Geri

   

 

 

İleri

 

٢٨- النوع الثامن والعشرون في معرفة الوقف والابتداء

١١١٩ أفرده بالتصنيف خلائق منهم أبو جعفر النحاس وابن الأنباري والزجاج والداني والعماني والسجاوندي وغيرهم وهو فن جليل به يعرف كيف أداء القراءة

١١٢٠ والأصل فيه ما أخرج النحاس قال حدثنا محمد بن جعفر الأنباري حدثنا هلال بن العلاء بن أبي وعبد اللّه بن جعفر قالا حدثنا عبد اللّه بن عمر الزرقي عن زيد بن أبي أنيسة عن القاسم بن عوف البكري قال سمعت عبد اللّه ابن عمر يقول لقد عشنا برهة من دهرنا وإن أحدنا ليؤتى الإيمان قبل القرآن وتنزل السورة على محمد فنتعلم حلالها وحرامها وما ينبغي أن يوقف عنده منها كما تتعلمون أنتم القرآن اليوم ولقد رأينا اليوم رجالا يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته ما يدري ما آمره ولا زاجره ولا ما ينبغي أن يوقف عنده منه قال النحاس فهذا الحديث يدل على أنهم كانوا يتعلمون الأوقاف كما يتعلمون القرآن

١١٢١ وقول ابن عمر لقد عشنا برهة من دهرنا يدل على أن ذلك إجماع من الصحابة ثابت أخرج هذا الأثر البيهقي في سننه

١١٢٢ وعن علي في قوله تعالى ورتل القرآن ترتيلا قال الترتيل تجويد الحروف ومعرفة الوقوف

١١٢٣ قال ابن الأنباري من تمام معرفة القرآن معرفة الوقف والابتداء فيه

١١٢٤ وقال النكزاوي باب الوقف عظيم القدر جليل الخطر لأنه لا

يتأتى لأحد معرفة معاني القرآن ولا استنباط الأدلة الشرعية منه إلا بمعرفة الفواصل

١١٢٥ وفي النشر لابن الجزري لما لم يمكن القارئ أن يقرأ السورة أو القصة في نفس واحد ولم يجز التنفس بين كلمتين حالة الوصل بل ذلك كالتنفس في أثناء الكلمة وجب حينئذ اختيار وقف للتنفس والاستراحة وتعين ارتضاء ابتداء بعده وتحتم ألا يكون ذلك مما يحيل المعنى ولا يخل بالفهم إذ بذلك يظهر الإعجاز ويحصل القصد ولذلك حض الأئمة على تعلمه ومعرفته وفي كلام علي دليل على وجوب ذلك وفي كلام ابن عمر برهان على أن تعلمه إجماع من الصحابة وصح بل تواتر عندنا تعلمه والاعتناء به من السلف الصالح كأبي جعفر يزيد بن القعقاع أحد أعيان التابعين وصاحبه الإمام نافع وأبي عمرو ويعقوب وعاصم وغيرهم من الأئمة وكلامهم في ذلك معروف ونصوصهم عليه مشهورة في الكتب ومن ثم اشترط كثير من الخلف على المجيز ألا يحيز أحدا إلا بعد معرفته الوقف والابتداء

١١٢٦ وصح عن الشعبي أنه قال إذا قرأت كل من عليها فان فلا تسكت حتى تقرأ ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام قلت أخرجه ابن أبي حاتم

فصل في أنواع الوقف

١١٢٧ اصطلح الأئمة على أن لأنواع الوقف والابتداء أسماء واختلفوا في ذلك

فقال ابن الأنباري

٨٣

الوقف على ثلاثة أوجه تام وحسن وقبيح

فالتام الذي يحسن الوقف عليه والابتداء بما بعده ولا يكون بعده ما يتعلق به كقوله وأولئك هم المفلحون وقوله أم لم تنذرهم لا يؤمنون

والحسن هو الذي يحسن الوقف عليه ولا يحسن الابتداء بما بعده كقوله الحمد للّه لأن الابتداء ب رب العالمين لا يحسن لكونه صفة لما قبله

والقبيح هو الذي ليس بتام ولا حسن كالوقف على بسم من قوله بسم اللّه

قال ولا يتم الوقف على المضاف دون المضاف إليه ولا المنعوت دون نعته ولا الرافع دون مرفوعه وعكسه ولا الناصب دون منصوبه وعكسه ولا المؤكد دون توكيده ولا المعطوف دون المعطوف عليه ولا البدل دون مبدله ولا إن أو كان أو ظن وأخواتها دون اسمها ولا اسمها دون خبرها ولا المستثنى منه دون الاستثناء ولا الموصول دون صلته اسميا أوحرفيا ولا الفعل دون مصدره ولا حرف دون متعلقه ولا شرط دون جزائه

