٤٨- النوع الثامن والأربعون في مشكله وموهم الاختلاف والتناقض٤١٤٤ أفرده بالتصنيف قطرب والمراد به ما يوهم التعارض بين الآيات وكلامه تعالى منزه عن ذلك كما قال ولو كان من عند غير اللّه لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ولكن قد يقع للمبتدئ ما يوهم اختلافا وليس به في الحقيقة فاحتيج لإزالته كما صنف في مختلف الحديث وبيان الجمع بين الأحاديث المتعارضة وقد تكلم في ذلك ابن عباس وحكى عنه التوقف في بعضها ٤١٤٥ قال عبد الرزاق في تفسيره أنبأنا معمر عن رجل عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير قال جاء رجل إلى ابن عباس فقال رأيت أشياء تختلف علي من القرآن فقال ابن عباس ما هو أشك قال ليس بشك ولكنه اختلاف قال هات ما اختلف عليك من ذلك قال أسمع اللّه يقول ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا واللّه ربنا ما كنا مشركين وقال ولا يكتمون اللّه حديثا فقد كتموا وأسمعه يقول فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ثم قال وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون وقال أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين حتى بلغ طائعين ثم قال في الآية الأخرى أم السماء بناها ثم قال والأرض بعد ذلك دحاها وأسمعه يقول كان اللّه ما شأنه يقول وكان اللّه فقال ابن عباس أما قوله ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا واللّه ربنا ما كنا مشركين فإنهم لما رأوا يوم القيامة وأن اللّه يغفر الذنوب ولا يغفر شركا ولا يتعاظمه ذنب أن يغفره جحده المشركون رجاء أن يغفر لهم فقالوا واللّه ربنا ما كنا مشركين فختم اللّه على أفواههم فتكلمت أيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون فعند ذلك يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون اللّه حديثا وأما قوله فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون فإنه إذا نفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء اللّه فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون وأما قوله خلق الأرض في يومين فإن الأرض خلقت قبل السماء وكانت السماء دخانا فسواهن سبع سموات في يومين بعد خلق الأرض وأما قوله والأرض بعد ذلك دحاها يقول جعل فيها جبلا وجعل فيها نهرا وجعل فيها شجرا وجعل فيها بحورا وأما قوله كان اللّه فإن اللّه كان ولم يزل كذلك وهو كذلك عزيز حكيم عليم قدير لم يزل كذلك فما اختلف عليك من القرآن فهو يشبه ما ذكرت لك وإن اللّه لم ينزل شيئا إلا وقد أصاب الذي أراد ولكن أكثر الناس لا يعلمون ٤١٤٦ أخرجه بطوله الحاكم في المستدرك وصححه وأصله في الصحيح قال ابن حجر في شرحه حاصل ما فيه السؤال عن أربعة مواضع الأول نفي المسألة يوم القيامة وإثباتها الثاني كتمان المشركين حالهم وإفشاؤه الثالث خلق الأرض أو السماء أيهما تقدم الرابع الإتيان بحرف كان الدالة على المضي مع أن الصفة لازمة وحاصل جواب ابن عباس عن الأول أن نفي المساءلة فيما قبل النفخة الثانية وإثباتها فيما بعد ذلك وعن الثاني أنهم يكتمون بألسنتهم فتنطق أيديهم وجوارحهم وعن الثالث أنه بدأ خلق الأرض في يومين غير مدحوة ثم خلق السموات