سُورَةُ طٰهٰ مَكِّيَّةٌ

وَهِيَ مِائَةٌ وخَمْسٌ وثَلاَثُونَ آيَةً

١

قوله طه [١] حرف «١» هجاء. وقد جاء فى التفسير طه : يا رجل ، يا إنسان حدّثنا أبو العباس قال حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال حدّثنى قيس بن الربيع قال حدّثنى عاصم عن زرّ بن حبيش قال :

قرأ رجل على ابن مسعود طه بالفتح «٢» قال فقال له عبد اللّه طه «٣» بالكسر قال فقال له الرجل يا با عبد الرحمن أليس أنما أمر أن يطأ قدمه. قال : فقال له طه. هكذا أقرأنى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. وكان بعض القراء يقطّعها ط ه قرأها أبو عمرو بن العلاء طاهى «٤» هكذا.

(١) المراد الجنس فهما حرفان وفى الطبري : «حروف هجاء».

(٢) سقط فى ا. والمراد عدم الإمالة.

(٣) سقط فى ش. والمراد بالكسر الإمالة. [.....]

(٤) أي بفتح الطاء وإمالة الهاء للكسر.

٣

وقوله : إِلَّا تَذْكِرَةً [٣] نصبها على قوله : وما أَنْزَلْنا إِلَّا تَذْكِرَةً.

٤

وقوله : تَنْزِيلًا [٤] ولو كانت (تنزيل) (على الاستئناف) «٥» كان صوابا.

(٥) ما بين القوسين مؤخر فى ش عن قوله : «كان صوابا».

٧

وقوله : يَعْلَمُ السِّرَّ [٧] : ما أسررته (وَ أَخْفى ) : ما حدّثت به نفسك.

١٠

وقوله : إِنِّي آنَسْتُ ناراً [١٠] : وجدت نارا. والعرب تقول : اخرج فاستأنس هل ترى شيئا.

ومن أمثال العرب بعد اطّلاع إيناس «٦». وبعضهم يقول بعد طلوع إيناس.

 (٦) الاطلاع هنا : النظر. والإيناس الوجود واليقين

و قوله : (لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ) القبس مثل النار فى طرف العود أو فى القصبة. وقوله : (أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً) يعنى هاديا. فأجزأ المصدر من الهادي. وكان موسى قد أخطأ الطريق.

١٢

وقوله «١» : يا مُوسى [١١] إنى [١٢] إن جعلت النداء واقعا على (موسى) كسرت «٢» (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ) وإن شئت أوقعت النداء على (أنّى) وعلى (موسى) وقد قرىء «٣» بذلك.

وقوله : (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ) ذكر أنهما كانتا من جلد حمار ميّت فأمر بخلعهما ١١١ ا لذلك. وقوله (طوى) قد تكسر طاؤه فيجرى. ووجه الكلام (الإجراء إذا كسرت «٤» الطاء) وإن جعلته اسما لما حول الوادي جاز «٥» ألّا يصرف كما قيل «٦» (وَ يَوْمَ حُنَيْنٍ «٧» إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ) فأجرو حنينا لأنه اسم للوادى. وقال الشاعر «٨» فى ترك إجرائه :

نصروا نبيّهم وشدّوا أزره بحنين يوم تواكل الأبطال

نوى أن يجعل (حنين) اسما للبلدة فلم يجره. وقال الآخر «٩» :

ألسنا أكرم الثقلين رحلا وأعظمه ببطن حراء نارا

فلم يجر حراء وهو جبل لأنه جعله اسما للبلدة التي هو بها.

(١) فى ش مكان «و قوله» : «نودى» وسقط فيها «إنى».

(٢) الفتح قراءة ابن كثير وأبى عمرو وأبى جعفر وافقهم ابن محيصن واليزيدي ، والكسر قراءة الباقين.

(٣) الكسر مع الإجراء أي التنوين عن الحسن والأعمش.

(٤) ا : «إذا كسر إجراؤه».

(٥) هى قراءة أبى زيد عن أبى عمرو كما فى البحر ٦/ ٢٣١.

(٦) ا : «قالوا».

(٧) الآية ٢٥ سورة التوبة.

(٨) هو حسان بن ثابت كما فى اللسان.

(٩) نسبه فى معجم البلدان (حراء) إلى جرير. وفيه : «و أعظمهم». وما هنا : وأعظمه» أي أعظم من ذكر وهو جائز فى كلامهم.

و أمّا من ضمّ «١» (طوى) فالغالب عليه الانصراف. وقد يجوز ألا يجرى يجعل على جهة فعل مثل زفر وعمر ومضر قال الفراء «٢» : يقرأ (طوى) مجراة.

(١) الضم مع التنوين لابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي وخلف. وقرأ الباقون بالضم بلا تنوين. وهذا غير من سبق لهم الكسر.

(٢) ش : «و أبو زكريا» وهو الفراء. [.....]

١٣

وقوله : وَأَنَا اخْتَرْتُكَ [١٣] وتقرأ [وأنّا اخترناك ] مردودة على [نودى ] نودى أنّا اخترناك ، «٣» وإنّا اخترناك فإذا كسرها استأنفها «٤».

(٣) هذه قراءة حمزة بفتح الهمزة.

