Geri

   

 

 

İleri

 

٥٢- النوع الثاني والخمسون في حقيقته ومجازه

 ٤٢٥٩ لا خلاف في وقوع الحقائق في القرآن وهي كل لفظ بقي على موضوعه ولا تقديم فيه ولا تأخير وهذا أكثر الكلام

٤٢٦٠ وأما المجاز فالجمهور أيضا على وقوعه فيه وأنكره جماعة منهم الظاهرية وابن القاص من الشافعية وابن خويز منداد من المالكية وشبهتهم أن المجاز أخو الكذب والقرآن منزه عنه وأن المتكلم لا يعدل إليه إلا إذا ضاقت به الحقيقة فيستعير وذلك محال على اللّه تعالى وهذه شبهة باطلة ولو سقط المجاز من القرآن سقط منه شطر الحسن فقد إتفق البلغاء على أن المجاز أبلغ من الحقيقة ولو وجب خلو القرآن من المجاز وجب خلوه من الحذف والتوكيد وتثنية القصص وغيرها

٤٢٦١ وقد أفرده بالتصنيف الإمام عز الدين بن عبد السلام ولخصته مع زيادات كثيرة في كتاب سميته مجاز الفرسان إلى مجاز القرآن وهو قسمان

١ المجاز في التركيب

الأول المجاز في التركيب ويسمى مجاز الإسناد والمجاز العقلي وعلاقته الملابسة وذلك أن يسند الفعل أو شبهة إلى ما هو له أصالة لملابسته له كقوله تعالى وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا نسبت الزيادة وهي فعل اللّه إلى الآيات لكونها سببا لها يذبح أبناءهم يا هامان ابن لي نسب الذبح وهو فعل الأعوان إلى فرعون والبناء وهو فعل العملة إلى هامان لكونهما آمرين به

٤٢٦٢ وكذا قوله وأحلوا قومهم دار البوار نسب الإحلال إليهم لتسببهم في كفرهم بأمرهم إياهم به

 ٤٢٦٣ ومنه قوله تعالى يوما يجعل الولدان شيبا نسب الفعل إلى الظرف لوقوعه فيه عيشة راضية أي مرضية فإذا عزم الأمر أي عزم عليه بدليل فإذا عزمت

٤٢٦٤ وهذا القسم أربعة أنواع أحدها ما طرفاه حقيقيان كالآية المصدر بها وكقوله وأخرجت الأرض أثقالها ثانيها مجازيان نحو فما ربحت تجارتهم أي ما ربحوا فيها وإطلاق الربح والتجارة هنا مجاز ثالثها ورابعها ما أحد طرفيه حقيقي دون الآخر

٤٢٦٥ أما الأول والثاني فكقوله أم أنزلنا عليهم سلطانا أي برهانا كلا إنها لظى نزاعة للشوى تدعو فإن الدعاء من النار مجاز وقوله حتى تضع الحرب أوزارها تؤتي أكلها كل حين فأمه هاوية وإسم الأم الهاوية مجاز أي كما أن الأم كافلة لولدها وملجأ له كذلك النار للكافرين كافلة ومأوى ومرجع

٢ المجاز في المفرد

٤٢٦٦ القسم الثاني المجاز في المفرد ويسمى اللغوي وهو إستعمال اللفظ في غير ما وضع له أولا وأنواعه كثيرة أحدها الحذف وسيأتي مبسوطا في نوع المجاز فهو به أجدر خصوصا إذا قلنا إنه ليس من أنواع المجاز