فسواهن في يومين ثم دحا الأرض بعد ذلك وجعل فيها الرواسي وغيرها في يومين فتلك أربعة أيام للأرض وعن الرابع بأن كان وإن كانت للماضي لكنها لا تستلزم الانقطاع بل المراد أنه لم يزلكذلك ٤١٤٧ فأما الأول فقد جاء فيه تفسير آخر أن نفي المساءلة عند تشاغلهم بالصعق والمحاسبة والجواز على الصراط ٢٧ وإثباتها فيما عدا ذلك وهذا منقول عن السدي أخرجه ابن جرير من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أن نفي المساءلة عند النفخة الأولى وإثباتها بعد النفخة الثانية ٤١٤٨ وقد تأول ابن مسعود نفي المساءلة على معنى آخر وهو طلب بعضهم من بعض العفو فأخرج ابن جرير من طريق زاذان قال أتيت ابن مسعود فقال يؤخذ بيد العبد يوم القيامة فينادى ألا إن هذا فلان فمن كان له حق قبله فليأت قال فتود المرأة يومئذ أن يثبت لها حق على أبيها أو ابنها أو أخيها أو زوجها فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ومن طريق أخرى قال لا يسأل أحد يومئذ بنسب شيئا ولا يتساءلون به ولا يمت برحم ٤١٤٩ وأما الثاني فقد ورد بأبسط منه فيما أخرجه ابن جرير عن الضحاك بن مزاحم أن نافع بن الأزرق أتى ابن عباس فقال قول اللّه ولا يكتمون اللّه حديثا وقوله واللّه ربنا ما كنا مشركين فقال إني أحسبك قمت من عند أصحابك فقلت لهم آتي ابن عباس ألقي عليه متشابه القرآن فأخبرهم أن اللّه إذا جمع الناس يوم القيامة قال المشركون إن اللّه لا يقبل إلا ممن وحده فيسألهم فيقولون واللّه ربنا ما كنا مشركين قال فيختم على أفواههم وتستنطق جوارحهم ٤١٥٠ ويؤيده ما أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة في أثناء حديث وفيه ثم يلقى الثالث فيقول يا رب آمنت بك وبكتابك وبرسولك ويثني ما استطاع فيقول الآن نبعث شاهدا عليك فيذكر في نفسه من الذي يشهد علي فيختم علي فيه وتنطق جوارحه ٤١٥١ أما الثالث ففيه أجوبة أخرى منها أن ثم بمعنى الواو فلا إيراد وقيل المراد ترتيب الخبر لا المخبر به كقوله ثم كان من الذين آمنوا وقيل على بابها وهي لتعارف ما بين الخلقين لا للتراخي في الزمان وقيل خلق بمعنى قدر ٤١٥٢ وأما الرابع وجواب ابن عباس عنه فيحتمل كلامه أنه أراد أنه سمى نفسه غفورا رحيما وهذه التسمية مضت لأن التعلق انقضى وأما الصفتان فلا تزالان كذلك لا ينقطعان لأنه تعالى إذا أراد المغفرة أو الرحمة في الحال أو الاستقبال وقع مراده قاله الشمس الكرمان ٤١٥٣ قال ويحتمل أن يكون ابن عباس أجاب بجوأبين أحدهما أن التسمية هي التي كانت وانتهت والصفة لا نهاية لها والآخر أن معنى كان الدوام فإنه لا يزال كذلك ويحتمل أن يحمل السؤال على مسلكين والجواب على دفعهما كأن يقال هذا اللفظ مشعر بأنه في الزمان الماضي كان غفورا رحيما مع أنه لم يكن هناك من يغفر له أو يرحم وبأنه ليس في الحال كذلك لما يشعر به لفظ كان ٤١٥٤ والجواب عن الأول بأن كان في الماضي تسمى به وعن الثاني بأن كان تعطى معنى الدوام وقد قال النحاة كان لثبوت خبرها ماضيا دائما أو منقطعا ٤١٥٥ وقد أخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن عباس أن يهوديا قال له إنكم تزعمون أن اللّه كان عزيزا حكيما فكيف هو اليوم فقال إنه كان في نفسه عزيزا حكيما ٤١٥٦ موضع آخر توقف فيه ابن عباس قال أبو عبيدة حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن ابن أبي مليكة قال سأل رجل ابن عباس عن في يوم كانمقداره ألف سنة وقوله في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة فقال ابن عباس هما يومان ذكرهما اللّه تعالى في كتابه اللّه أعلم بهما ٤١٥٧ وأخرجه ابن أبي حاتم من هذا الوجه وزاد ما أدرى ما هما وأكره أن أقول فيهما ما لا أعلم قال ابن أبي مليكة فضربت البعير حتى دخلت على سعيد بن المسيب فسئل عن ذلك فلم يدر ما يقول فقلت له ألا أخبرك بما حضرت من ابن عباس فأخبرته فقال ابن المسيب للسائل هذا ابن عباس قد اتقى أن يقول فيهما وهو أعلم من ٤١٥٨ وروى عن ابن عباس أيضا أن يوم الالف هو مقدار سير الأمر وعروجه إليه ويوم الالف في سورة الحج هو أحد الأيام الستة التي خلق اللّه فيها السموات ويوم الخمسين الفا هو يوم القيامة فأخرج ابن أبي حاتم من طريق سماك عن عكرمة عن ابن عباس أن رجلا قال له حدثني ما هؤلاء الآيات في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة و يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة وإن يوما ٢٨ عند ربك كالف سنة فقال يوم القيامة حساب خمسين ألف سنة والسموات في ستة أيام كل يوم يكون ألف سنة و يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة قال ذلك مقدار المسير ٤١٥٩ وذهب بعضهم إلى أن المراد بهما يوم القيامة وأنه باعتبار حال المؤمن والكافر بدليل قوله يوم عسير على الكافرين غير يسير ١ فصلقال الزركشي في البرهان للإختلاف أسباب ٤١٦٠ فصل قال الزركشي في البرهان للإختلاف أسباب أحدها وقوع المخبر به على أنواع مختلفة وتطويرات شتى كقوله في خلق آدم من تراب ومرة من حمإ مسنون ومرة من طين لازب ومرة من صلصال كالفخار فهذه الفاظ مختلفة ومعانيها في أحوال مختلفة لأن الصلصال غير الحمإ والحمأ غيرالتراب إلا أن مرجعها كلها إلى جوهر وهو التراب ومن التراب تدرجت هذه الأحوال ٤١٦١ وكقوله فإذا هي ثعبان وفي موضع تهتز كأنها جان والجان الصغير من الحيات والثعبان الكبير منها وذلك لأن خلقها خلق الثعبان العظيم واهتزازها وحركتها وخفتها كاهتزاز الجان وخفته ٤١٦٢ الثاني لاختلاف الموضوع كقوله وقفوهم إنهم مسئولون وقوله فلنسألن الذين أرسل إليهم ولتسألن المرسلين مع قوله فيومئذ لا يسأل عن ذنبه أنس ولا جان قال الحليمي فتحمل الآية الأولى على السؤال عن التوحيد وتصديق الرسل والثانية على ما يستلزمه الإقرار بالنبوات من شرائع الدين وفروعه وحمله غيره على إختلاف الأماكن لأن في القيامة مواقف كثيرة ففي موضع يسألون وفي آخر لا يسألون وقيل إن السؤال المثبت سؤال تبكيت وتوبيخ والمنفى سؤال المعذرة وبيان الحجة ٤١٦٣ وكقوله اتقوا اللّه حق تقاته مع قوله فاتقوا اللّه ما استطعتم حمل الشيخ أبو الحسن الشاذلي الآية الأولى على التوحيد بدليل قوله بعدها ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون والثانية على الأعمال وقيل بل الثانية ناسخة للأولى وكقوله فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة مع قوله ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فالأولى تفهم