(٤) ا : «إذا» والكسر قراءة السلمى وابن هرمز كما فى البحر ٦/ ٢٣١.

١٤

وقوله : وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي [١٤] ويقرأ : (لذكرا) بالألف فمن قال (ذكرا) فجعلها بالألف كان على جهة «٥» الذكرى. وإن شئت جعلتها ياء إضافة حوّلت ألفا لرءوس الآيات كما قال الشاعر :

أطوّف ما أطوّف ثم آوى إلى امّا ويروينى النقيع «٦»

و العرب تقول بأبا وأمّا يريدون : بأبى وأمّي. ومثله (يا وَيْلَتى أَعَجَزْتُ «٧») وإن شئت جعلتها ياء»

إضافة وإن شئت ياء»

ندبة و(يا «١٠» حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ)

(٥) ا : «وجه».

(٦) النقيع : المحض من اللبن يبرد.

(٧) الآية ٣١ سورة المائدة.

(٨ و٩) أي الياء فى الأصل قبل قلبها ألفا. وقبله «ياء ندبة» الأولى : ألف ندبة.

(١٠) الآية ٥٦ سورة الزمر.

١٥

[قوله : أَكادُ أُخْفِيها [١٥] قرأت القراء (أَكادُ أُخْفِيها) بالضمّ. وفى قراءة أبيّ (إن السّاعة آتية أكاد أخفيها من نفسى فكيف أظهركم عليها) وقرأ سعيد بن جبير (أخفيها) بفتح الألف حدّثنا أبو العباس قال حدثنا محمد قال حدّثنا الفراء قال حدثنى الكسائي عن محمد بن سهل عن وقاء عن سعيد بن جبير أنه قرأ (أخفيها) بفتح الألف من خفيت. وخفيت : أظهرت وخفيت : سترت.

قال الفراء قال الكسائي والفقهاء يقولون «١١». قال الشاعر «١٢» :

 (١١) ما بعده فى ا مطموس لم أتمكن من قراءته.

(١٢) هو امرؤ القيس بن عابس الكندي. كما فى اللسان.

فإن تدفنوا الداء لا نخفه وإن تبعثوا الحرب لا نقعد يريد لا نظهره.

١٦

وقوله : فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها [١٦] يريد الإيمان ويقال عن السّاعة : عن إتيانها. وجاز أن تقول :

عنها وأنت تريد الإيمان كما قال (ثُمَّ «١» إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا) ثم قال (إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) يذهب إلى الفعلة.

(١) الآية ١١٠ سورة النحل.

١٧

وقوله : وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى [١٧] يعنى عصاه. ومعنى (تِلْكَ) هذه.

وقوله : (بِيَمِينِكَ) فى مذهب صلة لتلك لأن تلك وهذه توصلان كما توصل الذي قال الشاعر «٢».

عدش ما لعبّاد عليك إمارة أمنت وهذا تحملين طليق

و عدس «٣» زجر للبغل يريد الذي تحملين طليق.

(٢) هو يزيد بن مفرغ الحميرى. وكان هجا عباد بن زياد والى سجستان فسجته فى العذاب فأمر الخليفة معاوية رضي اللّه عنه فأطلق ، وقدمت إليه بغلة ليركبها فقال قصيدة فيها هذا البيت. وقوله «أمنت» كتب فوقها فى ا :

«نجوت» وهى رواية أخرى. وانظر اللسان (عدس).

(٣) والمراد هنا البغلة إذ هو يخاطبها ويناديها.

١٨

وقوله : وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي [١٨] أضرب بها الشجر اليابس ليسقط ورقها فترعاه غنمه «٤» (وَ لِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى ) يعنى حوائج «٥» جعل أخرى نعتا للمآرب وهى جمع. ولو قال : أخر ، جاز كما قال اللّه (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ «٦») ومثله (وَ لِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى «٧»).

(٤) كذا. والأولى. غنمى.

(٥) سقط فى ا. [.....]

(٦) الآية ١٨٥ س

(٧) الآية ١٨٠ الاعراف

٢١

وقوله. سِيرَتَهَا الْأُولى [٢١] أي طريقتها الأولى. يقول : يردّها عصا كما كانت.

خفيفة «١» وفى قراءة عبد اللّه : (وأسروا النجوى أن هذان ساحران) وفى قراءة أبىّ (إن ذان إلّا ساحران) فقراءتنا «٢» بتشديد (إنّ) وبالألف على جهتين.

إحداهما على لغة بنى الحارث بن كعب : يجعلون الاثنين فى رفعهما ونصبهما وخفضهما بالألف.

وأنشدنى رجل من الأسد عنهم. يريد بنى الحارث :

فأطرق إطراق الشجاع ولو يرى مساغا لناباه الشجاع لصمّما «٣»

قال : وما رأيت أفصح من هذا الأسدىّ وحكى هذا الرجل عنهم : هذا خطّ يدا أخى بعينه.