١١٢٨ وقال غيره الوقف ينقسم إلى أربعة أقسام تام مختار وكاف جائز وحسن مفهوم وقبيح متروك

فالتام هو الذي لا يتعلق بشيء مما بعده فيحسن الوقف عليه والابتداء بما بعده وأكثر ما يوجد عند رؤوس الآي غالبا كقوله وأولئك هم المفلحون وقد يوجد في أثنائها كقوله وجعلوا أعزة أهلها أذلة هنا التمام لأنه انقضى كلام بلقيس ثم قال تعالى وكذلك يفعلون وكذلك لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني هنا التمام لأنه انقضى كلام الظالم أبي بن خلف ثم قال تعالى وكان الشيطان للإنسان خذولا وقد يوجد بعدها كقوله مصبحين وبالليل هنا التمام لأنه معطوف على المعنى أي بالصبح وبالليل ومثله يتكئون وزخرفا رأس الآية يتكئون وزخرفا هو التمام لأنه معطوف على ما قبله وآخر كل قصة وما قبل أولها وآخر كل سورة وقبل ياء النداء وفعل الأمر والقسم ولامه دون القول والشرط ما لم يتقدم جوابه وكان اللّه وما كان وذلك ولولا غالبهن تام ما لم يتقدمهن قسم أو قول أو ما في معناه

والكافي منقطع في اللفظ متعلق في المعنى فيحسن الوقف عليه والابتداء بما بعده أيضا نحو حرمت عليكم أمهاتكم هنا الوقف ويتبدأ بما بعد ذلك وهكذا كل رأس آية بعدها لام كي وإلا بمعنى لكن وإن الشديدة المكسورة والاستفهام وبل وألا المخففة والسين وسوف للتهديد ونعم وبئس وكيلا ما لم يتقدمهن قول أو قسم

والحسن هو الذي يحسن الوقف عليه ولا يحسن الابتداء بما بعده نحو الحمد للّه رب العالمين

والقبيح هو الذي لا يفهم منه المراد كالحمد وأقبح منه الوقف على لقد كفر الذين قالوا ويبتدئ إن اللّه هو المسيح لأن المعنى مستحيل بهذا الابتداء ومن تعمده وقصد معناه فقد كفر ومثله في الوقف فبهت الذي كفر فلها النصف ولأبويه وأقبح من هذا الوقف على المنفي دون حرف الإيجاب نحو لا إله إلا اللّه وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا فإن اضطر لأجل التنفس جاز ثم يرجع إلى ما قبله حتى يصله بما بعده ولا حرج انتهى

١١٢٩ وقال السجاوندي الوقف على خمس مراتب

لازم ومطلق وجائز ومجوز لوجه ومرخص ضرورة فاللازم ما لو وصل طرفاه غير المراد نحو قوله وما هم بمؤمنين يلزم الوقف هنا إذ لو وصل بقوله يخادعون اللّه توهم أن الجملة صفة لقولهبمؤمنين فانتفى الخداع عنهم وتقرر الإيمان خالصا عن الخداع كما تقول ما هو بمؤمن مخادع والقصد في الآية إثبات الخداع بعد نفي الإيمان وكما في قوله لا ذلول تثير الأرض فإن جملة تثير صفة ل ذلول داخلة حيز النفي أي ليست ذلولا مثيرة للأرض ونحو سبحانه أن يكون له ولد فلو وصلها بقوله له ما في السموات وما في الأرض لأوهم أنه صفة لولد وأن المنفي ولد موصوف بأن له ما في السموات والمراد الولد مطلقا

والمطلق ما يحسن الابتداء بما بعده كالاسم المبتدأ به نحو اللّه يجتبي والفعل المستأنف نحو يعبدونني لا يشركون بي شيئا و سيقول السفهاء و سيجعل اللّه بعد عسر يسرا ومفعول المحذوف نحو وعد اللّه سنة اللّه والشرط نحو من يشأ اللّه يضللّه والاستفهام ولو مقدرا نحو أتريدون أن تهدوا تريدون عرض الدنيا والنفي ما كان لهم الخيرة إن يريدون إلا فرارا حيث لم يكن كل

٨٤

 ذلك مقولا لقول سابق

والجائز ما يجوز فيه الوصل والفصل لتجاذب الموجبين من الطرفين نحو وما أنزل من قبلك فإن واو العطف تقتضي الوصل وتقديم المفعول على الفعل يقطع النظم فإن التقدير ويوقنون بالآخرة

