم : أنا سمعت إبراهيم يقول : وتاللّه لأكيدنّ أصنامكم. وهو قوله (سَمِعْنا فَتًى «٤» يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ) : يذكرهم بالعيب (والشتم «٥») وبما قال من الكيد.

(٣) ا : «فقال».

(٤) فى الآية ٦٠ من سورة الأنبياء.

(٥) سقط فى ا.

٥٨

وقوله : فَجَعَلَهُمْ جُذاذاً [٥٨] قرأها يحيى «٦» بن وثاب (جذاذا) وقراءة الناس بعد ١١٧ ب (جُذاذاً) بالضم. فمن قال (جُذاذاً) فرفع الجيم فهو واحد مثل الحطام والرفات. ومن قال (جذاذا) بالكسر فهو جمع كأنه جذيذ وجذاذ مثل خفيف وخفاف.

(٦) وهى قراءة الكسائي وافقه الأعمش وابن محيصن.

٦١

وقوله : عَلى أَعْيُنِ النَّاسِ [٦١] : على رءوس الناس (لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ) عليه بما شهد به الواحد.

ويقال : لعلّهم يشهدون أمره وما يفعل به.

٦٣

وقوله : بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا [٦٣] هذا ، قال بعض «٧» الناس بل فعّله كبيرهم مشدّدة يريد : فلعلّه

 (٧) هو محمد بن السميقع فى النيسابورى

كبيرهم ، وقال بعض الناس : بل فعله كبيرهم إن كانوا ينطقون. فجعل فعل الكبير مسندا إليه إن كانوا ينطقون وهم لا ينطقون. والمذهب الذي العوامّ عليه : بل فعله كما قال يوسف (أَيَّتُهَا «١» الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ) ولم يسرقوا. وقد أيّد اللّه أنبياءه بأكثر من هذا.

(١) الآية ٧٠ سورة يوسف

٦٥

وقوله : ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ [٦٥] يقول : رجعوا عند ما عرفوا من حجّة إبراهيم فقالوا :

(لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ) (والعلم «٢» والظنّ بمنزلة اليمين. فلذلك لقيت العلم بما) فقال : (عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ) كقول القائل : واللّه ما أنت بأخينا. وكذلك قوله : (وَ ظَنُّوا «٣» ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ.)

و لو أدخلت العرب (أن) قبل (ما) فقيل : علمت أن ما فيك خير وظننت أن ما فيك خير كان صوابا. ولكنهم إذا لقى شيئا من هذه الحروف أداة مثل (إن) التي معها اللام أو استفهام كقولك «٤» : اعلم لى «٥» أقام «٦» عبد اللّه أم زيد (أو لئن) «٧» ولو اكتفوا بتلك الأداة فلم يدخلوا عليها (أن) ألا ترى قوله (ثُمَّ بَدا «٨» لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ) لو قيل : أن ليسجننّه كان صوابا كما قال الشاعر :

و خبّرتما أن إنّما بين بيشة ونجران أحوى والمحلّ خصيب «٩»

فأدخل أن على إنما فلذلك أجزنا دخولها على ما وصفت لك من سائر الأدوات.

(٢) سقط ما بين القوسين فى ا.

(٣) الآية ٤٨ سورة فصلت.

(٤) ش : «كقولهم».

(٥) ش : «أن لى». وفى ا : «أقام لى». وما هنا عن ج. وقوله : «أو لئن» سقط فى ا [.....]

(٦) ش : «أن لى». وفى ا : «أقام لى». وما هنا عن ج. وقوله : «أو لئن» سقط فى ا

(٧) ش : «أن لى». وفى ا : «أقام لى». وما هنا عن ج. وقوله : «أو لئن» سقط فى ا

(٨) الآية ٣٥ سورة يوسف

(٩) سبق هذا البيت فى تفسير قوله تعالى فى سورة يوسف «و شهد شاهد من أهلها» ص ٣٧.

٧٢

وقوله : وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً «١٠» [٧٢] النافلة ليعقوب خاصّة لأنّه ولد الولد ، كذلك بلغني.