وذلك - وإن كان قليلا - أقيس لأنّ العرب قالوا : مسلمون فجعلوا الواو تابعة للضمّة (لأن الواو «٤» لا تعرب) ثم قالوا : رأيت المسلمين فجعلوا الياء تابعة لكسرة الميم. فلمّا رأوا أن «٥» الياء من الاثنين لا يمكنهم كسر ما قبلها ، وثبت مفتوحا : تركوا الألف تتبعه ، فقالوا : رجلان فى كل حال.

وقد اجتمعت العرب على إثبات الألف فى كلا الرجلين فى الرفع والنصب والخفض وهما اثنان ، إلّا بنى كنانة فإنهم يقولون : رأيت كلى الرجلين ومررت بكلى الرجلين. وهى قبيحة قليلة ، مضوا على القياس.

والوجه الآخر أن تقول : وجدت الألف (من «٦» هذا دعامة وليست بلام فعل ، فلمّا ثنّيت زدت عليها نونا ثم تركت الألف) ثابتة على حالها لا تزول على «٧» كلّ حال كما قالت العرب (الذي) ثم زادوا نونا تدلّ على الجماع ، فقالوا : الذين فى رفعهم ونصبهم وخفضهم كما تركوا (هذان) فى رفعه ونصبه وخفضه. وكنانة يقولون (اللّذون).

(١) سقط فى ا.

(٢) هى قراءة نافع وابن عامر وأبى بكر وحمزة والكسائي وأبى جعفر ويعقوب وخلف.

(٣) هو للمتلمس كما فى اللسان (صمم) والشجاع : الذكر من الحيات. وصمم : عض فى العظم.

(٤) هى قراءة نافع وابن عامر وأبى بكر وحمزة والكسائي وأبى جعفر ويعقوب وخلف.

(٥) سقط فى ا. [.....]

(٦) سقط ما بين القوسين فى ا.

(٧) ا : «فى».

٦٣

و قوله : وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى [٦٣] الطريقة : الرجال الأشراف وقوله (المثلى) يريد الأمثل «١» يذهبون بأشرافكم فقال المثلى ولم يقل المثل مثل (الْأَسْماءُ الْحُسْنى ) وإن شئت جعلت (المثلى) مؤنّثة لتأنيث الطريقة. والعرب تقول للقوم : هؤلاء طريقة قومهم وطرائق قومهم : أشرافهم ، وقوله (كُنَّا طَرائِقَ «٢» قِدَداً) من ذلك. ويقولون للواحد أيضا : هذا طريقة قومه ونظورة قومه وبعضهم : ونظيرة قومه ، ويقولون للجمع بالتوحيد والجمع : هؤلاء نظورة قومهم ونظائر قومهم.

(١) فى الطبري : «تأنيث

(٢) الآية ١١ سورة الجن.

٦٤

وقوله : فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ [٦٤] الإجماع : الإحكام والعزيمة على ١١٣ ا الشيء. تقول أجمعت الخروج وعلى الخروج مثل أزمعت قال الشاعر :

يا ليت شعرى والمنى لا تنفع هل أغدون يوما وأمرى مجمع

يريد قد أحكم وعزم عليه. ومن «٣» قرأ (فاجمعوا) يقول : لا تتركوا من كيدكم شيئا إلّا جئتم به.

وقوله (مَنِ اسْتَعْلى ) من غلب.

(٣) ا : «تدعوا».

٦٥

وقوله : إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى [٦٥] و(أن) فى موضع نصب.

والمعنى اختر إحدى هاتين. ولو رفع إذ لم يظهر الفعل كان صوابا ، كأنه خبر ، كقول الشاعر :

فسيرا فإمّا حاجة تقضيانها وإمّا مقيل صالح وصديق

و لو رفع قوله (فإمّا منّ «٤» بعد وإمّا فداء) كان أيضا صوابا. ومذهبه كمذهب قوله (فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ «٥» أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) «٦» والنصب فى قوله (إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ) وفى قوله (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً)

 (٤) التلاوة «فإما منا بعد وإما فداء» فى الآية ٤ سورة محمد.

(٥) الآية ٢٢ الأمثل».

«٦» ٢٢٩ سورة البقرة.

أجود من الرفع لأنه شىء ليس بعامّ مثل ما ترى من معنى قوله (فَإِمْساكٌ) و(فَصِيامُ «١» ثَلاثَةِ أَيَّامٍ) لمّا كان المعنى يعمّ الناس فى الإمساك بالمعروف وفى صيام الثلاثة الأيام فى كفّارة اليمين كان كالجزاء فرفع لذلك. والاختيار إنما هى فعلة واحدة ، ومعنى (أفلح) عاش ونجا.

(١) الآية ١٩٦ سورة البقرة والآية ٨٩ سورة المائدة.

٦٦

وقوله : يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى [٦٦] (أنّها) فى موضع رفع. ومن قرأ (تخيّل) أو (تخيّل) فإنها فى موضع نصب لأن المعنى تتخيل بالسعي لهم وتخيّل كذلك ، فإذا ألقيت الباء نصبت كما تقول : أردت بأن أقوم ومعناه : أردت القيام ، فإذا ألقيت الباء نصبت. قال اللّه (وَ مَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ «٢») ولو ألقيت الباء نصبت فقلت : ومن يرد فيه إلحادا بظلم.

(٢) الآية ٢٥ سورة الحج.