والمجوز لوجه نحو أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة لأن الفاء في قوله فلا يخفف عنهم تقتضي التسبب والجزاء وذلك يوجب الوصل وكون نظم الفعل على الاستئناف يجعل للفصل وجها

والمرخص ضرورة ما لا يستغني ما بعده عما قبله لكنه يرخص لانقطاع النفس وطول الكلام ولا يلزمه الوصل بالعود لأن ما بعده جملة مفهومة كقوله والسماء بناء لأن قوله وأنزل لا يستغنى عن سياق الكلام فإن فاعله ضمير يعود إلى ما قبله غير أن الجملة مفهومة

وأما ما لا يجوز الوقف عليه فكالشرط دون جزائه والمبتدأ دون خبره ونحو ذلك

١١٣٠ وقال غيره الوقف في التنزيل على ثمانية أضرب تام وشبيه به وناقص وشبيه به وحسن وشبيه به وقبيح وشبيه به

١١٣١ وقال ابن الجزري أكثر ما ذكر الناس في أقسام الوقف غير منضبط ولا منحصر وأقرب ما قلته في ضبطه إن الوقف ينقسم إلى اختياري واضطراري لأن الكلام إما أن يتم أو لا

فإن تم كان اختياريا وكونه تاما لا يخلوا إما ألا يكون له تعلق بما بعده البتة أي لا من جهة اللفظ ولا من جهة المعنى فهو الوقف المسمى بالتام لتمامه المطلق يوقف عليه ويبتدأ بما بعده ثم مثله بما تقدم في التام

١١٣٢ قال وقد يكون الوقف تاما في تفسير وإعراب وقراءة غير تام على آخر نحو وما يعلم تأويله إلا اللّه تام إن كان ما بعده مستأنفا غير تام

 إن كان معطوفا ونحو فواتح السور الوقف عليها تام إن أعربت مبتدأ والخبر محذوف أو عكسه أي ألم هذه أو هذه ألم أو مفعولا ب قل مقدرا غير تام إن كان ما بعدها هو الخبر ونحو مثابة للناس وأمنا تام على قراءة واتخذوا بكسر الخاء كاف على قراءة الفتح ونحو إلى صراط العزيز الحميد تام على قراءة من رفع الاسم الكريم بعدها حسن على قراءة من خفض وقد يتفاضل التام نحو مالك يوم الدين إيام نعبد وإياك نستعين كلاهما تام إلا أن الأول أتم من الثاني لاشتراك الثاني فيما بعده في معنى الخطاب بخلاف الأول وهذا هو الذي سماه بعضهم شبيها بالتام

ومنه ما يتأكد استحسانه لبيان المعنى المقصود به وهو الذي سماه السجاوندي باللازم وإن كان له تعلق فلا يخلو إما أن يكون من جهة المعنى فقط وهو المسمى بالكافي للاكتفاء به واستغنائه عما بعده واستغناء ما بعده عنه كقوله ومما رزقناهم ينفقون وقوله وما أنزل من قبلك وقوله على هدى من ربهم ويتفاضل في الكفاية كتفاضل التام نحو في قلوبهم مرض كاف فزادهم اللّه مرضا أكفى منه بما كانوا يكذبون أكفى منهما

وقد يكون الوقف كافيا على تفسير وإعراب وقراءة غير كاف على آخر نحو قوله يعلمون الناس السحر كاف إن جعلت ما بعده نافية حسن إن فسرت موصولة وبالآخرة هم يوقنون كاف إن أعرب ما بعده مبتدأ خبره على هدى حسن إن جعل خبر الذين يؤمنون بالغيب أو خبر والذين يؤمنون بما أنزل ونحن له مخلصون كاف على قراءة أم تقولون بالخطاب حسن على قراءة الغيب يحاسبكم به اللّه كاف على قراءة من رفع فيغفر و يعذب حسن على قراءة من جزم

وإن كان التعلق من جهة اللفظ فهو المسمى بالحسن لأنه في نفسه حسن مفيد يجوز الوقف عليه دون الابتداء بما بعده للتعلق اللفظي إلا أن يكون رأس آية فإنه يجوز في اختيار أكثر أهل الأداء لمجيئه عن النبي في حديث أم سلمة الآتي

وقد يكون الوقف حسنا على تقدير وكافيا أو تاما على آخر نحو هدى للمتقين حسن إن جعل ما بعده نعتا كاف إن جعل خبر مقدر أو مفعول مقدر