٤٢٦٧ الثاني الزيادة وسبق تحرير القول فيها في نوع الإعراب

٤٢٦٨ الثالث إطلاق إسم الكل على الجزء نحو يجعلون أصابعهم في

آذانهم أي أناملهم ونكتة التعبير عنها بالأصابع الإشارة إلى إدخالها على غير المعتاد مبالغة من الفرار فكأنهم جعلوا الأصابع وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم أي وجوههم لأنه لم ير جملتهم فمن شهد منكم الشهر فليصمه أطلق الشهر وهو إسم لثلاثين ليلة وأراد جزء منه كذا أجاب به الإمام فخر الدين عن إستشكال أن الجزاء إنما يكون بعد تمام الشرط والشرط أن يشهد الشهر وهو إسم لكله حقيقة فكأنه أمر بالصوم بعد مضي الشهر وليس كذلك وقد فسره علي وابن عباس وابن عمر على أن المعنى من شهد أول الشهر فليصم جميعه وإن سافر في أثنائه أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم وغيرهما وهو أيضا من هذا النوع ويصلح أن يكون من نوع الحذف

٤٢٦٩ الرابع عكسه نحو ويبقى وجه ربك أي ذاته فولوا وجوهكم شطره أي ذواتكم إذ الاستقبال يجب بالصدر وجوه يومئذ ناعمة وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة عبر بالوجوه عن جميع الأجساد لأن التنعم والنصب حاصل بكلها ذلك بما قدمت يداك بما كسبت أيديكم أي قدمت وكسبتم ونسب ذلك إلى الأيدي لأن أكثر الأعمال تزاول بها قم الليل وقرآن الفجر واركعوا مع الراكعين ومن الليل فاسجد له أطلق كلا من القيام والقراءة والركوع والسجود على الصلاة وهو بعضها هديا بالغ الكعبة أي الحرم كله بدليل أنه لا يذبح فيها

تنبيه

٤٢٧٠ ألحق

٣٦

 بهذين النوعين شيئان

أحدهما وصف البعض بصفة الكل كقوله ناصية كاذبة خاطئة فالخطأ صفة الكل وصف به الناصية عكسه كقوله إنا منكم وجلون والوجل

صفة القلب ولملئت منهم رعبا والرعب إنما يكون في القلب

والثاني إطلاق لفظ بعض مرادا به الكل ذكره أبو عبيدة وخرج عليه قوله ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه أي كله وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم وتعقب بأنه لا يجب على النبي بيان كل ما اختلف فيه بدليل الساعة والروح ونحوهما وبأن موسى كان وعدهم بعذاب في الدنيا وفي الآخرة فقال يصبكم هذا العذاب في الدنيا وهو بعض الوعيد من غير نفي عذاب الآخرة ذكره ثعلب

٤٢٧١ قال الزوكشي ويحتمل أيضا أن يقال إن الوعيد مما لا يستنكر ترك جميعه فكيف بعضه ويؤيد ما قاله ثعلب قوله وإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا مرجعهم

٤٢٧٢ الخامس إطلاق إسم الخاص على العام نحو إنا رسول رب العالمين أي رسله

٤٢٧٣ السادس عكسه نحو ويستغفرون لمن في الأرض أي المؤمنين بدليل قوله ويستغفرون للذين آمنوا

٤٢٧٤ السابع إطلاق إسم الملزوم على اللازم نحو

٤٢٧٥ الثامن عكسه نحو هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء أي هل يفعل أطلق الإستطاعة على الفعل لأنها لازمة له

٤٢٧٦ التاسع إطلاق المسبب على السبب نحو وينزل لكم من السماء رزقا قد أنزلنا عليكم لباسا أي مطرا يتسبب عنه الرزق واللباس لا يجدون نكاحا أي مؤنة من مهر ونفقة وما لا بد للمتزوج منه

٤٢٧٧ العاشر عكسه نحو ما كانوا يستطيعون السمع أي القبول والعمل به لأنه مسبب عن السمع

 ٢تنبيه

٤٢٧٨ من ذلك نسبة الفعل إلى سبب السبب كقوله فأخرجهما مما كانا فيه كما أخرج أبويكم من الجنة فإن المخرج في الحقيقة هو اللّه تعالى وسبب ذلك أكل الشجرة وسبب الأكل وسوسة الشيطان