(١٠) ا : «فالنافلة».

٧٤

وقوله : وَلُوطاً آتَيْناهُ [٧٤] نصب لوط من الهاء التي رجعت عليه من (آتَيْناهُ) ، والنصب الآخر

على إضمار (واذكر لوطا) أو (وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا) أو ما يذكر فى أوّل السورة وإن لم يذكر فإنّ الضمير إنما هو من الرسالة أو من الذكر ومثله (وَ لِسُلَيْمانَ «١» الرِّيحَ) فنصب (الريح) بفعل مضمر معلوم معناه : إمّا سخّرنا ، وإمّا آتيناه.

وكذلك قوله : (وَ نُوحاً «٢» إِذْ نادى ) فهو على ضمير الذكر.

وقوله : (وَ داوُدَ «٣» وَسُلَيْمانَ) وجميع ما يأتيك من ذكر الأنبياء فى هذه السورة نصبتهم على النسق على المنصوب بضمير الذكر.

(١) الآية ٨١ سورة الأنبياء

(٢) الآية ٧٦ سورة الأنبياء

(٣) الآية ٧٨ سورة الأنبياء

٧٨

وقوله : إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ [٧٨] النفش بالليل ، وكانت غنما لقوم وقعت «٤» فى كرم آخرين فارتفعوا إلى داود ، فقضى لأهل الكرم بالغنم ، ودفع الكرم إلى أهل الغنم فبلغ ذلك سليمان ابنه ، فقال : غير هذا كان أرفق بالفريقين. فعزم عليه داود ليحكمنّ. فقال : أرى أن تدفع الغنم إلى أهل الكرم فينتفعوا بألبانها وأولادها وأصوافها ، ويدفع الكرم إلى أرباب الشاء ١١٨ ا فيقوموا عليه حتى يعود كهيئته يوم أفسد ، فذكر أن القيمتين كانتا فى هذا الحكم مستويتين : قيمة ما نالوا من الغنم وقيمة ما أفسدت الغنم من الكرم. فذلك قوله : (فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ).

وقوله «٥» : (وَ كُنَّا لِحُكْمِهِمْ).

وفى بعض «٦» القراءة : (وكنّا لحكمهما شاهدين) وهو «٧» مثل قوله : (فَإِنْ كانَ «٨» لَهُ إِخْوَةٌ) يريد : أخوين فما زاد. فهذا كقوله : (لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ) إذ جمع اثنين.

 (٤) ا : «فوقعت»

(٥) زيادة يقتضيها السياق

(٦) هى قراءة ابن عباس ، كما فى البحر ٦/ ٣٣١

(٧) أي قراءة الجمهور : «لحكمهم»

(٨) الآية ١١ سورة النساء

٨٠

و قوله : وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ [٨٠] و(ليحصنكم) «١» و(لنحصنكم «٢») فمن قال : (ليحصنكم) بالياء كان لتذكير الّلبوس. ومن قال : (لِتُحْصِنَكُمْ) بالتاء ذهب إلى ثأنيث الصنعة. وإن شئت جعلته لتأنيث الدروع لأنها هى اللبوس. ومن قرأ : (لنحصنكم) ، بالنون يقول :

لنحصنكم نحن : وعلى هذا المعنى يجوز (ليحصنكم) بالياء اللّه من بأسكم أيضا.

(١) قراءة التاء لابن عامر وحفص وأبى جعفر وافقهم الحسن وقراءة النون لأبى بكر ورويس وقراءة الياء للباقين : [.....]

(٢) قراءة التاء لابن عامر وحفص وأبى جعفر وافقهم الحسن وقراءة النون لأبى بكر ورويس وقراءة الياء للباقين :

٨١

وقوله : تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلى الْأَرْضِ [٨١] كانت تجرى بسليمان إلى كلّ موضع ثم تعود به من يومه إلى منزله. فذلك قوله (تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلى الْأَرْضِ).

٨٢

وقوله : وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذلِكَ [٨٢] دون الغوص. يريد سوى الغوص.