على القطع تام إن جعل مبتدأ خبره أولئك وإن لم يتم الكلام كان الوقف عليه اضطراريا وهو المسمى بالقبيح لا يجوز تعمد الوقف عليه إلا لضرورة من انقطاع نفس ونحوه لعدم الفائدة أو لفساد المعنى نحو صراط الذين وقد يكون بعضه أقبح من بعض نحو فلها النصف ولأبويه لإيهامه أنهما مع

٨٥

 البنت شركاء في النصف وأقبح منه نحو إن اللّه لا يستحيي فويل للمصلين لا تقربوا الصلاة فهذا حكم الوقف اختياريا واضطراريا

وأما الابتداء فلا يكون إلا اختياريا لأنه ليس كالوقف تدعو إليه ضرورة فلا يجوز إلا بمستقل بالمعنى موف بالمقصود وهو في أقسامه كأقسام الوقف الأربعة وتتفاوت تماما وكفاية وحسنا وقبحا بحسب التمام وعدمه وفساد المعنى وإحالته نحو الوقف على ومن الناس فإن الابتداء ب الناس قبيح وب من تام فلو وقف على من يقول كان الابتداء ب يقول أحسن من الابتداء ب من وكذا الوقف على ختم اللّه قبيح والابتداء ب اللّه أقبح وب ختم كاف والوقف على عزير ابن اللّه و المسيح ابن اللّه قبيح والابتداء بابن قبيح وبعزير والمسيح أشد قبحا ولو وقف على ما وعدنا اللّه ضرورة كان الابتداء بالجلالة قبيحا وب وعدنا أقبح منه وب ما أقبح منهما وقد يكون الوقف حسنا والابتداء به قبيحا نحو يخرجون الرسول وإياكمالوقف عليه حسن والابتداء به قبيح لفساد المعنى إذ يصير تحذيرا من الإيمان باللّه وقد يكون الوقف قبيحا والابتداء جيدا نحو من بعثنا من مرقدنا هذا الوقف على هذا قبيح لفصله بين المبتدأ وخبره ولأنه يوهم أن الإشارة إلى المرقد والابتداء بهذا كاف أو تام لاستئنافه

 تنبيهات

الأول

١١٣٣ قولهم لا يجوز الوقف على المضاف دون المضاف إليه ولا كذا قال ابن الجزري إنما يريدون به الجواز الأدائي وهو الذي يحسن في القراءة ويروق في التلاوة ولا يريدون بذلك أنه حرام ولا مكروه اللّهم إلا أن يقصد بذلك تحريف القرآن وخلاف المعنى الذي أراده اللّه فإنه يكفر فضلا عن أن يأثم

الثاني

١١٣٤ قال ابن الجزري أيضا ليس كلما يتعسفه بعض المعربين أو يتكلفه بعض القراء أو يتأوله بعض أهل الأهواء مما يقتضي وقفا أو ابتداء ينبغي أن يتعمد الوقف عليه بل ينبغي تحري المعنى الأتم والوقف الأوجه وذلك نحو الوقف على وارحمنا أنت والابتداء مولانا فانصرنا على معنى النداء ونحو ثم جاءوك يحلفون ويبتدئ باللّه إن أردنا ونحو يا بني لا تشرك ويبتدئ باللّه إن الشرك على معنى القسم ونحو وما تشاؤون إلا أن يشاء ويبتدئ اللّه رب العالمين ونحو فلا جناح ويبتدئ عليه أن يطوف بهما فكله تعسف وتمحل وتحريف للكلم عن مواضعه

الثالث

١١٣٥ يغتفر في طول الفواصل والقصص والجمل المعترضة ونحو ذلك وفيحالة جمع القراءت وقراءة التحقيق والتنزيل ما لا يغتفر في غيرها فربما أجيز الوقف والابتداء لبعض ما ذكر ولو كان لغير ذلك لم يبح وهذا الذي سماه السجاوندي المرخص ضرورة ومثله بقوله والسماء بناء

 ١١٣٦ قال ابن الجزري والأحسن تمثيله بنحو قبل المشرق والمغرب وبنحو النبيين وبنحو وأقام الصلاة وآتى الزكاة وبنحو عاهدوا وبنحو كل من فواصل قد أفلح المؤمنون إلى آخر القصة

١١٣٧ وقال صاحب المستوفى النحويون يكرهون الوقف الناقص في التنزيل مع إمكان التام فإن طال الكلام ولم يوجد فيه وقف تام

حسن الأخذ بالناقص كقوله قل أوحي إلى قوله فلا تدعوا مع اللّه أحدا إن كسرت بعده إن وإن فتحتها فإلى قوله كادوا يكونون عليه لبدا