٤٢٧٩ الحادى عشر تسمية الشيء باسم ما كان عليه نحو وآتوا اليتامى أموالهم أي الذين كانوا يتامى إذ لا يتم بعد البلوغ فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن أي الذين كانوا أزواجهن من يأت ربه مجرما سماه مجرما باعتبار ما كان في الدنيا من الإجرام

٤٢٨٠ الثاني عشر تسميته باسم ما يؤول إليه نحو إني أراني أعصر خمرا أي عنبا يؤول إلى الخمرية ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا أي صائرا إلى الكفر والفجور حتى تنكح زوجا غيره سماه زوجا لأن العقد يؤول إلى زوجية لأنها لا تنكح إلا في حال كونه زوجا فبشرناه بغلام حليم نبشرك بغلام عليم وصفه في حال البشارة بما يؤول إليه من العلم والحلم

٤٢٨١ الثالث عشر إطلاق إسم الحال على المحل نحو ففي رحمة اللّه هم فيها خالدون أي في الجنة لأنها محل الرحمة بل مكر الليل أي في الليل إذ يريكم اللّه في منامك أي في عينك على قول الحسن

٤٢٨٢ الرابع عشر عكسه نحو فليدع نادية أي أهل ناديه أي مجلسه ومنه التعبير باليد عن القدرة نحو بيده الملك وبالقلب عن العقل نحو لهم قلوب لا يفقهون بها أي عقول وبالأفواه عن الألسن نحو يقولون بأفواههم وبالقرية عن ساكنيها نحو واسأل القرية

 ٤٢٨٣ وقد إجتمع هذا النوع وما قبله في قوله تعالى خذوا زينتكم عند كل مسجد فإن أخذ الزينة غير ممكن لأنها مصدر فالمراد محلها فأطلق عليه إسم الحال وأخذها للمسجد نفسه لا يجب فالمراد الصلاة فأطلق إسم المحل على الحال

٤٢٨٤ الخامس عشر تسمية الشيء بإسم آلته نحو واجعل لي لسان صدق في الآخرين أي ثناء حسنا لأن اللسان آلته وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه أي بلغة قومه

٤٢٨٥ السادس عشر تسمية الشيء باسم ضده نحو فبشرهم بعذاب أليم والبشارة حقيقة في الخبر السار ومنه تسمية الداعي إلى الشيء باسم الصارف عنه ذكره السكاكي وخرج عليه قوله تعالى ما منعك ألا تسجد يعني ما دعاك إلى ألا تسجد وسلم بذلك من دعوى زيادة لا

٤٢٨٦ السابع عشر إضافة الفعل إلى ما لا يصح منه تشبيها نحو جدارا يريد أن ينقض فأقامه وصفه بالإرادة وهي من صفات الحي تشبيها لميله للوقوع بإرادته

٤٢٨٧ الثامن عشر إطلاق الفعل والمراد

٣٧

مشارفته ومقاربته وإرادته نحو فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن أي قاربن بلوغ الأجل أي إنقضاء العدة لأن الإمساك لا يكون بعده وهو في قوله فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن حقيقة فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون أي فإذا قرب مجيئه وبه يندفع السؤال المشهور فيها أن عند مجيء الأجل لا يتصور تقديم ولا تأخير وليخش الذين لو تركوا من خلفهم الآية أي لو قاربوا أن يتركوا خافوا لأن الخطاب للأوصياء وإنما يتوجه إليهم قبل الترك لأنهم بعده أموات إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا أي أردتم القيام فإذا قرأت القرآن فاستعذ أي أردت القراءة

لتكون الإستعاذة قبلها وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا أي أردنا إهلاكها وإلا لم يصح العطف بالفاء

٤٢٨٨ وجعل منه بعضهم قوله من يهد اللّه فهو المهتد أي من يرد اللّه هدايته وهو حسن جدا لئلا يتحد الشرط والجزاء