إمكان العدل والثانية تنفيه والجواب أن الأولى في توفية الحقوق والثانية في الميل القلبي وليس في قدرة الإنسان ٤١٦٤ وكقوله إن اللّه لا يأمر بالفحشاء مع قوله أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فالأولى في الأمر الشرعي والثانية في الأمر الكوني بمعنى القضاء والتقدي ٤١٦٥ الثالث لاختلافهما في جهتي الفعل كقوله فلم تقتلوهم ولكن اللّه قتلهم وما رميت إذ رميت أضيف القتل إليهم والرمي إليه على جهة الكسب والمباشرة ونفاه عنهم وعنه باعتبار التأثير ٤١٦٦ الرابع لاختلافهما في الحقيقة والمجاز كقوله وترى الناس سكارى وما هم بسكارى أي سكارى من الأهوال مجازا لا من الشراب حقيقة ٤١٦٧ الخامس بوجهين واعتبارين كقوله فبصرك اليوم حديد مع قوله خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي قال قطرب فبصرك أي علمك ومعرفتك بها قوية من قولهم بصر بكذا أي علم وليس المراد رؤية العين ٤١٦٨ قال الفارسي ويدل على ذلك قوله فكشفنا عنك غطاءك ٤١٦٩ وكقوله الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر اللّه مع قوله إنما المؤمنون الذين إذا ذكر اللّه وجلت قلوبهم فقد يظن أن الوجل خلاف الطمأنينة وجوابه أن الطمأنينة تكون بانشراح الصدر بمعرفة التوحيد والوجل يكون عند خوف الزيغ والذهاب عن الهدى فتوجه القلوب لذلك وقد جمع بينهما في قوله تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر اللّه ٤١٧٠ ومما استشكلوه قوله تعالى وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربهم إلا أن تأتيهم سنة الأولين أو يأتيهم العذاب قبلا فإنه يدل على حصر المانع من الإيمان في أحد هذين الشيئين وقال في آية أخرى وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعثاللّه بشرا رسولا فهذا حصر آخر في غيرهما وأجاب ابن عبد السلام بأن معنى الآية الأولى وما منع الناس أن يؤمنوا إلا إرادة أن تأتيهم سنة الأولين من الخسف أو غيره أو يأتيهم العذاب قبلا في الآخرة فأخبر أنه أراد أن يصيبهم أحد الأمرين ولا ٢٩ شك أن إرادة اللّه مانعة من وقوع ما ينافي المراد فهذا حصر في السبب الحقيقي لأن اللّه هو المانع في الحقيقة ومعنى الآية الثانية وما منع الناس أن يؤمنوا إلا استغراب بعثه بشرا رسولا لأن قولهم ليس مانعا من الإيمان لأنه لا يصلح لذلك وهو يدل على الإستغراب بالإلتزام وهو المناسب للمانعية واستغرابهم ليس مانعا حقيقيا بل عاديا لجواز وجود الإيمان معه بخلاف إرادة اللّه تعالى فهذا حصر في المانع العادي والأول حصر في المانع الحقيقي فلا تنافى أيضا ٤١٧١ ومما استشكل أيضا قوله تعالى ومن أظلم ممن افترى على اللّه كذبا فمن أظلم ممن كذب على اللّه مع قوله ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها ونسي ما قدمت يداه ومن أظلم ممن منع مساجد اللّه ألى غير ذلك من الآيات ووجهه أن المراد بالإستفهام هنا النفي والمعنى لا أحد أظلم فيكون خبرا وإذا كان خبرا وأخذت الآيات على ظواهرها أدى إلى لتناقص وأجيب بأوجه منها تخصيص كل موضع بمعنى صلته أي لا أحد من المعاندين أظلم ممن منع مساجد اللّه ولا أحد من المفترين أظلم ممن افترى على اللّه كذبا وإذا تخصص بالصلات زال التناقض