 ١١٣٨ قال ويحسن الوقف الناقص أمور منها أن يكون لضرب من البيان كقوله ولم يجعل له عوجا فإن الوقف هنا يبين أن قيما منفصل عنه وأنه حال في نية التقديم وكقوله وبنات الأخت ليفصل به بين التحريم النسبي والسببي ومنها أن يكون الكلام مبنيا على الوقف نحو يا ليتني لم أوت كتأبيه ولم أدر ما حسأبيه

١١٣٩ قال ابن الجزري وكما اغتفر الوقف لما ذكر قد لا يغتفر ولا يحسن فيما قصر من الجمل وإن لم يكن التعلق لفظيا نحو ولقد آتينا موسى الكتاب وآتينا عيسى بن مريم البينات لقرب الوقف على بالرسل وعلى القدس وكذا يراعى في الوقف الازدواج فيوصل ما يوقف على نظيره مما يوجد التمام عليه وانقطع تعلقه بما بعده لفظا وذلك من أجل ازدواجه نحولها ما كسبت مع ولكم ما كسبتم ونحو فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه

٨٦

 مع ومن تأخر فلا إثم عليه ونحو يولج الليل في النهار مع ويولج النهار في الليل ونحو من عمل صالحا فلنفسه مع ومن أساء فعليها

الرابع

 ١١٤٠ قد يجيزون الوقف على حرف ويجيز آخرون الوقف على آخر ويكون بين الوقفين مراقبة على التضاد فإذا وقف على أحدهما امتنع الوقف على الآخر كمن أجاز الوقف على لا ريب فإنه لا يجيزه على فيه والذي يجيزه على فيه لا يجيزه على لا ريب وكالوقف على ولا يأب كاتب أن يكتب فإن بينه وبين كما علمه اللّه مراقبة والوقف على وما يعلم تأويله إلا اللّه فإن بينه وبين والراسخون في العلم مراقبة

١١٤١ قال ابن الجزري وأول من نبه على المراقبة في الوقف أبو الفضل الرازي أخذه من المراقبة في العروض

الخامس

١١٤٢ قال ابن مجاهد لا يقوم بالتمام في الوقف إلا نحوي عالم بالقراءات عالم بالتفسير والقصص وتخليص بعضها من بعض عالم باللغة التي نزل بها القرآن

١١٤٣ وقال غيره وكذا علم الفقه ولهذا من لم يقبل شهادة القاذف وإن تاب يقف عند قوله ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وممن صرح بذلك النكزاوي فقال في كتاب الوقف لا بد للقارئ من معرفة بعض مذاهب الأئمة المشهورين في الفقه لأن ذلك يعين على معرفة الوقف والابتداء لأن في القرآن مواضع ينبغي الوقف على مذهب بعضهم ويمتنع على مذهب آخرين

فأما احتياجه إلى علم النحو وتقديراته فلأن من جعل ملة أبيكم إبراهيم منصوبا على الإغراء وقف على ما قبله أما إذا أعمل فيه ما قبله فلا وأما احتياجه إلى القراءات فلما تقدم من أن الوقف قد يكون تاما على قراءة غير تام على أخرى

وأما احتياجه إلى التفسير فلأنه إذا وقف على فإنها محرمة عليهم أربعين سنة كان المعنى إنها محرمة عليهم هذه المدة وإذا وقف على عليهم كان المعنى إنها محرمة عليهم أبدا وأن التيه أربعين فرجع في هذا إلى التفسير وقد تقدم أيضا أن الوقف يكون تاما على تفسير وإعراب غير تام على تفسير وإعراب آخر

وأما احتياجه إلى المعنى فضرورة لأن معرفة مقاطع الكلام إنما تكون بعد معرفة معناه كقوله ولا يحزنك قولهم إن العزة للّه فقوله إن العزة استئناف لا مقولهم وقوله فلا يصلون إليكما بآياتنا ويبتدئ أنتما وقال الشيخ عز الدين الأحسن الوقف على إليكما لأن إضافة الغلبة إلى الآيات أولى من إضافة عدم الوصول إليها لأن المراد بالآيات العصا وصفاتها وقد غلبوا بها السحرة ولم تمنع عنهم فرعون وكذا الوقف على قوله ولقد همت به ويبتدئ وهم بها على أن المعنى لولا أن رأى برهان ربه لهم بها فقدم جواب لولا ويكون همه منتفيا فعلم بذلك أن معرفة المعنى أصل في ذلك كبير

السادس

١١٤٤ حكى ابن برهان النحوي عن أبي يوسف القاضي صاحب أبي حنيفة أنه ذهب إلى أن تقدير الموقوف عليه من القرآن بالتام والناقص والحسن والقبيحوتسميته بذلك بدعة ومتعمد الوقوف على نحوه مبتدع قال لأن القرآن معجز وهو كالقطعة الواحدة فكله قرآن وبعضه قرآن وكله تام حسن وبعضه تام حسن

