٥٠- النوع الخمسون في منطوقه ومفهومه١ المنطوق٤١٩١ المنطوق ما دل عليه اللفظ في محل النطق فإن أفاد معنى لا يحتمل غيره فالنص نحو فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة وقد نقل عن قوم من المتكلمين أنهم قالوا بندور النص جدا في الكتاب والسنة وقد بالغ إمام الحرمين وغيره في الرد عليهم قال لأن الغرض من النص الإستقلال بإفادة المعنى على قطع مع إنحسام جهات التأويل والإحتمال وهذا وإن عز حصوله بوضع الصيغ ردا إلى اللغة فما أكثره مع القرائن الحالية والمقالية إنتهى أو مع إحتمال غيره إحتمالا مرجوحا فالظاهر نحو فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن الباغي يطلق على الجاهل ٣١ وعلى الظالم وهو فيه أظهر وأغلب ونحو ولا تقربوهن حتى يطهرن فإنه يقال للإمقطاع طهر وللوضوء والغسل وهو في الثاني أظهر فإن حمل على المرجوح لدليل فهو تأويل ويسمى المرجوح المحمول عليه مؤولا كقوله وهو معكم أينما كنتم فإنه يستحيل حمل المعية على القرب بالذات فتعين صرفه عن ذلك وحمله على القدرة والعلم أو على الحفظ والرعاية ٤١٩٢ وكقوله واخفض لهما جناح الذل من الرحمة فإنه يستحيل حمله على الظاهر لإستحالة أن يكون للإنسان أجنحة فيحمل على الخضوع وحسن الخلق ٤١٩٣ وقد يكون مشتركا بين حقيقتين أو حقيقة ومجاز ويصح حمله عليهما جميعا سواء قلنا بجواز إستعمال اللفظ في معنييه أو لا ووجهه على هذا أن يكون اللفظ قد خوطب به مرتين مرة أريد هذا ومرة أريد هذا ٤١٩٤ ومن أمثلته ولا يضار كاتب ولا شهيد فإنه يحتمل لا يضارر الكاتب والشهيد صاحب الحق بجور في الكتابة والشهادة و لا يضارر بالفتح أي لا يضرهما صاحب الحق بإلزامهما مالا يلزمهما وإجبارهما على الكتابة والشهادة ٤١٩٥ ثم أن توقفت صحة دلالة اللفظ على إضمار سميت دلالة إقتضاء نحو واسأل القرية أي أهلها وإن لم تتوقف ودل اللفظ على ما لم يقصد به سميت دلالة إشارة كدلالة قوله تعالى أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم على صحة صوم من أصبح جنبا إذ إباحة الجماع إلى طلوع الفجر تستلزم كونه جنبا في جزء من النهار وقد حكي هذا الإستنباط عن محمد بن كعب القرظي ٢ فصل٤١٩٦ والمفهوم ما دل عليه اللفظ لا في محل النطق وهو قسمان مفهوم موافقة ومفهوم مخالفة فالأول ما يوافق حكمه المنطوق فإن كان أولى سمي فحوى الخطاب كدلالة فلا تقل لهما أف على تحريم الضرب لأنه أشد وإن كان مساويا سمي لحن الخطاب أي معناه كدلالة إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما على تحريم الإحراق لأنه مساو للأكل في الإتلاف واختلف هل دلالة ذلك قياسية أو لفظية مجازية أو حقيقية على أقوال بيناها في كتبنا الأصولية ٤١٩٧ والثاني ما يخالف حكمه المنطوق وهو أنواع مفهوم صفة نعتا كان أو حالا أو ظرفا أو عددا نحو إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا مفهومه أن غير الفاسق لا يجب التبين في خبره فيجب قبول خبر الواحد العدلولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد الحج أشهر معلومات أي فلا يصح الإحرام به في غيرها فاذكروا اللّه عند المشعر الحرام أي فالذكر عند غيره ليس محصلا للمطلوب فاجلدوهم ثمانين جلدة أي لا أقل ولا أكثر ٤١٩٨ وشرط نحو وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن أي فغير أولات الحمل لا يجب الإنفاق عليهن ٤١٩٩ وغاية نحو فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره أي فإذا نكحته تحل للإول بشرطه ٤٢٠٠ وحصر نحو لا إله إلا اللّه إنما إلهكم اللّه أي فغيره ليس بإله فاللّه هو الولي أي فغيره ليس بولي لإلى اللّه تحشرون أي لا إلى غيره إياك نعبد أي لا غيرك ٤٢٠١ واختلف في الإحتجاج بهذه المفاهيم على أقوال كثيرة والأصح في الجملة أنها كلها حجة بشروط منها ألا يكون المذكور خرج للغالب ومن ثم لم يعتبر الأكثرون مفهوم قوله وربائبكم اللاتي في حجوركم فإن الغالب كون الربائب في حجور الأزواج فلا مفهوم له لأنه إنما خص بالذكر لغلبة حضوره في الذهن وألا يكون موافقا للواقع ومن ثم لا مفهوم لقوله ومن يدع مع اللّه إلها آخر لا برهان له به وقوله لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين وقوله ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا والإطلاع على ذلك من فوائد معرفة أسباب النزول فائدة ٤٢٠٢ قال بعضهم الالفاظ إما أن تدل بمنطوقها أو بفحواها أو باقتضائها وضرورتها أو بمعقولها المستنبط منها حكاه ابن الحصار وقال هذا كلام حسن قلت فالأول دلالة المنطوق والثاني دلالة المفهوم والثالث دلالة الاقتضاء والرابع دلالة الإشارة |