٦٧

وقوله : فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى [٦٧] أحسّ ووجد.

٦٩

وقوله : إِنَّما صَنَعُوا كيد سحر [٦٩] جعلت (ما) فى مذهب الذي : إن الذي صنعوا كيد سحر ، وقد قرأه «٣» بعضهم (كَيْدُ ساحِرٍ) وكلّ صواب ، ولو نصبت (كيد سحر) كان صوابا ، وجعلت (إنما) حرفا واحدا كقوله (إِنَّما تَعْبُدُونَ «٤» مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثاناً).

وقوله : (وَ لا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى ) جاء فى التفسير أنه يقتل حيثما وجد.

(٣) القراءة الأولى لحمزة والكسائي وخلف. والأخيرة للباقين.

(٤) الآية ١٧ سورة العنكبوت.

٧١

وقوله : فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ [٧١] ويصلح فى مثله من الكلام عن وعلى والباء.

وقوله (وَ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ) يصلح (على) فى موضع (فى) وإنما صلحت (فى) لأنّه يرفع فى الخشبة فى طولها فصلحت (فى) وصلحت (على) لأنه يرفع فيها فيصير عليها ، وقد

 قال اللّه (وَ اتَّبَعُوا «١» ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ) ومعناه فى ملك سليمان. وقوله (أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى ) يقول : وأدوم.

(١) الآية ١٠٢ سورة البقرة.

٧٢

وقوله : لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلى ما جاءَنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالَّذِي فَطَرَنا [٧٢] فالذى «٢» فى موضع خفض :

و على الذي. ولو أرادوا بقولهم (وَ الَّذِي فَطَرَنا) القسم بها كانت خفضا وكان صوابا ، كأنهم قالوا : لن نؤثرك واللّه.

(٢) ا : «و الذي».

وقوله (فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ) : افعل ما شئت. وقوله (إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا) إنما حرف واحد ، لذلك نصبت (الحياة) ولو قرأ قارئ برفع (الحياة) لجاز ، يجعل (ما) فى مذهب الذي كأنه قال : إن الذي تقضيه هذه الدنيا.

٧٣

وقوله : وَما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ [٧٣] ما فى موضع نصب مردودة «٣» على معنى الخطايا. وذكر فى التفسير أن فرعون كان أكره السّحرة ١١٣ ب على تعلّم السّحر «٤».

(٣) ا : «مردود» : [.....]

(٤) ا : «تعليم».

٧٧

وقوله : لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى [٧٧] رفع على الاستئناف بلا كما قال (وَ أْمُرْ أَهْلَكَ «٥» بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً) وأكثر ما جاء فى جواب الأمر بالرفع مع لا.

وقد قرأ حمزة (لا تخف دركا) فجزم على الجزاء ورفع (ولا تخشى) على الاستئناف ، كما قال (يُوَلُّوكُمُ «٦» الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ) فاستأنف «٧» بثمّ ، فهذا مثله. ولو نوى حمزة بقوله (وَ لا تَخْشى ) الجزم وإن كانت فيه الياء كان صوابا كما قال الشاعر :

هزّى إليك الجذع يجنيك الجنى «٨»

 (٥) الآية ١٣٢ سورة طه.

 (٦) الآية ١١١ سورة آل عمران.

(٧) ا : «استأنف».

(٨) انظر ص ١٦١ من الجزء الأول.

و لم يقل : يجنك الجنى. وقال الآخر «١» :

هجوت زبّان ثمّ جئت معتذرا من سبّ زبّان لم تهجو ولم تدع «٢»

و قال الآخر «٣» :

ألم يأتيك والأنباء تنمى بما لاقت لبون بنى زياد «٤»

فأثبت فى (يأتيك) الياء وهى فى موضع جزم لسكونها فجاز «٥» ذلك.

(١) ا : «آخر».

(٢) الشعر لأبى عمرو بن العلاء وهو زبان. يخاطب الفرزدق وكان هجاه ثم اعتذر إليه. وانظر معجم الأدباء ١١/ ١٥٨. وانظر ص ١٦٢ من الجزء الأول.

(٣) ا : «آخر».

(٤) هو لقيس بن زهير العبسي. وانظر ص ١٦١ من الجزء الأول.

(٥) ا : «جاز».

٨١

وقوله : فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي [٨١] الكسر فيه أحبّ إلىّ «٦» من الضم لأن الحلول ما وقع من يحلّ ، ويحلّ : يجب ، وجاء التفسير بالوجوب لا بالوقوع. وكلّ صواب إن شاء اللّه. والكسائىّ جعله على الوقوع وهى فى قراءة الفرّاء بالضمّ مثل الكسائىّ سئل عنه فقاله ، وفى قراءة «٧» عبد اللّه أو أبيّ (إن شاء اللّه) (ولا يحلّنّ عليكم غضبى ومن يحلل عليه) مضمومة.

وأمّا قوله (أَمْ أَرَدْتُمْ «٨» أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ) فهى مكسورة. وهى مثل الماضيتين ، ولو ضمّت كان صوابا فإذا قلت حلّ بهم العذاب كانت يحلّ بالضم لا غير ، فإذا قلت : على أو قلت يحلّ لك كذا وكذا فهو بالكسر.