السابع

١١٤٥ لأئمة القراء مذاهب في الوقف والإبتداء فنافع كان يراعي محاسنهما بحسب المعنى وابن كثير وحمزة حيث ينقطع النفس واستثنى ابن كثير وما يعلم تأويله إلا اللّه وما يشعركم إنما يعلمه بشر فتعمد الوقف عليها وعاصم والكسائي حيث تم الكلام وأبوعمرو يتعمد رؤوس الآي ويقول هو أحب إلي فقد قال بعضهم إن الوقف عليه سنة

 ١١٤٦ وقال البيهقي في الشعب وآخرون الأفضل الوقف على رؤوس الآيات وإن تعلقت بما بعدها إتباعا لهدى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏وسنته

١١٤٧ روى أبو داود وغيره عن أم سلمة أن النبي كان إذا قرأ قطع قراءته آية آية يقول بسم اللّه الرحمن الرحيم ثم يقف الحمد للّه رب العالمين ثم يقف الرحمن الرحيم ثم يقف

الثامن

١١٤٨ الوقف والقطع والسكت عبارات يطلقها المتقدمون غالبا مرادا بها الوقف والمتأخرون فرقوا فقالوا

القطع عبارة عن قطع القراءة رأسا فهو كالانتهاء فالقارئ به كالمعرض عن القراءة والمنتقل إلى حالة أخرى غيرها وهو الذي يستعاذ بعده للقراءة المستأنفة ولا يكون إلا على رأس آية لأن رؤوس الآي في نفسها

٨٧

 مقاطع أخرج سعيد بن منصور في سننه حدثنا أبو الأحوص عن أبي سنان عن ابن أبي الهذيل أنه قال كانوا يكرهون أن يقرؤوا بعض الآية ويدعوا بعضها إسناده صحيح وعبد اللّه بن أبي الهذيل تابعي كبير وقوله كانوا يدل على أن الصحابة كانوا يكرهون ذلك

والوقف عبارة عن قطع الصوت عن الكلمة زمنا يتنفس فيه عادة بنية استئناف القراءة لا بنية الإعراض ويكون في رؤوس الآي وأوساطها ولا يأتي في وسط الكلمة ولا فيما اتصل رسما

والسكت عبارة عن قطع الصوت زمنا هو دون زمن الوقف عادة من غير تنفس واختلاف الفاظ الأئمة في التأدية عنه مما يدل على طوله وقصره فعن حمزة في السكت على الساكن قبل الهمزة سكتة يسيرة وقال الاشناني قصيرة وعن الكسائي سكتة مختلسة من غير إشباع وقال ابن غلبون وقفة يسيرة وقال مكي وقفة خفيفة وقال ابن شريح وقيفة وعن قتيبة من غير قطع نفس وقال الداني سكتة لطيفة من غير قطع وقال الجعبري قطع الصوت زمنا قليلا أقصر من زمن إخراج النفس لأنه أن طال صار وقفا في عبارات أخر

١١٤٩ قال ابن الجزري والصحيح أنه مقيد بالسماع والنقل ولا يجوز إلا فيما صحت الرواية به لمعنى مقصود بذاته وقيل يجوز في رؤوس الآي مطلقا حالة الوصل لقصد البيان وحمل بعضهم الحديث الوارد على ذلك ضوابط

١١٥٠ كل ما في القرآن من الذي والذين يجوز فيه الوصل بما قبله نعتا والقطع على أنه خبر إلا في سبعة مواضع فإنه يتعين الابتداء بها الذين آتيناهم الكتاب يتلونه في البقرة الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه فيها وفي الأنعام أيضا الذين يأكلون الربا في البقرة الذين آمنوا وهاجروا في براءة الذين يحشرون في الفرقان الذين يحملون العرش في غافر

١١٥١ وفي الكشاف في قوله الذي يوسوس يجوز أن يقف القارئ على الموصوف ويبتدئ ب الذي إن حملته على القطع بخلاف ما إذا جعلته صفة

١١٥٢ وقال الرماني الصفة إن كانت للاختصاص امتنع الوقف على موصوفها دونها وإن كانت للمدح جاز لأن عاملها في المدح غير عامل الموصوف