٤٢٨٩ التاسع عشر القلب إما قلب إسناد نحو ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أي لتنوء العصبة بها لكل أجل كتاب أي لكل كتاب أجل وحرمنا عليه المراضع أي حرمناه على المراضع ويوم يعرض الذين كفروا على النار أي تعرض النار عليهم لأن المعروض عليه هو الذي له الإختيار وإنه لحب الخير لشديد أي وإن حبه للخير وإن يردك بخير أي يرد بك الخير فتلقى آدم من ربه كلمات لأن المتلقي حقيقة هو آدم كما قرئ بذلك أيضا أو قلب عطف نحو ثم تول عنهم فانظر أي فانظر ثم تول ثم دنا فتدلى أي تدلى فدنا لأنه بالتدلي مال إلى الدنو أو قلب تشبيه وسيأتي في نوعه

٤٢٩٠ العشرون إقامة صيغة مقام أخرى وتحته أنواع كثيرة منها إطلاق المصدر على الفاعل نحو فإنهم عدو لي ولهذا أفرده وعلى المفعول نحو ولا يحيطون بشيء من علمه أي من معلومه صنع اللّه أي مصنوعه وجلءوا على قميصه بدم كذب أي مكذوب فيه لأن الكذب من صفات الأقوال لا الأجسام

٤٢٩١ ومنها إطلاق البشرى على المبشر به والهوى على المهوي والقول على المقول

٤٢٩٢ ومنها إطلاق الفاعل والمفعول على المصدر نحو ليس لوقعتها

كاذبة أي تكذيب بأيكم المفتون أي الفتنة على أن الباء غير زائدة

 ٤٢٩٣ ومنها إطلاق فاعل على مفعول نحو ماء دافق أي مدفوق لا عاصم اليوم من أمر اللّه إلا من رحم أي لا معصوم جعلنا حرما آمنا أي مأمونا فيه

٤٢٩٤ وعكسه نحو إنه كان وعده مأتيا أي آتيا حجابا مستورا أي ساترا وقيل على بابه أي مستورا على العيون لا يحس به أحد

٤٢٩٥ ومنها إطلاق فعيل بمعنى مفعول نحو وكان الكافر على ربه ظهيرا

٤٢٩٦ ومنها إطلاق واحد من المفرد والمثنى والجمع على آخر منها

٤٢٩٧ مثال إطلاق المفرد على المثنى واللّه ورسوله أحق أن يرضوه أي يرضوهما فأفرد لتلازم الرضاءين

٤٢٩٨ وعلى الجمع نحو إن الإنسان لفي خسر أي الأناسي بدليل الإستثناء منه إن الإنسان خلق هلوعا بدليل إلا المصلين

٤٢٩٩ ومثال إطلاق المثنى على المفرد ألقيا في جهنم أي ألق

٤٣٠٠ ومنه كل فعل نسب إلى شيئين وهو لأحدهما فقط نحو يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان وإنما يخرج من أحدهما وهو الملح دون العذب ونظيره ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها وإنما تخرج الحلية من الملح وجعل القمر فيهن نورا أي في إحداهن نسيا حوتهما والناسييوشع بدليل قوله لموسى فإني نسيت الحوت وإنما أضيف النسيان إليهما معا لسكوت موسى عنه فمن تعجل في يومين والتعجيل في اليوم الثاني على رجل من القريتين عظيم قال الفارسي أي من إحدى القريتين وليس منه ولمن خاف مقام ربه جنتان وأن المعنى جنة واحدة خلافا للفراء وفي كتاب ذا القد لابن جني أن منه أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين وإنما المتخذ إلها عيسى دون مريم

٤٣٠١ ومثال إطلاقه على الجمع ثم ارجع البصر كرتين أي كرات لأن البصر لا يحسر إلا بها وجعل منه بعضهم قوله الطلاق مرتان

٤٣٠٢ ومثال إطلاق الجمع على المفرد قال رب ارجعون أي أرجعني وجعل منه ابن فارس فناظرة بم يرجع المرسلون والرسول واحد بدليل ارجع إليهم وفيه نظر لأنه يحتمل أنه خاطب رئيسهم لا سيما وعادة الملوك جارية