(٦) سقط فى ا.

(٧) ا : «حرف».

(٨) الآية ٨٦ سورة طه.

٨٢

وقوله : ثُمَّ اهْتَدى [٨٢] : علم أن لذلك ثوابا وعقابا.

٨٤

وقوله : قالَ هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي [٨٤] وقد قرأ بعض القراء (أولاى على أثرى) بترك الهمز ، وشبّهت بالإضافة إذا ترك الهمز ، كما قرأ يحيى بن وثاب (ملّة آباى «١» إبراهيم) (وتقبّل «٢» دعاى ربّنا).

(١) الآية ٣٨ سورة يوسف. [.....]

(٢) الآية ٤٠ سورة ابراهيم.

٨٧

وقوله : ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا [٨٧] برفع الميم. (هذا قراءة القراء) ولو قرئت بِمَلْكِنا (وملكنا «٣») كان صوابا. ومعنى (ملكنا) فى التفسير أنا لم نملك الصّواب إنما أخطأنا.

وقوله (وَ لكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ) يعنى ما أخذوا من قوم فرعون حين قذفهم البحر من الذهب والفضّة والحديد ، فألقيناه فى النار. فكذلك فعل السّامرىّ فاتّبعناه. فلما خلصت فضّة ما ألقوا وذهبه صوّره السّامرىّ عجلا وكان قد أخذ قبضة من أثر فرس كانت تحت جبريل (قال «٤» السّامرىّ لموسى «٥» : قذف فى نفسى أنى إن ألقيت تلك القبضة على ميّت حيى ، فألقى تلك القبضة فى أنف الثور وفى دبره فحيى وخار)

قال الفراء : وفى تفسير الكلبىّ أن الفرس كانت الحياة فذاك قوله (وَ كَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي) يقول زيّنته لى نفسى.

ومن قرأ بملكنا بكسر الميم فهو الملك يملكه الرجل تقول لكل شىء ملكته : هذا ملك يمينى للمملوك وغيره مما ملك والملك مصدر ملكته ملكا وملكة : مثل غلبته غلبا وغلبة. والملك السّلطان وبعض بنى أسد يقول مالى ملك ، يقول : مالى شىء أملكه وملك الطريق وملكه : وجهه «٦».

قال الشاعر :

أقامت على ملك الطريق فملكه لها ولمنكوب المطايا جوانبه «٧»

 (٣) ا : «بكسر الميم وفتح الميم».

(٤) ما بين القوسين جاء فى ا بعد قوله. «كانت الحياة».

(٥) سقط فى ا.

(٦) فى اللسان : «وسطه».

(٧) يصف ناقة أنها تمشى فى وسط الطريق ، وأن غيرها من المطايا يمشى فى جانبه لما أصابها من الحجارة والحصى فى أخفافها. والمنكوب ما أصاب الحجر رجله وظفره.

ويقال «١» مع ملك الطريق : فملكه. أقامت على عظم الطريق وعلى سجح الطريق وعلى سننه وسننه :

(١) الظاهر أنه يريد أن فى البيت رواية أخرى بكسر الميم. وفى ش : وملكه».

٨٨

و قوله : فَنَسِيَ [٨٨] يعنى أن موسى نسى : أخطأ الطريق فأبطأ عنهم فاتّخذوا العجل فعيّرهم اللّه فقال. أفلا يرون أن العجل لا يتكلّم ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا.

٩٦

وقوله : فَقَبَضْتُ قَبْضَةً [٩٦] القبضة بالكف «٢» كلّها. والقبضة بأطراف الأصابع. وقرأ الحسن قبصة بالصاد والقبصة والقبضة جميعا «٣» : اسم التراب بعينه فلو قرئتا كان وجها : ومثله ممّا قد قرئ به (إلّا من «٤» اغترف غرفة بيده) و(غرفة). والغرفة : المغروف ، والغرفة : الفعلة. وكذلك الحسوة والحسوة والخطوة والخطوة والأكلة والأكلة. والأكلة المأكول «٥» والأكلة المرّة. والخطوة ما بين القدمين فى المشي ، والخطوة : المرّة. وما كان مكسورا فهو مصدر مثل إنه لحسن المشية والجلسة والقعدة.

(٢) ش : «فى الكف».

(٣) سقط فى : ا

(٤) الآية ٢٤٩ سورة البقرة. وقراءة فتح (غرفة) لنافع وابن كثير وأبى عمرو وأبى جعفر. والضم للباقين.

(٥) ا : «الطعام».

٩٧

وقوله : فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ [٩٧] أي لا أمسّ ولا أمس ، أوّل ذلك أن موسى أمرهم ألّا يؤاكلوه ولا يخالطوه ولا يبايعوه. وتقرأ (لا مساس) وهى لغة فاشية : لا مساس لا مساس مثل نزال ونظار من الانتظار.

وقوله (الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً) و(ظَلْتَ) «٦» و(فَظَلْتُمْ «٧» تَفَكَّهُونَ) و(فَظَلْتُمْ) إنما جاز الفتح والكسر لأن معناهما ظللتم ، فحذفت اللام الأولى : فمن كسر الظاء جعل كسرة اللام الساقطة فى الظاء. ومن فتح الظاء قال : كانت مفتوحة فتركتها على فتحها.