١١٥٣ الوقف على المستثنى منه دون المستثنى إن كان منقطعا فيه مذاهب الجواز مطلقا لأنه في معنى مبتدأ حذف خبره للدلالة عليه والمنع مطلقا لاحتياجه إلى ما قبله لفظا لأنه لم يعهد استعمال إلا وما في معناها إلا متصلة بما قبلها ومعنى لأن ما قبلها مشعر بتمام الكلام في المعنى إذ قولك ما في الدار أحد هو الذي صحح إلا الحمار ولو قلت إلا الحمار على انفراده كان خطأ والثالث التفصيل فإن صرح بالخبر جاز لاستقلال الجملة واستغنائها عما قبلها وإن لم يصرح به فلا لافتقارها قاله ابن الحاجب في أماليه

١١٥٤ الوقف على الجملة الندائية جائز كما نقله ابن الحاجب عن المحققين لأنها مستقلة وما بعدها جملة أخرى وإن كانت الأولى تتعلق بها

١١٥٥ كل ما في القرآن من القول لا يجوز الوقف عليه لأن ما بعده حكايته قاله الجويني في تفسيره

١١٥٦ كلا في القرآن في ثلاثة وثلاثين موضعا منها سبعة للردع إتفاقا فيوقف عليها وذلك عهدا كلا في مريم عزا كلا في مريم أن يقتلون قال كلا في الشعراء إنا لمدركون قال كلا في الشعراء شركاء كلا في سبأ أن أزيد كلا في المدثر أين المفر كلا في القيامة

والباقي منها ما هو بمعنى حقا قطعا فلا يوقف عليه ومنها ما احتمل الأمرين ففيه الوجهان   

وقال مكي هي أربعة أقسام

الأول ما يحسن الوقف فيه عليها على معنى الردع وهو الاختيار ويجوز الابتداء بها على معنى حقا وذلك أحد عشر موضعا اثنان في مريم وفي قد أفلح وسبأ واثنان في المعارج واثنان في المدثر أن أزيد كلا منشرة كلا وفي المطففين أساطير الأولين كلا وفي الفجر أهانن كلا وفي الهمزة أخلده كلا

الثاني ما يحسن الوقف عليها ولا يجوز الابتداء بها وهو موضعان في الشعراء أن يقتلون قال كلا إنا لمدركون قال كلا

الثالث ما لا يحسن الوقف عليها ولا الابتداء بها بل توصل بما قبلها وبما بعدها وهو موضعان في عم والتكاثر ثم كلا سيعلمون ثم كلا سوف تعلمون

الرابع ما لا يحسن الوقف عليها ولكن يبتدأ بها وهو الثمانية عشر الباقية

١١٥٧ بل في القرآن في اثنين وعشرين موضعا وهي ثلاثة أقسام

الأول ما لا يجوز الوقف عليها إجماعا لتعليق ما بعدها

٨٨

 بما قبلها وهو سبعة مواضع في الأنعام بلى وربنا في النحل بلى وعدا عليه حقا في سبأ قل بلى وربي لتأتينكم في الزمر بلى قد جاءتك في الأحقاف بلى وربنا في التغابن قل بلى وربي في القيامة بلى قادرين

الثاني ما فيه خلاف والاختيار المنع وذلك خمسة مواضع في البقرة بلى ولكن ليطمئن قلبي في الزمر بلى ولكن حقت في الزخرف بلى ورسلنا في الحديد قالوا بلى في تبارك قالوا بلى قد جاءنا

الثالث ما الاختيار جواز الوقف عليها وهو العشرة الباقية

 ١١٥٨ نعم في القرآن في أربعة مواضع في الأعراف قالوا نعم

فأذن والمختار الوقف عليها لأن ما بعدها غير متعلق بما قبلها إذ ليس من قول أهل النار والبواقي فيها وفي الشعراء قال نعم وإنكم إذن لمن المقربين وفي الصافات قل نعم وأنتم داخرون

والمختار لا يوقف عليها لتعلق ما بعدها بما قبلها لإتصاله بالقول ضابط

١١٥٩ قال ابن الجزري في النشر كل ما أجازوا الوقف عليه أجازوا الابتداء بما بعده

فصل في كيفية الوقف على أواخر الكلم

١١٦٠ للوقف في كلام العرب أوجه متعددة والمستعمل منها عند أئمة القراءة تسعة

السكون والروم والإشمام والإبدال والنقل والإدغام والحذف والإثبات والإلحاق

١١٦١ فأما السكون فهو الأصل في الوقف على الكلمة المحركة وصلا لأن معنى الوقف الترك والقطع ولأنه ضد الابتداء فكما لا يبتدأ بساكن لا يوقف على متحرك وهو اختيار كثير من القراء