٣٨

 ألا يرسلوا واحدا وجعل منه فنادته الملائكة ينزل الملائكة بالروح أي جبريل وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها والقاتل واحد

٤٣٠٤ ومثال إطلاقه على المثنى قالتا أتينا طائعين قالوا لا تخف خصمان فإن كان له إخوة فلأمه السدس أي أخوان فقد صغت قلوبكما أي قلباكما وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إلى قوله وكنا لحكمهم شاهدين

٤٣٠٥ ومنها إطلاق الماضي على المستقبل لتحقق وقوعه نحو أتى أمر اللّه أي الساعة بدليل فلا تستعجلوه ونفخ في الصور فصعق من في السموات وإذ قال اللّه يا عيسى بن مريم أأنت قلت للناس الآية وبرزواللّه جميعا ونادى أصحاب الأعراف

٤٣٠٦ وعكسه لإفادة الدوام والإستمرار فكأنه وقع واستمر نحو أتأمرون الناس بالبر وتنسون واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان أي تلت ولقد نعلم أي علمنا قد يعلم ما أنتم عليه أي علم فلم تقتلون أنبياء اللّه أي قتلتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون ويقول الذين كفروا لست مرسلا أي قالوا

٤٣٠٧ ومن لواحق ذلك التعبير عن المستقبل باسم الفاعل أو المفعول لأنه حقيقة في الحال لا في الإستقبال نحو وإن الدين لواقع ذلك يوم مجموع له الناس

٤٣٠٨ ومنها إطلاق الخبر على الطلب أمرا أو نهيا أو دعاء مبالغة في الحث عليه حتى كأنه وقع وأخبر عنه قال الزمخشري ورود الخبر والمراد الأمر أو النهي أبلغ من صريح الأمر أو النهي كأنه سورع فيه إلى الإمتثال وأخبر عنه نحو والوالدات يرضعن والمطلقات يتربصن فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج على قراءة الرافع وما تنفقون إلا ابتغاء وجه اللّه أي لا تنفقوا إلا إبتغاء وجه اللّه لا يمسه إلا المطهرون أي لا يمسسه وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا اللّه أي لا تعبدوا بدليل وقولوا للناس حسنا لا تثريب عليكم اليوم يغفر اللّه لكم أي اللّهم اغفر لهم

٤٣٠٩ وعكسه نحو فليمدد له الرحمن مدا أي يمد اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم أي ونحن حاملون بدليل وإنهم لكاذبون والكذب إنما يرد على الخبر فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا

 ٤٣١٠ قال الكواشي في الآية الأولى الأمر بمعنى الخبر أبلغ من الخبر لتضمنه اللزوم نحو إن زرتنا فلنكرمك يريدون تأكيد إيجاب الإكرام عليهم وقال ابن عبد السلام لأن الأمر للإيجاب فشبه الخبر به في إيجابه

٤٣١١ منها وضع النداء موضع التعجب نحو يا حسرة على العباد قال الفراء معناه فيالها حسرة وقال ابن خالوية هذه من أصعب مسألة في القرآن لأن الحسرة لا تنادى وإنما ينادى الأشخاص لأن فائدته التنبيه ولكن المعنى على التعجب

٤٣١٢ ومنها وضع جمع القلة موضع الكثرة نحو وهم في الغرفات آمنون وغرف الجنة لا تحصى لهم درجات عند ربهم ورتب الناس في علم اللّه أكثر من العشرة لا محالة اللّه يتوفى الأنفس أياما معدودات ونكتة التقليل في هذه الآية التسهيل على المكلفين

٤٣١٣ وعكسه نحو يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء

٤٣١٤ ومنها تذكير المؤنث على تأويله بمذكر نحو فمن جاءه موعظة من ربه أي وعظ وأحيينا به بلدة ميتا على تأويل البلدة بالمكان فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي أي الشمس أو الطالع إن رحمة اللّه قريب من المحسنين قال الجوهري ذكرت على معنى الإحسان ٤٣١٥ وقال الشريف المرتضى في قوله ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم إن الإشارة للرحمة وإنما لم يقل ولتلك لأن تأنيثها غير حقيقي ولأنه يجوز أن يكون في تأويل أن يرحم

