Geri

   

 

 

İleri

 

٥٩- النوع التاسع والخمسون في فواصل الآي

٥١١٧ الفاصلة كلمة آخر الآية كقافية الشعر وقرينة السجع وقال الداني كلمة آخر الجملة

قال الجعبري وهو خلاف المصطلح ولا دليل له في تمثيل سيبويه ب يوم يأت و ما كنا نبغ وليسا رأس آي لأن مراده الفواصل اللغوية لا الصناعية

وقال القاضي أبو بكر الفواصل حروف متشاكلة في المقاطع يقع بها إفهام المعاني وفرق الداني بين الفواصل ورؤوس الآي فقال الفاصلة هي الكلام المنفصل عما بعده والكلام المنفصل قد يكون رأس آية وغير رأس وكذلك الفواصل يكن رؤوس أي وغيرها وكل رأس آية فاصلة وليس كل فاصلة

٩٦

رأس آية قال ولأجل كون معنى الفاصلة هذا ذكر سيبويه في تمثيل القوافي يوم يأت و ما كنا نبغ وليسا رأس آيتين بإجماع مع إذا يسر وهو رأس آية بإتفاق

وقال الجعبري لمعرفة الفواصل طريقان توقيفي وقياسي أما التوقيفي فما ثبت أنه وقف عليه دائما تحققنا أنه فاصلة وما وصله دائما تحققنا أنه ليسبفاصلة وما وقف عليه مرة ووصله أخرى احتمل الوقف أن يكون لتعريف الفاصلة أو لتعريف الوقف التام أو للاستراحة والوصل أن يكون غير فاصلة أو فاصلة وصلها لتقدم تعريفها وأما القياسي فهو ما ألحق من المحتمل غير المنصوص بالمنصوص لمناسب ولا محذور في ذلك لأنه لا زيادة ولا نقصان وإنما غايته إنه محل فصل أو وصل والوقف على كل كلمة جائز ووصل القرآن كله جائز فاحتاج القياس إلى طريق تعرفه فنقول فاصلة الآية كقرينة السجعة في النثر وقافية البيت في الشعر وما يذكر من عيوب القافية من اختلاف الحركة والإشباع والتوجيه فليس بعيب في الفاصلة وجاز الانتقال في الفاصلة والقرنية وقافية الأرجوزة من نوع إلى آخر بخلاف قافية القصيدة ومن ثم ترى يرجعون مع عليم والميعاد مع الثواب والطارق مع الثاقب

٥١١٨ والأصل في الفاصلة والقرينة المتجردة في الآية والسجعة المساواة ومن ثم أجمع العادون على ترك عد ويأت بآخرين ولا الملائكة المقربون في النساء وكذب بها الأولون بسبحان و لتبشر به المتقين بمريم و لعلهم يتقون بطه و من الظلمات إلى النور وأن اللّه على كل شيء قدير بالطلاق حيث لم يشاكل طرفيه وعلى ترك عد أفغير دين اللّه يبغون بآل عمران و أفحكم الجاهلية يبغون بالمائدة وعدوا نظائر للمناسبة نحو لأولى الألباب بآل عمران و على اللّه كذبا بالكهف و السلوى بطه وقال غيره تقع الفاصلة عند الاستراحة بالخطاب لتحسين الكلام بها وهيالطريقة التي يباين القرآن بها سائر الكلام وتسمى فواصل لأنه ينفصل عنده الكلامان وذلك أن آخر الآية فصل بينها وبين ما بعدها وأخذا من قوله تعالى كتاب فصلت آياته ولا يجوز تسميتها قوافي إجماعا لأن اللّه تعالى لما سلب عنه اسم الشعر وجب سلب القافية عنه أيضا لأنها منه وخاصة في الاصطلاح وكما يمتنع استعمال القافية فيه يمتنع استعمال الفاصلة في الشعر لأنها صفة الكتاب اللّه تعالى فلا تتعداه

السجع في القرآن

وهل يجوز استعمال السجع في القرآن خلاف الجمهور على المنع لأن أصله من سجع الطير فشرف القرآن أن يستعار لشيء منه لفظ أصله مهمل ولأجل تشريفه عن مشاركة غيره من الكلام الحادث في وصفه بذلك ولأن القرآن من صفاته تعالى فلا يجوز وصفه بصفة لم يرد الإذن بها

 ٥١١٩ قال الرماني في إعجاز القرآن ذهب الأشعرية إلى امتناع أن يقال في القرآن سجع وفرقوا بأن السجع هو الذي يقصد في نفسه ثم يحال المعنى عليه والفواصل التي تتبع المعاني ولا تكون مقصودة في نفسها ولذلك كانت الفوا صل بلاغة والسجع عيبا وتبعه على ذلك القاضي أبو بكر الباقلاني ونقله عن نص أبي الحسن الأشعري وأصحابنا كلهم قال وذهب كثير من غير الأشاعرة إلى إثبات السجع في القرآن وزعموا أن ذلك مما يبين به فضل الكلام وأنه من الأجناس التي يقع بها التفاضل في البيان والفصاحة كالجناس والالتفات ونحوهما قال وأقوى ما استدلوا به الاتفاق على أن موسى أفضل من هارون ولمكان السجع قيل في موضع هارون وموسى ولما كانت الفواصل موضع آخر بالواو والنون قيل موسى وهارون قالوا وهذا يفارق أمر الشعر لأنه لا يجوز أن يقع في الخطاب إلا مقصودا إليه وإذا وقع غير مقصود إليه كان دون القدر الذي تسميه شعرا وذلك القدر مما يتفق وجوده من المفحم كما يتفق وجوده من الشاعر وأما ما جاء في القرآن من السجع فهو كثير لا يصح أن يتفق غير مقصود إليه وبنوا الأمر في ذلك على تحديد معنى السجع فقال أهل اللغة هو موالاة الكلام على حد واحد