ومنها أن التخصيص بالنسبة إلى السبق لما لم يسبق أحد إلى مثله حكم عليهم بأنهم أظلم ممن جاء بعدهم سالكا طريقهم وهذا يئول معناه إلى ما قبله لأن المراد السبق إلى المانعية والإفترائية ومنها وادعى أبو حيان أنه الصواب أن نفي الأظلمية لا يستدعي نفيالظالمية لأن نفى المقيد لا يدل على نفي المطلق وإذا لم يدل على نفي الظالمية لم يلزم التناقض لأن فيها إثبات التسوية في الأظلمية وإذا ثبتت التسوية فيها لم يكن أحد ممن وصف بذلك يزيد على الآخر لأنهم يتساوون في الأظلمية وصار المعنى لا أحد أظلم ممن إفترى وممن منع ونحوها ولا إشكال في تساوي هؤلاء في الأظلمية ولا يدل على أن أحد هؤلاء أظلم من الآخر كما إذا قلت لا أحد أفقه منهم إنتهى وحاصل الجواب أن نفي التفضيل لا يلزم منه نفي المساواة وقال بعض المتأخرين هذا إستفهام مقصود به التهويل والتفظيع من غير قصد إثبات الأظلمية للمذكور حقيقة ولا نفيها عن غيره ٤١٧٢ وقال الخطابي سمعت ابن أبي هريرة يحكى عن أبي العباس بن سريج قال سأل رجل بعض العلماء عن قوله لا أقسم بهذا البلد فأخبر أنه لا يقسم به ثم أقسم به في قوله وهذا البلد الأمين فقال أيما أحب إليك أجيبك ثم أقطعك أو أقطعك ثم أجيبك فقال أقطعني ثم أجبني فقال له أعلم أن هذا القرآن نزل على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بحضرة رجال وبين ظهراني قوم كانوا أحرص الخلق على أن يجدوا فيه مغمزا وعليه مطعنا فلو كان هذا عندهم مناقضة لتعلقوا به وأسرعوا بالرد عليه ولكن القوم علموا وجهلت ولم ينكروا منه ما أنكرت ثم قال له إن العرب قد تدخل لا في أثناء كلامها وتلغى معناها وأنشد فيه أبياتا ٢ تنبيه٤١٧٣ قال الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني إذا تعارضت الآي وتعذر فيها الترتيب والجمع طلب التاريخ وترك المتقدم بالمتأخر ويكون ذلك نسخا وإن لم يعلم وكان الإجماع على العمل بإحدى الآيتين علم بإجماعهم أن الناسخ ما أجمعواعلى العمل بها قال ولا يوجد في القرآن آيتان متعارضتان تخلوان عن هذين الوضعين ٤١٧٤ قال غيره وتعارض القراءتين بمنزلة تعارض الآيتين نحو وأرجلكم بالنصب والجر ولهذا جمع بينهما بحمل النصب على الغسل والجر على مسح الخف ٤١٧٥ وقال الصيرفي جماع الإختلاف والتناقص أن كل كلام صح أن يضاف بعض ما وقع الاسم عليه إلى وجه من الوجوه فليس فيه تناقض وإنما التناقض في اللفظ ما ضاده من كل جهة ولا يوجد في الكتاب والسنة شيء من ذلك أبدا وإنما يوجد فيه النسخ في وقتين ٤١٧٦ وقال القاضي أبو بكر لا يجوز تعارض أي القرآن والآثار وما يوجبه العقل فلذلك لم يجعل قوله اللّه خالق كل شيء معارضا لقوله وتخلقون إفكا وإذ تخلق من الطين لقيام الدليل العقلي أنه لا خالق غير اللّه فتعين تأويل ما عارضه فيؤول وتخلقون على تكذبون وتخلق ٣٠ على تصور فائدة ٤١٧٧ قال الكرماني عند قوله تعالى ولو كان من عند غير اللّه لوجدوا فيه اختلافا كثيرا الإختلاف على وجهين إختلاف تناقض وهو ما يدعو فيه أحد الشيئين إلى خلاف الآخر وهذا هو الممتنع على القرآن وإختلاف تلازم وهو ما يوافق الجانبين كاختلاف مقادير السور والآيات وإختلاف الأحكام من الناسخ والمنسوخ والأمر والنهي والوعد والوعيد |