٤٣١٦ ومنها تأنيث المذكر نحو الذين يرثون الفردوس هم فيها أنث الفردوس وهو مذكر حملا على معنى الجنة من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها

أنت عشرا حيث حذف الهاء مع إضافتها إلى الأمثال ووأحدها مذكر فقيل لإضافة الأمثال إلى مؤنث وهو ضمير الحسنات فاكتسب منه التأنيث وقيل هو من باب مراعاة المعنى لأن الأمثال في المعنى مؤنثه لأن مثل الحسنة حسنة والتقدير فله عشر حسنات أمثالها وقد قدمنا في القواعد المهمة قاعدة في التذكير والتأنيث

٤٣١٧ ومنها التغليب وهو إعطاء الشيء حكم غيره وقيل ترجيح أحد المعلومين على الآخر وإطلاق لفظه عليهما إجراء للمختلفين مجرى

٣٩

 المتفقين نحو وكانت من القانتين إلا امرأته كانت من الغابرين والأصل من القانتات و الغابرات فعدت الأنثى من المذكر بحكم التغليب بل أنتم قوم تجهلون أتى بتاء الخطاب تغليبا لجانب أنتم على جانب قوم والقياس أن يؤتى بياء الغيبة لأنه صفة ل قوم وحسن العدول عنه وقوع الموصوف خبرا عن ضمير المخاطبين قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم غلب في الضمير المخاطب وإن كان من تبعك يقتضي الغيبة وحسنه أنه لما كان الغائب تبعا للمخاطب في المعصية والعقوبة جعل تبعا له في اللفظ أيضا وهو من محاسن إرتباط اللفظ بالمعنى وللّه يسجد ما في السموات وما في الأرض غلب غير العاقل حيث أتى ب ما لكثرته وفي آية أخرى ب من فغلب العاقل لشرفه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا أدخل شعيب في لتعودن بحكم التغليب إذ لم يكن في ملتهم أصلا حتى يعود فيها وكذا قوله إن عدنا في ملتكم فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس عد منهم بالإستثناء تغليبا لكونه كان بينهم يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين أي المشرق والمغرب

٤٣١٨ قال ابن الشجري وغلب المشرق لأنه أشهر الجهتين مرج البحرين أي الملح والعذب والبحر خاص بالملح فغلب لكونه أعظم ولكل درجات أي من المؤمنين والكفار والدرجات للعلو والدركات للسفل

فاستعمل الدرجات في القسمين تغليبا للاشرف

٤٣١٩ قال في البرهان وإنما كان التغليب من باب المجاز لأن اللفظ لم يستعمل فيما وضع له ألا ترى أن القانتين موضوع للذكور الموصوفين بهذا الوصف فإطلاقه على الذكور والإناث إطلاق على غير ما وضع له وكذا باقي الأمثلة

٤٣٢٠ ومنها إستعمال حروف الجر في غير معانيها الحقيقية كما تقدم في النوع الأربعين

٤٣٢١ ومنها إستعمال صيغة افعل لغير الوجوب وصيغة لا تفعل لغير التحريم وأدوات الإستفهام لغير طلب التصور والتصديق وأداة التمني والترجي والنداء لغيرها كما سيأتي كل ذلك في الإنشاء