٥١٢٠ وقال ابن دريد سجعت الحمامة معناه رددت صوتها قال القاضي

٩٧

وهذا غير صحيح ولو كان القرآن سجعا لكان غير خارج عن أساليب كلامهم ولو كان داخلا فيها لم يقع بذلك إعجاز ولو جاز أن يقال هو سجع معجر لجاز أن يقولوا شعر معجز وكيف والسجع مما كان تالفه الكهان من العرب ونفيه من القرآن أجدر بأن يكون حجة من نفي الشعر لأن الكهانة تنافي النبوات بخلاف الشعر وقد قال أسجع كسجع الكهان فجعله مذموما قال وما توهموا أنه سجع باطل لأن مجيئه على صورته لا يقتضي كونه هو لأن السجع يتبع المعنى فيه اللفظ الذي يؤدي السجع وليس كذلك ما اتفق مما هو في معنى السجع من القرآن لأن اللفظ وقع فيه تابعا للمعنى وفرق بين أن ينتظم الكلام في نفسه بالفاظه التي تؤدي المعنى المقصود منه وبين أن يكون المعنى منتظما دون اللفظ ومتى ارتبط المعنى بالسجع كان إفادة السجع كإفادة غيره ومتى انتظم المعنى بنفسه دون السجع كان مستجلبا لتحسين الكلام دون تصحيح المعنى قال وللسجع منهج محفوظ وطريق مضبوط من أخل به وقع الخلل في كلامه ونسب إلى الخروج عن الفصاحة كما أن الشاعر إذا خرج عن الوزن المعهود كان مخطئا وأنت ترى فواصل القرآن متفاوتة بعضها متداني المقاطع وبعضها يمتد حتى يتضاعف طوله عليه وترد الفاصلة في ذلك الوزن الأول بعد كلام كثير وهذا في السجع غير مرضي ولا محمود قال وأما ما ذكروه من تقديم موسى على هارون في موضع وتأخيره عنه في موضع لمكان السجع وتساوي مقاطع الكلام فليس بصحيح بل الفائدة فيه إعادة القصة الواحدة بالفاظ مختلفة تؤدي معنى واحدا وذلك من الأمر الصعب الذي تظهر فيه الفصاحة وتتبين فيه البلاغة ولهذا أعيدت كثير من القصص على ترتيبات متفاوتة تنبيها بذلك على عجزهم عن الإتيان بمثله مبتدأ به ومتكررا ولو أمكنهم المعارضة لقصدوا تلك القصة وعبروا عنها بالفاظ لهم تؤدي إلى تلك المعاني ونحوها فعلى هذا القصد بتقديم بعض الكلمات على بعض وتأخيرها إظهار الإعجاز دون السجع إلى أن قال فبان بذلك أن الحروف الواقعة في الفواصل متناسبة موقع النظائر التي تقع في الأسجاع لا تخرجها عن حدها ولا تدخلها في بابا السجع وقد بينا أنهم يذمون كل سجع خرج عن اعتدال الأجزاء فكان بعض مصاريعه كلمتين وبعضها أربع كلمات ولا يرون ذلك فصاحة بل يرونه عجزا

فلو فهموا اشتمال القرآن على السجع لقالوا نحن نعارضه بسجع معتدل يزيد في الفصاحة على طريقة القرآن انتهى كلام القاضي في كتاب الإعجاز

٥١٢١ ونقل صاحب عروس الأفراح عنه أنه ذهب في الانتصار إلى جواز تسمية الفواصل سجعا وقال الخفاجي في سر الفصاحة قول الرماني إن السجع عيب والفواصل بلاغة غلط فإنه إن أراد بالسجع ما يتبع المعنى وهو غير مقصود فذلك بلاغة والفواصل مثله وإن أراد به ما تقع المعاني تابعة له وهو مقصود متكلف فذلك عيب والفواصل مثله قال وأظن الذي دعاهم إلى تسمية كل ما في القرآن فواصل ولم يسموا ما تماثلت حروفه سجعا رغبتهم في تنزيه القرآن عن الوصف اللاحق بغيره من الكلام المروي عن الكهنة وغيرهم وهذا غرض في التسمية قريب والحقيقة ما قلناه قال والتحرير أن الأسجاع حروف متماثلة في مقاطع الفواصل قال فإن قيل إذا كان عندكم أن السجع محمود فهلا ورد القرآن كله مسجوعا وما الوجه في ورود بعضه مسجوعا وبعضه غير مسجوع قلنا إن القرآن نزل بلغة العرب وعلى عرفهم وعادتهم وكان الفصيح منهم لا يكون كلامه كله مسجوعا لما فيه من أمارات التكلف والاستكراه لا سيما مع طول الكلام فلم يرد كله مسجوعا جريا منهم على عرفهم في اللطافة الغالبة أو الطبقة العالية من كلامهم ولم يخل من السجع لأنه يحسن في بعض الكلام على الصفة السابقة ٥١٢٢ وقال ابن النفيس يكفي في حسن السجع ورود القرآن به قال ولا يقدح في ذلك خلوه في بعض الآيات لأن الحسن قد يقتضي المقام الانتقال إلى أحسن منه