(٦) الكسر رواية المطوعى عن الأعمش.

(٧) الآية ٦٥ سورة الوقعة. وقد قرأ ، بالكسر أبو حيوة ، وجاء فى رواية عن أبى بكر كما فى البحر ٨/ ٢١١

و مثله مسست ومسست تقول العرب قد مست ذلك ومسته ، وهممت بذلك وهمت ، ووددت ووددت «١» كذا فى ب أنك فعلت ذاك ، وهل أحسست صاحبك وهل أحست.

وقوله (لَنُحَرِّقَنَّهُ) بالنار و(لَنُحَرِّقَنَّهُ) «٢» لنبردنّه بالحديد بردا من حرقت أحرقه وأحرقه لغتان. وأنشدنى المفضل :

بذي فرقين يوم بنو حبيب نيوبهم علينا يحرقونا «٣»

حدّثنا أبو العباس قال حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال حدثنى حبّان بن علىّ عن الكلبىّ عن أبى صالح أن علىّ بن أبى طالب قال (لَنُحَرِّقَنَّهُ) لنبردنّه.

(١) لم يذكر الصيغة بعد الحذف. وهى : ودت ، ودت. [.....]

(٢) هى رواية عن أبى جعفر وقراءة الأعمش.

(٣) هو لعامر بن شقيق الضبي كما فى اللسان (حرق). فى ا : «بنى حبيب». وذو فرقين : موضع. وفى ياقوت أنه علم بشمالى قطر.

١٠٢

وقوله : يَوْمَئِذٍ زُرْقاً [١٠٢] يقال نحشرهم عطاشا ويقال نحشرهم عميا.

١٠٣

وقوله : يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ [١٠٢] التخافت : الكلام المخفي.

١٠٤

وقوله أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً [١٠٤] أجودهم قولا فى نفسه وعندهم (إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً) وكذب.

١٠٥

وقوله : يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً [١٠٥] يقلعها.

١٠٦

وقوله : قاعاً صَفْصَفاً [١٠٦] القاع مستنقع الماء والصفصف الأملس الذي لا نبات فيه.

١٠٧

وقوله : وَلا أَمْتاً [١٠٧] الأمت : موضع النبك من الأرض : ما ارتفع «٤» منها ويقال : مسايل الأودية (غير «٥» مهموز) ما نسّفل وقد سمعت العرب يقولون : ملأ القربة ملأ لا أمت فيها إذا لم يكن فيها استرخاء. ويقال سرنا سيرا لا أمت فيه ولا وهن «٦» فيه ولا ضعف.

 (٤) هذا تفسير للنبك.

(٥) سقط فى ا. وهو يريد أن مسايل غير مهموز وليس مسائل.

(٦) ب. «ونى».

١٠٨

و قوله : يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ [١٠٨] يتّبعون صوت الداعي للحشر (لا عِوَجَ لَهُ) يقول لا عوج لهم عن الداعي فجاز أن يقول (لَهُ) لأن المذهب إلى الداعي وصوته. وهو كما تقول فى الكلام :

دعوتنى دعوة لا عوج لك عنها أي إنّى لا أعوج لك ولا عنك.

وقوله : (إِلَّا هَمْساً) يقال : نقل الأقدام إلى المحشر. ويقال : إنه الصّوت الخفىّ. وذكر عن ١١٤ ب ابن عباس أنّه تمثّل :

و هنّ يمشين بنا هميسا إن تصدق الطير ننك لميسا

فهذا «١» صوت أخفاف الإبل فى سيرها.

(١) ا : «و هو».

١٠٩

وقوله : يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ [١٠٩] (من) فى موضع نصب لا تنفع إلا من أذن له أن يشفع فيه.

وقوله : (وَ رَضِيَ لَهُ قَوْلًا) كقولك «٢» : ورضى منه عمله وقد يقول الرجل. قد رضيت لك عملك ورضيته منك.

(٢) ا : «كذلك».

١١٠

وقوله : يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ [١١٠] يعنى ملائكته الذين عبدهم من عبدهم. فقال :

هم «٣» لا يعلمون ما بين أيديهم وما خلفهم ، هو الذي يعلمه. فذلك قوله : (وَ لا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً).

(٣) ا : «فهم».

١١١

وقوله : وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ [١١١].

يقال نصبت له وعملت له وذكر أيضا أنه وضع المسلم يديه وجبهته وركبتيه إذا سجد وركع وهو فى معنى العربيّة أن يقول الرجل عنوت لك : خضعت لك وأطعتك. ويقال الأرض لم تعن بشىء أي لم تنبت شيئا ، ويقال : لم تعن بشىء والمعنى واحد كما قيل : حثوت عليه «٤» التراب وحثيت

 (٤) ا : «عليك».

التراب. والعنوة فى قول العرب : أخذت هذا الشيء عنوة يكون غلبة ويكون عن تسليم وطاعة ممّن يؤخذ منه الشيء قال الشاعر «١».

فما أخذوها عنوة عن مودّة ولكن بضرب المشرفىّ استقالها

فهذا على معنى الطاعة والتسليم بلا قتال.