٤٣٢٢ ومنها التضمين وهو إعطاء الشيء معنى الشيء ويكون في الحروف والأفعال والأسماء

٤٣٢٣ أما الحروف فتقدم في حروف الجر وغيرها

٤٣٢٤ وأما الأفعال فأن يضمن فعل معنى فعل آخر فيكون فيه معنى الفعلين معا وذلك بأن يأتي الفعل متعديا بحرف ليس من عادته التعدي به فيحتاج إلى تأويله أو تأويل الحرف ليصح التعدي به والأول تضمين الفعل والثاني تضمين الحرف واختلفوا أيهما أولى فقال أهل اللغة وقوم من النحاة التوسع في الحرف وقال المحققون التوسع في الفعل لأنه في الأفعال أكثر مثاله عينا يشرب بها عباد اللّه فيشرب إنما يتعدى بمن فتعديته بالباء إما على تضمينه معنى يروي و يلتذ أو تضمين الباء معنى من نحو أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم فالرفث لا يتعدى بإلى إلا على تضمن معنى الإفضاء هل لك إلى أن تزكى والأصل في أن فضمن معنى أدعوك وهو الذي يقبل التوبة عن عباده عديت بعن لتضمنها معنى العفو والصفح

٤٣٢٥ وأما في الأسماء فأن يضمن اسم معنى اسم لإفادة معنى الاسمين

معا نحو حقيق على ألا أقول على اللّه إلا الحق ضمن حقيق معنى حريص ليفيد أنه محقوق بقول الحق وحريص عليه وإنما كان التضمين مجازا لأن اللفظ لم يوضع للحقيقة والمجاز معا فالجمع بينهما مجاز

٣ فصل في أنواع مختلف في عدها من المجاز

فصل في أنواع مختلف في عدها من المجاز

٤٣٢٦ وهي ستة

أحدها الحذف فالمشهور أنه من المجاز وأنكره بعضهم لأن المجاز استعمال اللفظ في غير موضوعه والحذف ليس كذلك

٤٣٢٧ وقال ابن عطية حذف المضاف هو عين المجاز ومعظمه وليس كل حذف مجازا

٤٣٢٨ وقال القرافي الحذف أربعة أقسام

قسم يتوقف عليه صحة اللفظ ومعناه من حيث الإسناد نحو واسأل القرية أي أهلها إذ لا يصح إسناد السؤال إليها

وقسم يصح بدونه لكن يتوقف عليه شرعا كقوله فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر أي فأفطر فعدة

وقسم يتوقف عليه عادة لا شرعا نحو أن اضرب بعصاك البحر فانفلق أي فضربه

وقسم يدل عليه دليل غير شرعي ولا هو عادة نحو فقبضت قبضة من أثر الرسول دل الدليل

٤٠

 على أنه إنما قبض من أثر حافر فرس الرسول وليس في هذه الأقسام مجاز إلا الأول

٤٣٢٩ وقال الزنجاني في المعيار إنما يكون مجازا إذا تغير حكم فأما

إذا لم يتغير كحذف خبرالمبتدأ المعطوف على جملة فليس مجازا إذ لم يتغير حكم ما بقي من الكلام

٤٣٣٠ وقال القزويني في الإيضاح متى تغير إعراب الكلمة بحذف أو زيادة فهي مجاز نحو واسأل القرية ليس كمثله شيء فإن كان الحذف أو الزيادة لا يوجب تغير الإعراب نحو أو كصيب فبما رحمة فلا توصف الكلمة بالمجاز

٤٣٣١ الثاني التأكيد زعم قوم أنه مجاز لأنه لا يفيد إلا ما أفاده الأول والصحيح أنه حقيقة

٤٣٣٢ قال الطرطرشي في العمدة ومن سماه مجازا قلنا له إذا كان التأكيد بلفظ الأول نحو عجل عجل ونحوه فإن جاز أن يكون الثاني مجازا جاز في الأول لأنهما في لفظ واحد وإذا بطل حمل الأول على المجاز بطل حمل الثاني عليه لأنه مثل الأول

٤٣٣٢م الثالث التشبيه زعم قوم أنه مجاز والصحيح أنه حقيقة

٤٣٣٣ قال الزنجاني في المعيار لأنه معنى من المعاني وله الفاظ تدل عليه وضعا فليس في نقل اللفظ عن موضوعه

٤٣٣٤ وقال الشيخ عز الدين إن كان بحرف فهو حقيقة أو بحذفه فمجاز بناء على أن الحذف من باب المجاز