٥١٢٣ قال حازم من الناس من يكره

٩٨

تقطيع الكلام إلى مقادير متناسبة الأطراف غير متقاربة في الطول والقصر لما فيه من التكلف إلا ما يقع الإلمام به في النادر من الكلامومنهم من يرى أن التناسب الواقع بإفراغ الكلام في قالب التقفية وتحليتها بمناسبات المقاطع أكيد جدا ومنهم وهو الوسط من يرى أن السجع وإن كان زينة للكلام فقد يدعو إلى التكلف فرئي ألا يستعمل في جملة الكلام وألا يخلي الكلام منه جملة وأنه يقبل منه ما اجتلبه الخاطر عفوا بلا تكلف قال وكيف يعاب السجع على الإطلاق وإنما نزل القرآن على أساليب الفصيح من كلام العرب فوردت الفواصل فيه بإزاء ورود الأسجاع في كلامهم وإنما لم يجيء على أسلوب واحد لأنه لا يحسن في الكلام جميعا أن يكون مستمرا على نمط واحد لما فيه من التكلف ولما في الطبع من الملل ولأن الافتنان في ضروب الفصاحة أعلى من الاستمرار على ضرب واحد فلهذا وردت بعض أي القرآن متماثلة المقاطع وبعضها غير متماثل

فصل

٥١٢٤ ألف الشيخ شمس الدين بن الصائغ كتابا سماه إحكام الراي في أحكام الآي قال فيه اعلم أن المناسبة أمر مطلوب في اللغة العربية يرتكب لها أمور من مخالفة الأصول قال وقد تتبعت الأحكام التي وقعت في آخر الآي مراعاة للمناسبة فعثرت منها على نيف عن الأربعين حكما

٥١٢٥ أحدها تقديم المعمول إما على العامل نحو أهولاء إياكم كانوا يعيدون قيل ومنه وإياك نستعين أو على معمول آخر أصله التقديم نحو لنريك من آياتنا الكبرى إذا أعربنا الكبرى مفعول نري أو على الفاعل نحو ولقد جاء آل فرعون النذر ومنه تقديم خبر كان على اسمها نحو ولم يكن له كفوا أحد

٥١٢٦ الثاني تقديم ما هو متأخر في الزمان نحو فللّه الآخرة والأولى ولولا مراعاة الفواصل لقدمت الأولى كقوله له الحمد في الأولى والآخرة

٥١٢٧ الثالث تقديم الفاضل على الأفضل نحو برب هارون وموسى وتقدم ما فيه

٥١٢٨ الرابع تقديم الضمير على ما يفسره نحو فأوجس في نفسه خيفة موسى

٥١٢٩ الخامس تقديم الصفة الجملة على الصفة المفرد نحو ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا

 ٥١٣٠ السادس حذف ياء المنقوص المعرف نحو الكبير المتعال يوم التناد

٥١٣١ السابع حذف ياء الفعل غير المجزوم نحو والليل إذا يسر

٥١٣٢ الثامن حذف ياء الإضافة نحو فكيف كان عذأبي ونذر فكيف كان عقاب

٥١٣٣ التاسع زيادة حرف المد نحو الظنونا و الرسولا و السبيلا ومنه إبقاؤه مع الجازم نحو لا تخاف دركا ولا تخشى سنقرؤك فلا تنسى على القول بأنه نهى

٥١٣٤ العاشر صرف مالا ينصرف نحو قواريرا قواريرا

٥١٣٥ الحادي عشر إيثار تذكير اسم الجنس كقوله أعجاز نخل منقعر

٥١٣٦ الثاني عشر إيثار تأنيثه نحو أعجاز نخل خاوية ونظير

هذين قوله في القمر وكل صغير وكبير مستطر وفي الكهف لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها

٥١٣٧ الثالث عشر الاقتصار على أحد الوجهين الجائزين اللذين قرئ بهما في السبع في غير ذلك كقوله تعالى فأولئك تحروا رشدا ولم يجئ رشدا في السبع وكذا وهيئ لنا من أمرنا رشدا لأن الفواصل في السورتين محركة الوسط وقد جاء في وإن يروا سبيل الرشد وبهذا يبطل ترجيح الفارسي قراءة التحريك بالإجماع عليه فيما تقدم ونظير ذلك قراءة تبت يدا أبي لهب وتب بفتح الهاء وسكونها ولم يقرأ سيصلى نارا ذات لهب إلا بالفتح لمراعاة الفاصلة

٥١٣٨ الرابع عشر إيراد الجملة التي رد بها ما قبلها على غير وجه المطابقة في الإسمية والفعلية كقوله تعالى ومن الناس من يقول آمنا باللّه وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين لم يطابق بين قولهم آمنا وبين ما ورد به فيقول و لم يؤمنوا أو ما آمنوا لذلك

٥١٣٩ الخامس عشر إيراد أحد القسمين غير مطابق للآخر كذلك نحو فليعلمن اللّه الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ولم يقل الذين كذبوا

٥١٤٠ السادس عشر إيراد أحد جزأي الجملتين على غير الوجه الذي أورد نظيرها من الجملة الأخرى نحو أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون 

٩٩ 

٥١٤١ السابع عشر إيثار أغرب اللفظتين نحو قسمة ضيزى ولم يقل جائرة لينبذن في الحطمة ولم يقل جهنم أو النار وقال في المدثر سأصليه سقر وفي سأل إنها لظى وفي القارعة فأمه هاوية لمراعاة فواصل كل سورة

٥١٤٢ الثامن عشر اختصاص كل من المشتركين بموضع نحو وليذكرأولو الألباب وفي سورة طه إن في ذلك لآيات لأولى النهى

٥١٤٣ التاسع عشر حذف المفعول نحو فأما من أعطى واتقى ما ودعك ربك وما قلى ومنه حذف متعلق أفعل التفضيل نحو يعلم السر وأخفى خير وأبقى