(١) هو كثير كما فى اللسان. وفيه : «و لكن ضرب المشرفي».

١١٢

وقوله : فَلا يَخافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً [١١٢] تقول العرب : هضمت لك من حقّى أي حططته ، وجاء عن على بن أبى طالب فى يوم الجمل أنه قيل له «٢» أهضم أم قصاص قال : ما عمل به فهو تحت قدىّ هاتين فجعله هدرا وهو النقص.

(٢) سقط فى ا.

١١٣

وقوله : أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً [١١٣]. شرفا وهو مثل قول اللّه (وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ) أي شرف ويقال (أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً) عذابا أي يتذكرون حلول العذاب الذي وعدوه.

١١٤

وقوله : وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ [١١٤] كان صلّى اللّه عليه وسلم إذا أتاه جبريل بالوحى عجل بقراءته قبل أن يستتمّ جبريل تلاوته ، فأمر ألّا يعجل حتى يستتمّ جبريل تلاوته ، وقوله (فَنَسِيَ) ترك ما أمر به.

١١٥

وقوله : وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً [١١٥] صريمة ولا حزما فيما فعل.

وقوله : فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى [٨٧] ولم يقل : فتشقيا لأنّ آدم هو المخاطب ، وفى فعله اكتفاء من فعل المرأة. ومثله قوله فى ق (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ «٣») اكتفى «٤» بالقعيد من صاحبه لأن المعنى معروف. ومعنى (فَتَشْقى ) تأكل من كدّ يدك وعملك.

(٣) الآية ١٧ سورة ق.

(٤) والأصل : عن اليمين قعيد وعن الشمال قعيد ، فحذف أحدهما. والمنقول عن الفراء فى البحر ٨/ ١٢٣ أن لفظ (قعيد) يدل على الاثنين والجمع. فلا حذف.

١١٨

و قوله : إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها [١١٨] أن فيها فى موضع نصب لأنّ إن وليت ولعلّ إذا ولين صفة نصبت «١» ما بعدها فأنّ من ذلك.

(١) ا : «نصب». [.....]

١١٩

وقوله : وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها [١١٩]. نصب أيضا. ومن «٢» قرأ (وإنّك لا تظمأ) جعله مردودا على قوله (إنّ) التي قبل (لك) ويجوز أن تستأنفها فتكسرها بغير عطف على شىء ولو جعلت (وأنّك لا تظمأ) بالفتح مستأنفة تنوى بها الرفع على قولك ولك أنك لا تظمأ فيها ولا تضحى كان صوابا.

وقوله : (وَ لا تَضْحى ) : لا تصيبك شمس مؤذية وذكر فى بعض التفسير (وَ لا تَضْحى ) :

لا تعرق والأول أشبه بالصواب «٣» قال الشاعر :

رأت رجلا أمّا إذا الشمس أعرضت فيضحى وأمّا بالعشي فيخصر

فقد بيّن. ويقال : ضحيت.

(٢) هما نافع وأبو بكر.

(٣) هو عمر بن أبى ربيعة. وانظر ديوانه (شرح الشيخ محيى الدين) ٩٤.

١٢١

وقوله : وَطَفِقا يَخْصِفانِ [١٢١] هو فى العربية : أقبلا يخصفان وجعلا يخصفان. وكذلك قوله (فَطَفِقَ «٤» مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ) (وقيل «٥» ههنا) : جعلا يلصقان عليهما ورق التين وهو يتهافت عنهما.

(٤) الآية ٣٣ سورة ص.

(٥) سقط فى ا.

١٢٢

وقوله : ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ «٦» [١٢٢] ، اختاره (فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى ) أي هداه للتوبة.

(٦) الآية ١٩٣ سورة الأعراف.

١٢٤

وقوله : (مَعِيشَةً ضَنْكاً) [١٢٤] والضّنك : الضّيّقة الشديدة.

وقوله : (وَ نَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى ) أعمى عن الحجّة ، ويقال : إنه يخرج من قبره بصيرا فيعمى فى حشره.

١٢٨

و قوله : (أَ فَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ [١٢٨] يبيّن لهم إذا نظروا (كَمْ أَهْلَكْنا) و(كم) فى موضع نصب لا يكون غيره. ومثله فى الكلام : أو لم يبيّن لك من يعمل خيرا يجز به ، فجملة الكلام فيها معنى رفع. ومثله أن تقول : قد تبيّن لى أقام عبد اللّه أم زيد ، فى الاستفهام معنى رفع. وكذلك قوله :

(سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ) فيه شىء برفع (سَواءٌ عَلَيْكُمْ) ، لا يظهر مع الاستفهام.

ولو قلت : سواء عليكم صمتكم ودعاؤكم تبيّن الرّفع الذي فى الجملة.

وقوله : يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ) يعنى أهل مكّة. وكانوا يتّجرون ويسيرن فى مساكن عاد وثمود ، فيمرون فيها. فالمشى لكفّار أهل مكّة (والمساكن «١») للمهلكين. فقال : أفلم يخافوا أن يقع بهم ما وقع بالذين رأوا مساكنهم وآثار عذابهم.