١١٦٢ وأما الروم فهو عند القراء عبارة عن النطق ببعض الحركة وقال بعضهم تضعيف الصوت بالحركة حتى يذهب معظمها قال ابن الجزري وكلا القولين واحد ويختص بالمرفوع والمجزوم والمضموم والمكسور بخلاف المفتوح لأن الفتحة خفيفة إذا خرج بعضها خرج سائرها فلا تقبل التبعيض

١١٦٣ وأما الإشمام فهو عبارة عن الإشارة إلى الحركة من غير تصويت وقيل أن تجعل شفتيك على صورتها وكلاهما واحد ويختص بالضمة سواء كانت حركة إعراب أم بناء إذا كانت لازمة أما العارضة وميم الجمع عند من ضم وهاء التأنيث فلا روم في ذلك ولا إشمام وقيد ابن الجزري هاء التأنيث بما يوقف عليها بالهاء بخلاف ما يوقف عليها بالتاء للرسم ثم إن الوقف بالروم والإشمام ورد عن أبي عمرو والكوفيين نصا ولم يأت عن الباقين فيه شيء واستحبه أهل الأداء في قراءتهم أيضا وفائدته بيان الحركة التي تثبت في الوصل للحرف الموقوف عليه ليظهر للسامع أو الناظر كيف تلك الحركة الموقوف عليها

١١٦٤ وأما الإبدال ففي الاسم المنصوب المنون يوقف عليه بالالف بدلا من التنوين ومثله إذن وفي الاسم المفرد المؤنث بالتاء يوقف عليها بالهاء بدلا منها وفيما آخره همزة متطرفة بعد حركة أو ألف فإنه يوقف عليه عند حمزة بإبدالها حرف مد من جنس ما قبلها ثم إن كان الفا جاز حذفها نحو أقرأ ونبئ ويبدأ و إن امرؤ و من شاطئ و يشاء و من السماء و من ماء

١١٦٥ وأما النقل ففيما آخره همزة بعد ساكن فإنه يوقف عليه عند حمزة بنقل حركتها إليه فتحرك بهاء ثم تحذف هي سواء أكان الساكن صحيحا نحو دفء ملء ينظر المرء لكل باب منهم جزء بين المرء وقلبه بين المرء وزوجه يخرج الخبء ولا ثامن لها أم ياء أو واوا أصليتين سواء كانتا حرف مد نحو المسيء وجيء ويضيء أن تبوء لتنوء وما عملت من سوء أم لين نحو شيء قوم سوء مثل السوء

 ١١٦٦ وأما الإدغام ففيما آخره همز بعد ياء أو واو زائدتين فإنه يوقف عليه عند حمزة أيضا بالإدغام بعد إبدال الهمز من جنس ما قبله نحو النسيء و بريء و قروء

١١٦٧ وأما الحذف ففي الياءات الزوائد عند من يثبتها وصلا ويحذفها وقفا وياءات الزوائد وهي التي لم ترسم مائة وإحدى وعشرون منها خمس وثلاثون في حشو الآي والباقي في رؤوس الآي فنافع وأبو عمرو وحمزة والكسائي وأبو جعفر يثبتونها في الوصل دون الوقف وابن كثير ويعقوب يثبتان في الحالين وابن عامر وعاصم وخلف يحذفون في الحالين وربما خرج بعضهم عن أصله في بعضها

١١٦٨ وأما الإثبات ففي الياءات المحذوفات وصلا عند من يثبتها وقفا ٨٩

٨٩

نحو هاد و وال و واق و باق

١١٦٩ وأما الإلحاق فما يلحق آخر الكلم من هاءات السكت عند من يلحقها في عم و فيم و بم و لم و مم والنون المشددة من جمع الإناث نحو هن و مثلهن والنون المفتوحة نحو العالمين و الذين و المفلحون والمشدد المبني نحو ألا تعلو علي و خلقت بيدي و مصرخي و لدي قاعدة

١١٧٠ أجمعوا على لزوم اتباع رسم المصاحف العثمانية في الوقف إبدالا وإثباتا وحذفا ووصلا وقطعا إلا أنه ورد عنهم اختلاف في أشياء بأعيانها كالوقف بالهاء على ما كتب بالتاء وبإلحاق الهاء فيما تقدم وغيره وبإثبات الياء في مواضع لم ترسم بها والواو في ويدع الإنسان يوم يدع الداع سندع الزبانية و يمح اللّه الباطل والالف في أيه المؤمنون أيه الساحر أيه الثقلان وتحذف النون في كأين حيث وقع فإن أبا عمرو يقف عليه بالياء ويوصل أياما في الإسراء و مال في النساء والكهف والفرقان وسأل وقطع ويكأن ويكأنه و ألا يسجدوا ومن القراء من يتبع الرسم في الجميع