٥١٤٤ العشرون الاستغناء بالإفراد عن التثنية نحو فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى

٥١٤٥ الحادي والعشرون الاستغناء به عن الجمع نحو واجعلنا للمتقين إماما ولم يقل أئمة كما قال وجعلناهم أئمة يهدون إن المتقين في جنات ونهر أي أنهار

٥١٤٦ الثاني والعشرون الاستغناء بالتثنية عن الإفراد نحو ولمن خاف مقام ربه جنتان قال الفراء أراد جنة كقوله فإن الجنة هي المأوى فثنى لأجل الفاصلة قال والقوافي تحتمل من الزيادة والنقصان ما لا يحتمله سائر الكلام ونظير ذلك قول الفراء في قوله تعالى إذ انبعث أشقاها فإنهما رجلان قدار وآخر معه ولم يقل أشقياها للفاصلة

 ٥١٤٧ وقد أنكر ذلك ابن قتيبة وأغلظ فيه وقال إنما يجوز في رءوس الآي زيادة هاء السكت أو الالف أو حذف همز أو حرف فأما أن يكون اللّه وعد بجنتين فيجعلهما جنة واحدة لأجل رءوس الآي معاذ اللّه وكيف هذا وهو يصفها بصفات الاثنين قال ذواتا أفنان ثم قال فيهما وأما ابن الصائغ فإنه نقل عن الفراء أنه أراد جنات فإطلق الاثنين على الجمع لأجل الفاصلة ثم قال وهذا غير بعيد قال وإنما عاد الضمير بعد ذلك بصيغة التثنية مراعاة للفظ وهذا هو الثالث والعشرون

٥١٤٨ الرابع والعشرون الاستغناء بالجمع عن الإفراد نحو لا بيع فيه ولاخلال أي ولا خلة كما في الآية الأخرى وجمع مراعاة للفاصلة

 ٥١٤٩ الخامس والعشرون إجراء غير العاقل مجرى العاقل نحو رأيتهم لي ساجدين كل في فلك يسبحون

٥١٥٠ السادس والعشرون إمالة ما لا يمال كآي طه والنجم

٥١٥١ السابع والعشرون الإتيان بصيغة المبالغة كقدير وعليم مع ترك ذلك في نحو هو القادر وعالم الغيب ومنه وما كان ربك نسيا

٥١٥٢ الثامن والعشرون إيثار بعض أوصاف المبالغة على بعض نحو إن هذا لشيء عجاب أو ثر على عجيب لذلك

٥١٥٣ التاسع والعشرون الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه نحو ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى

٥١٥٤ الثلاثون إيقاع الظاهر موضع المضمر نحو والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين وكذا آية الكهف

٥١٥٥ الحادي والثلاثون وقوع مفعول موقع فاعل كقوله حجابا مستورا كان وعده مأتيا أي ساترا وآتيا

٥١٥٦ الثاني والثلاثون وقوع فاعل موقع مفعول نحو في عيشة راضية من ماء دافق

٥١٥٧ الثالث والثلاثون الفصل بين الموصوف والصفة نحو أخرج المرعى فجعله غثاء أحوى إن أعرب أحوى صفة المرعى أي حالا

٥١٥٨ الرابع والثلاثون إيقاع حرف مكان غيره نحو بأن ربك أوحى لها والأصل إليها

٥١٥٩ الخامس والثلاثون تأخير الوصف غير الأبلغ عن الأبلغ ومنه

الرحمن الرحيم رءوف رحيم لأن الرأفة أبلغ من الرحمة

٥١٦٠ السادس والثلاثون حذف الفاعل ونيابة المفعول نحو وما لأحد عنده من نعمة تجزي

٥١٦١ السابع والثلاثون إثبات هاء السكت نحو ما ليه سلطانيه ماهيه

٥١٦٢ الثامن والثلاثون الجمع بين المجرورات نحو ثم لا تجد لك به علينا تبيعا فإن الأحسن الفصل بينها إلا أن مراعاة الفاصلة اقتضت عدمه وتأخير تبيعا

٥١٦٣ التاسع والثلاثون العدول عن صيغة المضي إلى صيغة الاستقبال نحو ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون والأصل قتلتم

٥١٦٤ الأربعون تغيير بنية الكلمة نحو وطور سينين والأصل سينا تنبيه

٥١٦٥ قال ابن الصائغ لا يمتنع في توجيه الخروج عن الأصل في الآيات المذكورة أمور أخرى مع وجه المناسبة فإن القرآن العظيم كما جاء في الأثر لا تنقضي عجائبه

١٠٠

فصل

٥١٦٦ قال ابن أبي الإصبع لا تخرج فواصل القرآن عن أحد أربعة أشياء التمكين والتصدير والتوشيح والإيغال

التمكين

٥١٦٧ فالتمكين ويسمى ائتلاف القافية أن يمهد الناثر للقرينة أو الشاعر للقافية تمهيدا تأتي به القافية أو القرينة متمكنة في مكانها مستقرة في قرارها مطمئنة في موضعها غير نافرة ولا قلقة متعلقا معناها بمعنى الكلام كله تعلقا تاما بحيث لو طرحت لاختل المعنى واضطرب الفهم وبحيث لو سكت عنها كمله السامع بطبعه