وقوله : (وَ لَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكانَ لِزاماً وَأَجَلٌ مُسَمًّى [١٢٩] يريد : ولو لا كلمة وأجل مسمّى لكان لزاما (مقدّم «٢» ومؤخّر) وهو - فيما ذكروا - ما نزل «٣» بهم فى وقعة بدر من القتل.

(١) ا : «لا».

(٢) سقط فى ا.

(٣) ش : «وقعة بدر ما نزل بهم فى وقعة بدر» وهو جمع بين نسخين.

١٣٠

وقوله : وَأَطْرافَ النَّهارِ [١٣٠] وإنما للنهار طرفان فقال المفسّرون : (وَ أَطْرافَ النَّهارِ) صلاة الفجر والظهر والعصر (وهو) «٤» وجه : أن تجعل الظهر والعصر من طرف النهار الآخر ، ثم يضمّ إليهما الفجر فتكون أطرافا. ويكون لصلاتين فيجوز «٥» ذلك : أن يكونا طرفين فيخرجا مخرج الجماع ، كما قال (إِنْ تَتُوبا «٦» إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) وهو أحبّ الوجهين إلىّ ، لأنه قال (وَ أَقِمِ الصَّلاةَ «٧» طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ) وتنصب لأطراف بالردّ على قبل طلوع الشمس وقبل

 (٤) ا : «فهو».

(٥) ا : «و يجوز».

(٦) الآية ٥ سورة التحريم.

(٧) الآية ١١٤ سورة هود.

الغروب. وإن شئت خفضت أطراف تريد وسبّحه من الليل ومن أطراف النهار ، ولم أسمعها «١» فى القراءة ، ولكنها مثل قوله (وَ مِنَ اللَّيْلِ «٢» فَسَبِّحْهُ وَأَدْبارَ السُّجُودِ) (وإدبار السجود) وقرأ حمزة «٣» وإدبار السجود. ويجوز فى الألف الفتح والكسر ولا يحسن كسر الألف إلّا فى القراءة.

وقوله (لَعَلَّكَ تَرْضى ) و(ترضى) ومعناهما واحد لأنك إذا رضيت فقد أرضيت. وكان حمزة وأصحاب عبد اللّه يقرءونها ترضى. حدثنا أبو العباس قال حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال حدّثنى أبو بكر وأخوه الحسن بن عيّاش عن عاصم عن أبى عبد الرحمن أنه قرأ لعلك (ترضى بضم التاء).

(١) رويت عن الحسن كما فى الإتحاف.

(٢) الآية ٤٠ سورة ق. قرأ نافع وابن كثير وحمزة وأبو جعفر وخلف بكسر الهمزة وافقهم ابن محيصن والأعمش. وقرأ الباقون بفتح الهمزة. وظاهر كلام المؤلف أن بعضهم قرأ بخفض الراء عطفا على (الليل) ولم أقف عليه. [.....]

(٣) سقط ما بين القوسين فى ا.

١٣١

وقوله : وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ [١٣١] يريد : رجالا منهم.

وقوله (زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا) نصبت الزهرة على الفعل «٤» متعناهم به زهرة فى/ ١١٥ ب الحياة وزينة فيها. و(زهرة) وإن كان معرفة فإن العرب تقول : مررت به الشريف الكريم. وأنشدنى بعض بنى فقعس :

أبعد الذي بالسّفح سفح كواكب رهينة رمس من تراب وجندل «٥»

فنصب الرهينة بالفعل ، وإنما وقع على الاسم الذي هو الرهينة خافض فهذا أضعف من (متّعنا) وأشباهه.

(٤) يريد أنها نصبت على الحال.

(٥) كواكب : جبل. والرمس : القبر.

١٣٢

وقوله : لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً [١٣٢]. أجرا على ذلك. وكذلك قوله (وَ رِزْقُ «٦» رَبِّكَ) يريد :

و ثواب ربك.

 (٦) فى الآية ١٣١ سورة طه.

١٣٤

و قوله : أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ [١٣٤] من قبل الرسول (لَقالُوا) كيف أهلكنا من قبل أن أرسل إلينا رسول. فالهاء لمحمّد صلّى اللّه عليه وسلم. ويقال إن الهاء للتنزيل. وكلّ صواب

١٣٥

وقوله : فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدى [١٣٥] من ومن فى موضع رفع.

وكلّ ما كان فى القرآن مثله فهو مرفوع إذا كان بعده رافع مثل قوله (فَسَتَعْلَمُونَ «١» مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) ومثله «٢» «لِنَعْلَمَ «٣» أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى » ومثله (أَعْلَمُ مَنْ «٤» جاءَ بِالْهُدى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) ولو نصب كان صوابا ، يكون بمنزلة قول اللّه (اللَّهُ يَعْلَمُ «٥» الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ).

وقوله : (فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ) الذين لم يضلّوا (وَ مَنِ اهْتَدى ) ممّن كان ضالا فهدى.

(١) الآية ٢٩ سورة الملك.

(٢) سقط ما بين القوسين فى ا.

(٣) الآية ١٢ سورة الكهف.

(٤) الآية ٨٥ سورة القصص.

(٥) الآية ٢٢٠ سورة البقرة.