٤٣٣٥ الرابع الكناية وفيها أربعة مذاهب

أحدها أنها حقيقة قال ابن عبد السلام وهو الظاهر لأنها استعملت فيما وضعت له وأريد بها الدلالة على غيره

الثاني أنها مجاز

الثالث أنها لا حقيقة ولا مجاز وإليه ذهب صاحب التلخيص لمنعه في المجاز أن يراد المعنى الحقيقي مع المجازي وتجويزه ذلك فيه

الرابع وهو اختيار الشيخ تقي الدين السبكي أنها تنقسم إلى حقيقة ومجاز فإن استعملت اللفظ في معناه مرادا منه لازم المعنى أيضا فهو حقيقة وإن لم يرد المعنى بل عبر بالملزوم عن اللازم فهو مجاز لاستعماله في غير ما وضع له والحاصل أن الحقيقة منها أن يستعمل اللفظ فيما وضع له ليفيد غير ما وضع له والمجاز منها أن يريد به غير موضوعه استعمالا وإفادة

٤٣٣٦ الخامس التقديم والتأخير عده قوم من المجاز لأن تقديم ما رتبته التأخير كالمفعول وتأخير ما رتبته التقديم كالفاعل نقل لكل واحد منهما عن مرتبته وحقه

٤٣٣٧ قال في البرهان والصحيح أنه ليس منه فإن المجاز نقل ما وضع إلى ما لم يوضع له

٤٣٣٨ السادس الالتفات قال الشيخ بهاء الدين السبكي لم أر من ذكر هل هو حقيقة أو مجاز قال وهو حقيقة حيث لم يكن معه تجريد ٢فصل فيما يوصف بأنه حقيقة ومجاز باعتبارين

٤٣٣٩ هو الموضوعات الشرعية كالصلاة والزكاة والحج فإنها حقائق بالنظر إلى الشرع مجازات بالنظر إلى اللغة ٣فصل في الواسطة بين الحقيقة والمجاز

٤٣٤٠ قيل بها في ثلاثة أشياء

أحدها اللفظ قبل الاستعمال وهذا القسم مفقود في القرآن ويمكن أن يكون منه أوائل السور على القول بأنها للإشارة إلى الحروف التي يتركب منها الكلام

ثانيها الإعلام

ثالثها اللفظ المستعمل في المشاكلة نحو ومكروا ومكر اللّه وجزاء سيئة سيئة مثلها ذكر بعضهم أنه واسطة بين الحقيقة والمجاز قال لأنه لم يوضع لما استعمل فيه فليس حقيقة ولا علاقة معتبرة فليس مجازا كذا في شرح بديعية ابن جابر لرفيقه

 قلت والذي يظهر أنها مجاز والعلاقة المصاحبة

٤خاتمة

٤٣٤١ لهم مجاز المجاز وهو أن يجعل المجاز المأخوذ عن الحقيقة بمثابة الحقيقة بالنسبة إلى مجاز آخر فيتجوز بالمجاز الأول عن الثاني لعلاقة بينهما كقوله تعالى ولكن لا تواعدوهن سرا فإنه مجاز عن مجاز فإن الوطء تجوز عنه بالسر لكونه لا يقع غالبا إلا في السر وتجوز به عن العقد لأنه مسبب عنه فالمصحح للمجاز الأول الملازمة والثاني السببية والمعنى لا تواعدوهن عقد نكاح

٤٣٤٢ وكذا قوله ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله فإن قوله لا إله إلا اللّه مجاز عن تصديق القلب بمدلول هذا اللفظ والعلاقة السببية لأن توحيد اللسان مسبب عن توحيد الجنان والتعبير ب لا إله إلا اللّه عن الوحدانية من مجاز التعبير بالقول عن المقول فيه

٤٣٤٣ وجعل منه ابن السيد قوله أنزلنا عليكم لباسا فإن المنزل عليهم ليس هو نفس اللباس بل الماء المنبت للزرع المتخذ منه الغزل

٤١

 المنسوج منه اللباس