 ٥١٦٨ ومن أمثلة ذلك يا شعيب أصلواتك تأمرك أن نترك الآية فإنه لما تقدم في الآية ذكر العبادة وتلاه ذكر التصرف في الأموال اقتضى ذلك ذكر الحلم والرشد على الترتيب لأن الحلم يناسب العبادات والرشد يناسب الأموال وقوله أو لم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات أفلا يسمعون أو لم يروا أنا نسوق الماء إلى قوله أفلا يبصرون فأتى في الآية الأولى يهد لهم وختمها ب يسمعون لأنه الموعظة فيها مسموعة وهي أخبار القرون وفي الثانية ب يروا وختمها ب يبصرون لأنها مرئية وقوله لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير فإن اللطف يناسب ما لا يدرك بالبصر والخبر يناسب ما يدركه وقوله ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين إلى قوله فتبارك اللّه أحسن الخالقين فإن في هذه الفاصلة التمكين التام المناسب لما قبلها وقد بادر بعض الصحابة حين نزل أول الآية إلى ختمها بها قبل أن يسمع آخرها فأخرج ابن أبي حاتم من طريق الشعبي عن زيد بن ثابت قال أملى علي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏هذه الآية ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين إلى قوله خلقا آخر قال معاذ بن جبل فتبارك اللّه أحسن الخالقين فضحك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏فقال له معاذ مم ضحكت يا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏قال بها ختمت

٥١٦٩ وحكى أن أعرأبيا سمع قارئا يقرأ فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن اللّه غفور رحيم ولم يكن يقرأ القرآن فقال إن كان هذا كلام اللّه فلا يقول كذا ومر بهما رجل فقال كيف تقرأ هذه الآية فقال الرجل فاعلموا أن اللّه عزيز حكيم فقال هكذا ينبغي الحكيم لا يذكر الغفران عند الزلل لأنه إغراء عليه

تنبيهات

٥١٧٠ الأول قد تجتمع فواصل في موضع واحد ويخالف بينها كأوائل النحل فإنه تعالى بدأ يذكر الأفلاك قال خلق السموات والأرض بالحق ثم ذكر خلق الإنسان من نطفة ثم خلق الأنعام ثم عجائب النبات فقال هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون فجعل مقطع هذه الآية التفكر لأنه استدلال بحدوث الأنواع المختلفة من النبات على وجود الإله القادر المختار ولما كان هنا مظنة سؤال وهو أنه لم لا يجوز أن يكون المؤثر فيه طبائع الفصول وحركات الشمس والقمر وكان الدليل لا يتم إلا بالجواب عن هذا السؤال كان مجال التفكر والنظر والتأمل باقيا فأجاب تعالى عنه عن وجهين

أحدهما أن تغيرات العالم السفلى مربوطة بأحوال حركات الأفلاك فتلك الحركات كيف حصلت فإن كان حصولها بسبب أفلاك أخرى لزم التسلسل وإن كان من الخالق الحكيم فذاك إقرار بوجود الإله تعالى وهذا هو المراد بقوله وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون فجعل مقطع هذه الآية العقل وكأنه قيل إن كنت عاقلا فاعلم أن التسلسل باطل فوجب انتهاء الحركات إلى حركة يكون موجدها غير متحرك وهو الإله القادر المختار

والثاني أن نسبة الكواكب والطبائع إلى أجزاء الورقة الواحدة والحبة الواحدة واحدة ثم إنا نرى الورقة الواحدة من الورد أحد وجهيها في غاية الحمرة والآخر في غاية السواد فلو كان المؤثر بالذات موجبا لامتنع حصول هذا التفاوت في الآثار فعلمنا أن المؤثر قادر مختار وهذا هو المراد من قوله وما ذرأ لكم في الأرض مختلفا ألوانه إن في ذلك لآية لقوم يذكرون كأنه قيل اذكر ما ترسخ في عقلك أن الواجب بالذات والطبع لا يختلف تأثيره فإذا نظرت حصول هذا الاختلاف علمت أن المؤثر ليس هو الطبائع بل الفاعل

١٠١

 المختار فلهذا جعل مقطع الآية التذكر

٥١٧١ ومن ذلك قوله تعالى قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم الآيات فإن الأولى ختمت بقوله لعلكم تعقلون والثانية بقوله لعلكم تذكرون والثالثة بقوله لعلكم تتقون لأن الوصايا التي في الآية الأولى إنما يحمل على تركها عدم العقل الغالب على الهوى لأن الإشراك باللّه لعدم استكمال العقل الدال على توحيده وعظمته وكذلك عقوق الوالدين لا يقتضيه العقل لسبق إحسانهما إلى الولد بكل طريق وكذلك قتل الأولاد بالوأد من الإملاق مع وجود الرازق الحي الكريم وكذلك إتيان الفواحش لا يقتضيه عقل وكذا قتل النفس لغيظ أو غضب في القاتل فحسن بعد ذلك تعقلون وأما الثانية فلتعلقها بالحقوق المالية والقولية فإن من علم أن له أيتاما يخلفهم من بعده لا يليق به أن يعامل أيتام غيره إلا بما يحب أن يعامل به أيتامه ومن يكيل أو يزن أو يشهد لغيره لو كان ذلك الأمر له لم يحب أن يكون فيه خيانة ولا بخس وكذا من وعد لو وعد لم يحب أن يخلف ومن أحب ذلك عامل الناس به ليعاملوه بمثله فترك ذلك إنما يكون لغفلة عن تدبر ذلك وتأمله فلذلك ناسب الختم بقوله لعلكم تذكرون وأما الثالثة فلأن ترك اتباع شرائع اللّه الدينية مؤد إلى غضبه وإلى عقابه فحسن لعلكم تتقون أي عقاب اللّه بسببه