من البناء.

وقوله : (وَ كُنَّا لَهُمْ حافِظِينَ) للشياطين «٣». وذلك أنهم كانوا يحفظون من إفساد ما يعملون فكان «٤» سليمان إذا فرغ بعض الشياطين من عمله وكّله بالعمل الآخر ، لأنه كان إذا فرغ ممّا يعمل فلم يكن له شغل كرّ على تهديم ما بنى فذلك قوله : (وَ كُنَّا لَهُمْ حافِظِينَ).

(٣) سقط فى ا

(٤) ا : «و كان»

٨٤

وقوله : وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ ومثلهمْ مَعَهُمْ [٨٤] ذكر «٥» أنه كان لأيّوب سبعة بنين وسبع بنات فماتوا فى بلائه. فلمّا كشفه اللّه عنه أحيا اللّه له بنيه وبناته ، وولد له بعد ذلك مثلهم. فذلك قوله :

(٥) ش : «ذلك»

(أَهْلَهُ ومثلهمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً) فعلنا ذلك رحمة.

٨٧

وقوله : فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ [٨٧] يريد أن لن نقدر عليه من العقوبة ما قدرنا.

وقوله : (فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ) يقال : ظلمة البحر ، وبطن الحوت «٦» ومعاها (مقصور) الذي كان فيه يونس فتلك الظلمات.

 (٦) أي معى الحوت وكأنه أنثه ذهابا به إلى السمكة

٨٨

و قوله : وَكَذلِكَ نُنْجِي «١» الْمُؤْمِنِينَ [٨٨] القراء يقرءونها بنونين ، وكتابها بنون واحدة. وذلك أن النون الأولى متحركة والثانية ساكنة ، فلا تظهر السّاكنة على اللسان ، فلمّا خفيت حذفت.

وقد قرأ عاصم «٢» - فيما أعلم - (نجّى) بنون واحدة ونصب (المؤمنين) كأنه احتمل اللحن ولا نعلم «٣» لها جهة إلّا تلك لأن ما لم يسمّ فاعله إذا خلا باسم رفعه ، إلا أن يكون «٤» أضمر المصدر فى نجّى فنوى به الرفع ونصب (المؤمنين) فيكون كقولك : ضرب الضرب زيدا ، ثم تكنى عن الضرب فتقول : ضرب زيدا. وكذلك نجّى النجاء المؤمنين.

(١) رسمت فى المصحف بنون واحدة (نجى) ، كما ذكر المؤلف

(٢) هى رواية أبى بكر عنه أما رواية حفص عنه فتنجى بنونين وقد قرأ أيضا بنون واحدة ابن عامر

(٣) ا : «نعرف»

(٤) لم يرتض هذا الوجه ابن جنى وخرج القراءة على أن أصلها : ننحى بنون مضمومة فنون مفتوحة من التنجية ثم حذفت النون الثانية إذ لو كان ماضيا كما يقدر الفراء لا نقحت اللام. وانظر الخصائص ١/ ٣٩٨

٩٠

وقوله : وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ [٩٠] يقول : كانت عقيما فجعلناها تلد فذلك صلاحها.

٩١

وقوله : أَحْصَنَتْ فَرْجَها [٩١] ذكر المفسّرون أنه جيب درعها «٥» ومنه نفخ فيها.

وقوله : وَجَعَلْناها وَابْنَها آيَةً

(ولم يقل آيتين) لأن شأنهما واحد. ولو قيل : آيتين لكان صوابا لأنها ولدت وهى بكر ، وتكلّم عيسى فى المهد فتكون آيتين إذ اختلفتا.

(٥) درع المرأة : قميصها

٩٢

وقوله : إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً [٩٢] تنصب (أُمَّةً واحِدَةً) على القطع «٦». وقد رفع الحسن (أمتكم أمة واحدة) على أن يجعل الأمة خبرا ثم يكرّ على الأمة الواحدة بالرفع على نيّة الخبر أيضا كقوله : (كَلَّا إِنَّها «٧» لَظى نَزَّاعَةً لِلشَّوى ).