٥١٧٢ ومن ذلك قوله في الأنعام أيضا وهو الذي جعل لكم النجوم الآيات فإنه ختم الأولى بقوله لقوم يعلمون والثانية بقوله لقوم يفقهون والثالثة بقوله لقوم يؤمنون وذلك لأن حساب النجوم والاهتداء بها يختص بالعلماء بذلك فناسب ختمه ب يعلمون وإنشاء الخلائق من نفس واحدة ونقلهم من صلب إلى رحم ثم إلى الدنيا ثم إلى حياة وموت والنظر في ذلك والفكر فيه أدق فناسب ختمه ب يفقهون لأن الفقه فهم الأشياء الدقيقة ولما ذكر ما أنعم به على عباده من سعة الأرزاق والأقوات والثمار وأنواع ذلك ناسب ختمه بالإيمان الداعي إلى شكره تعالى على نعمه

٥١٧٣ ومن ذلك قوله تعالى وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون حيث ختم الأولى ب تؤمنون والثانية ب تذكرون ووجهه أن مخالفة القرآن لنظم الشعر ظاهرة واضحة لا تخفى على أحد فقول من قال شعر كفر وعناد محض فناسب ختمه بقوله قليلا ما تؤمنون وأما مخالفته لنظم الكهان والفاظ السجع فتحتاج إل تذكر وتدبر لأن كلا منهما نثر فليستمخالفته له في وضوحها لكل أحد كمخالفته الشعر وإنما تظهر بتدبر ما في القرآن من الفصاحة والبلاغة والبدائع والمعاني الأنيقة فحسن ختمه بقوله قليلا ما تذكرون

٥١٧٤ ومن بديع هذا النوع اختلاف الفاصلتين في موضعين والمحدث عنه واحد لنكتة لطيفة كقوله تعالى في سورة إبراهيم وإن تعدوا نعمة اللّه لا تحصوها إن الأنسان لظلوم كفار ثم قال في سورة النحل وإن تعدوا نعمة اللّه لا تحصوها إن اللّه لغفور رحيم قال ابن المنير كأنه يقول إذا حصلت النعم الكثيرة فأنت آخذها وأنا معطيها فحصل لك عند أخذها وصفان كونك ظلوما وكونك كفارا يعني لعدم وفائك بشكرها ولي عند إعطائها وصفان وهما إني غفور رحيم أقابل ظلمك بغفراني وكفرك برحمتي فلا أقابل تقصيرك إلا بالتوقير ولا أجازي جفاك إلا بالوفاء وقال غيره إنما خص سورة إبراهيم بوصف المنعم عليه وسورة النحل بوصف المنعم لأنه في سورة إبراهيم في مساق وصف الإنسان وفي سورة النحل في مساق صفات اللّه وإثبات لألوهيته ونظيره قوله تعالى في سورة الجاثية من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها ثم إلى ربكم ترجعون وفي فصلت ختم بقوله وما ربك بظلام للعبيد ونكتة ذلك أن قبل الآية الأولى قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام اللّه ليجزي قوما بما كانوا يكسبون فناسب الختام بفاصلة البعث لأن قبله وصفهم بإنكاره وأما الثانية فالختام فيها مناسب لأنه لا يضيع عملا صالحا ولا يزيد على من عمل سيئا

٥١٧٥ وقال في سورة النساء إن اللّه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك باللّه فقد افترى إثما عظيما ثم أعادها وختم بقوله ومن يشرك باللّه فقد

١٠٢

ضل ضلالا بعيدا ونكتة ذلك أن الأولى نزلت في اليهود وهم الذين افتروا على اللّه ما ليس في كتابه والثانية نزلت في المشركين ولا كتاب لهم وضلالهم أشد ونظيره قوله في المائدة ومن لم يحكم بما أنزل اللّه فأولئك هم الكافرون ثم أعادها فقال فأولئك هم الظالمون ثم قال في الثالثة فأولئك هم الفاسقون ونكتته أن الأولى نزلت في أحكام المسلمين والثانية في اليهود والثالثة في النصارى وقيل الأولى فيمن جحد ما أنزل اللّه والثانية فيمن خالفه مع علمه ولم ينكره والثالثة فيمن خالفه جاهلا وقيل الكافر والظالم والفاسق كلها بمعنى واحد وهو الكفر عبر عنه بالفاظ مختلفة لزيادة الفائدة واجتناب صورة التكرار

٥١٧٦ وعكس هذا اتفاق الفاصلتين والمحدث عنه مختلف كقوله في سورة النور يأيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم إلى قوله كذلك يبين اللّه لكم الآيات واللّه عليم حكيم ثم قال وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم كذلك يبين اللّه لكم آياته واللّه عليم حكيم

التنبيه

الثاني

٥١٧٧ من مشكلات الفواصل قوله تعالى إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم فإن قوله وإن تغفر لهم يقتضي أن تكون الفاصلة الغفور الرحيم وكذا نقلت عن مصحف أبي وبها قرأ ابن شنبوذ وذكر في حكمته أنه لا يغفر لمن استحق العذاب إلا من ليس فوقه أحد يرد عليه حكمه فهو العزيز أي الغالب والحكيم هو الذي يضع الشيء في محله وقد يخفي وجه الحكمة على بعض الضعفاء في بعض الأفعال فيتوهم أنه خارج عنها وليس كذلك فكان في الوصف بالحكيم إحتراس حسن أي وإن تغفر لهم مع استحقاقهم العذاب فلا معترض عليك لأحد في ذلك والحكمة فيا فعلته

٥١٧٨ ونظير ذلك قوله في سورة التوبة أولئك سيرحمهم اللّه إن اللّه عزيز حكيم وفي سورة الممتحنة واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم وفي غافر ربنا وأدخلهم جنات عدن إلى قوله إنك أنت العزيز الحكيم وفي النور ولولا فضل اللّه عليكم ورحمته وأن اللّه تواب حكيم فإن بادئ الرأييقتضي تواب رحيم لأن الرحمة مناسبة للتوبة لكن عبر به إشارة إلى فائدة مشروعية اللعان وحكمته وهي الستر عن هذه الفاحشة العظيمة