(٦) ا : فقيل : آية»

(٧) الآيتان ١٥ ، ١٦ سورة المعارج وقراءة رفع (نزاعة) لغير حفص فعنده النصب

و فى قراءة أبىّ فيما أعلم : (إنّها لإحدى «١» الكبر نذير للبشر) الرفع على التكرير ومثله :

(ذُو الْعَرْشِ «٢» الْمَجِيدُ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ).

(١) الآيتان ٣٥ ، ٣٦ سورة المدثر

(٢) الآيتان ١٥ ، ١٦ سورة البروج [.....]

٩٥

وقوله : وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها [٩٥] قرأها ابن عباس. حدثنى بذلك غير واحد ، منهم هشيم عن داود عن عكرمة عن ابن عباس ، وسفيان عن عمير وعن ابن عباس. وحدثنى عمرو بن أبى المقدام عن أبيه عن سعيد بن جبير (وحرم) وحدّثنى بعضهم عن يحيى بن وثاب وإبراهيم النخعىّ (وحرم على) وأهل المدينة والحسن (وَ حَرامٌ) «٣» بألف. وحرام أفشى فى القراءة. وهو بمنزلة قولك : حلّ وحلال ، وحرم وحرام.

(٣) وهى قراءة أبى بكر وحمزة والكسائي وافقهم الأعمش والباقون بفتح الحاء والراء وبألف بعد هى (حرام).

٩٦

وقوله : وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ [٩٦] والحدب كل أكمة (ومكان «٤» مرتفع).

(٤) فى ا : «مرتفعة»

٩٧

وقوله : وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ [٩٧] معناه - واللّه أعلم - : حتى إذا فتحت اقترب. ودخول الواو فى الجواب فى (حَتَّى إِذا) بمنزلة قوله (حَتَّى «٥» إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها). وفى قراءة عبد اللّه فلمّا جهّزهم بجهازهم «٦» جعل السّقاية) وفى قراءتنا بغير واو. ومثله فى الصافات (فَلَمَّا أَسْلَما «٧» وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنادَيْناهُ) معناه ناديناه ، وقال امرؤ القيس :

فلمّا أجزنا ساحة الحىّ وانتحى بنا بطن خبت ذى قفاف عقنقل «٨»

يريد انتحى.

 (٥) الآية ٧٣ سورة الزمر

(٦) الآية ٧٠ سورة يوسف

(٧) الآيتان ١٠٣ ، ١٠٤ من سورة الصافات

(٨) البيت من معلقته. وانتحى : اعترض. والخبت : المتسع من بطون الأرض. والقفاف جمع القف : ما ارتفع من الأرض والعقنقل : الوادي العظيم المتسع وانظر الديوان ١٥

و قوله : (فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا) تكون (هى) عمادا يصلح فى موضعها (هو) فتكون كقوله : (إِنَّهُ أَنَا «١» اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) ومثله قوله : (فَإِنَّها «٢» لا تَعْمَى الْأَبْصارُ) فجاء التأنيث لأن الأبصار مؤنّثة والتذكير للعماد. وسمعت بعض العرب يقول : كان مرّة وهو ينفع الناس أحسابهم فجعل (هو) عمادا. وأنشدنى بعضهم :

بثوب ودينار وشاة ودرهم فهل هو مرفوع بما هاهنا راس

و إن شئت جعلت (هى) للأبصار كنيت عنها ثم أظهرت الأبصار لتفسرها كما قال الشاعر «٣» :

لعمر أبيها لا تقول ظعينتى ألا فرّعنى مالك بن أبى كعب

فذكر الظعينة وقد كنى عنها فى (لعمر) «٤».

(١) الآية ٩ سورة النمل

(٢) الآية ٤٦ سورة الحج.

(٣) هو مالك بن أبى كعب من شعر يقوله فى حرب كانت بينه وبين رجل من بنى ظفر وانظر الأغانى الدار ١٦/ ٢٣٤ وما بعدها.