٥١٧٩ ومن خفي ذلك أيضا قوله في سورة البقرة هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات وهو بكل شيء عليم وفي آل عمران قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه اللّه ويعلم ما في السموات وما في الأرض واللّه على كل شيء قدير فإن المتبادر إلى الذهن في آية البقرة الختم بالقدرة وفي آية آل عمران الختم بالعلم والجواب أن آية البقرة لما تضمنت الإخبار عن خلق الأرض وما فيها على حسب حاجات أهلها ومنافعهم ومصالحهم وخلق السموات خلقا مستويا محكما من غير تفاوت والخالق على الوصف المذكور يجب أن يكون عالما بما فعله كليا وجزئيا مجملا ومفصلا ناسب ختمها بصفة العلم وآية آل عمران لما كانت في سياق الوعيد على موالاة الكفار وكان التعبير بالعلم فيها كناية عن المجازاة بالعقاب والثواب ناسب ختمها بصفة القدرة

٥١٨٠ ومن ذلك قوله وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا فالختم بالحلم والمغفرة عقب تسأبيح الأشياء غير ظاهر في بادى الرأي وذكر في حكمته أنه لما كانت الأشياء كلها تسبح ولا عصيان في حقها وأنتم تعصون ختم به مراعاة للمقدر في الآية وهو العصيان كما جاء في الحديث لولا بهائم رتع وشيوخ ركع وأطفال رضع لصب عليكم العذاب صبا ولرص رصا وقيل التقدير حليما عن تفريط المسبحين غفورا لذنوبهم وقيل حليما عن المخاطبين الذين لا يفقهون التسبيح بأهمالهم النظر في الآيات والعبر ليعرفوا حقه بالتأمل فيما أودع في مخلوقاته مما يوجب تنزيهه

التنبيه

الثالث

٥١٨١ في الفواصل ما لا نظير له في القرآن كقوله عقب الأمر بالغض في سورة النور إن اللّه خبير بما يصنعون وقوله عقب الأمر بالدعاء والاستجابة لعلهم يرشدونوقيل فيه تعريض بليلة القدر حيث ذكر ذلك عقب ذكر رمضان أي لعلهم

١٠٣

يرشدون إلى معرفتها

التصدير

٥١٨٢ وأما التصدير فهو أن تكون تلك اللفظة بعينها تقدمت في أول الآية وتسمى أيضا رد العجز على الصدر وقال ابن المعتز هو ثلاثة أقسام الأول أن يوافق آخر الفاصلة آخر كلمة في الصدر نحو أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى باللّه شهيدا والثاني أن يوافق أول كلمة منه نحو وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب قال إني لعملكم من القالين الثالث أن يوافق بعض كلماته نحو ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على اللّه كذبا إلى قوله وقد خاب من افترى فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا

التوشيح

٥١٨٣ وأما التوشيح فهو أن يكون في أول الكلام ما يستلزم القافية والفرق بينه وبين التصدير أن هذا دلالته معنوية وذاك لفظية كقوله تعالى إن اللّه اصطفى آدم الآية فإن اصطفى لا يدل على أن الفاصلة العالمين باللفظ لأن لفظ العالمين غير لفظ اصطفى ولكن بالمعنى لأنه يعلم أن من لوازم اصطفاء شيء أن يكون مختارا على جنسه وجنس هؤلاء المصطفين العالمون وكقوله وآية لهم الليل الآية قال ابن أبي الإصبع فإن من كان حافظا لهذه السورة متفطنا إلى أن مقاطع آيها النون المردفة وسمع في صدر الآيةانسلاخ النهار من الليل علم أن الفاصلة مظلمون لأن من انسلخ النهار عن ليله أظلم أي دخل في الظلمة ولذلك سمى توشيحا لأن الكلام لما دل أوله على آخره نزل المعنى منزلة الوشاح ونزل أول الكلام وآخره منزلة العاتق والكشح اللذين يحوط عليها الوشاح

الإيغال

٥١٨٤ وأما الإيغال فتقدم في نوع الإطناب

فصل في أقسام الفواصل

٥١٨٥ قسم البديعيون السجع ومثله الفواصل إلى أقسام مطرف ومتواز ومرصع ومتوازن ومتماثل

٥١٨٦ فالمطرف أن تختلف الفاصلتان في الوزن وتتفقا في حروف السجع نحو ما لكم لا ترجون للّه وقارا وقد خلقكم أطورا

٥١٨٧ والمتوازي أن يتفقا وزنا وتقفية ولم يكن ما في الأولى مقابلا لما في الثانية في الوزن والتقفيه نحو فيها سرر مرفوعة وأكواب موضوعة

٥١٨٨ والمتوازن أن يتفقا في الوزن دون التقفية نحو ونمارق مصفوفة وزرأبي مبثوثة

٥١٨٩ والمرصع أن يتفقا وزنا وتقفية ويكون ما في الأولى مقابلا لما في الثانية كذلك نحو إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم

٥١٩٠ والمتماثل أن يتساويا في الوزن دون التقفية وتكون أفراد الأولى مقابلة لما في الثانية فهو بالنسبة إلى المرصع كالمتوازن بالنسبة إلى المتوازي نحو وآتيناهما الكتاب المستبين وهديناهما الصراط المستقيم فالكتاب والصراط يتوازنان وكذا المستبين والمستقيم واختلفا في الحرف الأخير