(٤) أي في قوله. «لعمر أبيها»

٩٨

وقوله : حَصَبُ جَهَنَّمَ [٩٨] ذكر أن الحصب فى لغة أهل اليمن الحطب. حدّثنا أبو العباس قال حدّثنا محمد قال حدثنا الفراء قال : حدّثنى قيس بن الربيع عن محمد بن الحكم الكاهلىّ عن رجل سمع عليّا يقرأ (حطب) بالطاء. حدّثنا أبو العباس قال حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال حدثنى ابن أبى يحيى المدنىّ عن أبى الحويرث رفعه إلى عائشة أنها قرأت «٥» (حطب) كذلك. وبإسناد لابن أبى يحيى عن ابن عباس أنه قرأ «٦» (حضب) بالضاد. وكلّ ما هيّجت به النار أو أوقدتها به فهو حضب.

وأمّا الحصب فهو فى معنى لغة نجد : ما رميت به فى النار ، كقولك : حصبت الرجل أي رميته.

 (٥) ا : «قرأته»

(٦) ا : «قرأها»

١٠٤

و قوله : يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ [١٠٤] بالنون وبالتاء (تطوى «١») ولو قيل (يطوى) كما قيل (نَطْوِي) بالنون جاز.

واجتمعت القراء على (السِّجِلِّ «٢») بالتثقيل.

وأكثرهم يقول (للكتاب) وأصحاب «٣» عبد اللّه (لِلْكُتُبِ) والسّجلّ : الصّحيفة. فانقطع الكلام عند الكتب ، ثم استأنف فقال (كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ) فالكاف للخلق «٤» كأنك قلت «٥» : نعيد الخلق كما بدأناهم (أَوَّلَ مَرَّةٍ «٦»).

وقوله (وَعْداً عَلَيْنا) كقولك حقّا علينا.

(١) هى قراءة أبى جعفر

(٢) عن الحسن فيه تسكين الجيم وتخفيف اللام كما فى الإتحاف والسين أيضا مكسورة كما فى القاموس [.....]

(٣) هى قراءة حفص وحمزة والكسائي وخلف. وافقهم الأعمش.

(٤) يريد أنها متعلقة في المعنى بضمير الخلق فى (نعيده).

(٥) ا : «كأنك قدمتها فقلت».

(٦) سقط فى ا.

١٠٥

وقوله : أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ [١٠٥] يقال : أرض الجنّة. ويقال : إنها الأرض التي وعدها بنو إسرائيل ، مثل قوله : (وَ أَوْرَثْنَا «٧» الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا.

(٧) الآية ١٣٧ سورة الأعراف.

١٠٦

وقوله : إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً [١٠٦] أي فى القرآن.

١٠٨

وقوله : يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ [١٠٨] وجه الكلام (فتح أنّ «٨») لأن (يُوحى ) يقع عليها.

و(إنّما) بالكسر يجوز. وذلك أنها أداة كما وصفت لك من قول الشاعر :

... أن إنّما بين بيشة

فتلقى (أن) كأنه قيل : إنما يوحى إلى أن إنّما إلهكم إله واحد.

 (٨) ا : «الفتح».

١١١

وقوله : إِنْ أَدْرِي [١١١] رفع على معنى ما أدرى.

١١٢

و قوله : قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ [١١٢] جزم «١» : مسألة سألها ربّه. وقد قيل «٢» : قل ربّى «٣» أحكم بالحق ترفع (أحكم) وتهمز ألفها. ومن قال قل ربى «٤» أحكم بالحق كان موضع ربى رفعا ومن قال :

ربّ احكم موصولة كانت فى موضع نصب بالنداء.

(١) سقط فى ا. وهو يريد سكون الميم فى احكم وقد جرى على (قل) بصيغة الأمر وهى قراءة غير حفص. أما هو فيقرأ بصيغة الماضي.

(٢) هى قراءة ابن عباس وعكرمة والجحدري وابن محيصن كما فى البحر ٦/ ٣٤٥.

(٣ و٤) رسم فى ش : «رب».