فصل

٥١٩١ بقي نوعان بديعيان متعلقان بالفواصل

أحدهما التشريع سماه ابن أبي الأصبع التوأم وأصله أن يبني الشاعر بيته على وزنين من أوزان العروض فإذا أسقط منها جزءا أو جزءين صار الباقي بيتا من وزن آخر ثم زعم قوم اختصاصه به وقال آخرون بل يكون في النثر بأن يبنى على سجعتين لو اقتصر على الأولى منهما كان الكلام تاما مفيدا وإن ألحقت به السجعة الثانية كان في التمام والإفادة على حاله مع زيادة معنى ما زاد من اللفظ

٥١٩٢ قال ابن أبي الإصبع وقد جاء من هذا الباب معظم سورة الرحمن فإن آياتها لو اقتصر فيها على أولى الفاصلتين دون فبأي آلاء ربكما تكذبان لكان تاما مفيدا وقد كمل بالثانية فأفاد معنى زائدا من التقرير والتوبيخ

٥١٩٣ قلت التمثيل غير مطابق والأولى أن يمثل بالآيات التي في إثباتها ما يصلح أن تكون فاصلة كقوله لتعلموا أن اللّه على كل شيء قدير وأن اللّه قد أحاط بكل شيء علما وأشباه ذلك

٥١٩٤ الثاني الالتزام ويسمى لزوم ما لا يلزم وهو أن يلتزم في الشعر أو النثر حرف أو حرفان فصاعدا قبل الروي بشرط عدم الكلفة مثال التزام حرف فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر التزم الهاء قبل الراء ومثله ألم نشرح لك صدرك الايات التزم فيها الراء

١٠٤

قبل الكاف فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس التزم فيها النون المشددة قبل السين والليل وما وسق والقمر إذا اتسق

٥١٩٥ ومثال التزام حرفين والطور وكتاب مسطور ما أنت بنعمة ربك بمجنون وإن لك لأجرا غير ممنون بلغت التراقي وقيل من راق وظن أنه الفراق

 ٥١٩٦ ومثال التزام ثلاثة أحرف تذكروا فإذا هم مبصرون وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون

تنبيهات

الأول

٥١٩٧ قال أهل البديع أحسن السجع ونحوه ما تساوت قرائنه نحو في سدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود ويليه ما طالت قرينته الثانية نحو والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى أو الثالثة نحو خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه ثم في سلسلة الآية وقال ابن الأثير الأحسن في الثانية المساواة وإلا فأطول قليلا وفي الثالثة أن تكون أطول وقال الخفاجي لا يجوز أن تكون الثانية أقصر من الأولى

٥١٩٨ الثاني قالوا أحسن السجع ما كان قصيرا لدلالته على قوة المنشئ وأقله كلمتان نحو يا أيها المدثر قم فأنذر الآيات والمرسلات عرفا الآيات والذاريات ذروا الآيات والعاديات ضبحا الآيات والطويل ما زاد عن العشر كغالب الآيات وما بينهما متوسط كآيات سورة القمر

٥١٩٩ الثالث قال الزمخشري في كشافه القديم لا تحسن المحافظ على الفواصل لمجردها إلا مع بقاء المعاني على سردها على المنهج الذي يقتضيه حسن النظم والتآمه فأما أن تهمل المعاني ويهتم بتحسين اللفظ وحده غير منظور فيه إلى مؤداه فليس من قبيل البلاغة وبني على ذلك أن التقديم في وبالآخرة هم يوقنون ليس لمجرد الفاصلة بل لرعاية الاختصاص

٥٢٠٠ الرابع مبنى الفواصل على الوقف ولهذا ساغ مقابلة المرفوعبالمجرور وبالعكس كقوله إنا خلقناهم من طين لازب مع قوله عذاب واصب وشهاب ثاقب وقوله بماء منهمر مع قوله قد قدر ودسر مستمر وقوله وما لهم من دونه من وال مع قوله وينشيء السحاب الثقال

٥٢٠١ الخامس كثر في القرآن ختم الفواصل بحروف المد واللين وإلحاق النون وحكمته وجود التمكن من التطريب بذلك كما قال سيبويه إنهم إذا ترنموا يلحقون الالف والياء والنون لأنهم أرادوا مد الصوت ويتركون ذلك إذا لم يترنموا وجاء في القرآن على أسهل موقف وأعذب مقطع

٥٢٠٢ السادس حروف الفواصل إما متماثلة وإما متقاربة

فالأولى مثل والطور وكتاب مسطور في رق منشور والبيت المعمور والثاني مثل الرحمن الرحيم مالك يوم الدين ق والقرآن المجيد بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شيء عجيب

قال الإمام فخر الدين وغيره وفواصل القرآن لا تخرج عن هذين القسمين بل تنحصر في المتماثلة والمتقاربة قال وبهذا يترجح مذهب الشافعي على مذهب أبي حنيفة في عد الفاتحة سبع آيات مع البسملة وجعل صراط الذين إلى آخرها آية فإن من جعل آخر الآية السادسة أنعمت عليهم مردود بأنه لا يشابه فواصل سائر آيات السورة لا بالمماثلة ولا بالمقاربة ورعاية التشابه في الفواصل لازمة

٥٢٠٣ السابع كثر في الفواصل التضمين و الإيطاء لأنهما ليسا بعيبين في النثر وإن كانا عيبين في النظم فالتضمين أن يكون ما بعد الفاصلة متعلقا بها كقوله تعالى وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل والإيطاء تكرر الفاصلة بلفظها كقوله تعالى في الإسراء هل كنت إلا بشرا رسولا وختم بذلك الآيتين بعدها